الإثنين, مارس 31, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالفساد في المنطقة المغاربية.. تقارير دولية تكشف التحديات والإخفاقات

الفساد في المنطقة المغاربية.. تقارير دولية تكشف التحديات والإخفاقات


جددت منظمة الشفافية الدولية، في تقريرها السنوي لمؤشر مدركات الفساد لعام 2024، تسليط الضوء على المنطقة المغاربية، مسلطةً الضوء على استمرار تحديات الشفافية والمساءلة في ظل تفاوت واضح بين دول الجوار. فبينما تحاول بعض الدول تحقيق تقدم متواضع، لا تزال أخرى تراوح مكانها، بل وتتراجع في التصنيف، مما يعكس صعوبة تحقيق إصلاحات جوهرية في هذا الملف الحساس.

المغرب.. جمود في الترتيب رغم الوعود الإصلاحية

حلّ المغرب في المرتبة الثانية مغاربيًا، حيث جاء في المركز 99 عالميًا و20 إفريقيًا، وهو ترتيب لم يشهد تحسنًا ملموسًا رغم تعهدات الحكومة التي يقودها رجل الأعمال عزيز أخنوش بإصلاح شامل في مجال الحكامة ومحاربة الفساد. وبرغم وضع المغرب كنموذج للاستقرار في المنطقة، فإن الأرقام تكشف عن تحديات في مسار تعزيز الشفافية وتفعيل آليات المحاسبة.

ورغم سلسلة من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية التي تم تبنيها خلال السنوات الأخيرة، لا تزال المملكة تواجه صعوبة في إحداث تحول ملموس، إذ لم يسجل التقرير أي تقدم يذكر، مما يعكس، وفق متابعين، فجوة بين الخطط الرسمية والواقع العملي لتطبيقها.

ويأتي التقرير في سياق سياسي لافت، عقب إعفاء محمد بشير الراشدي من رئاسة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وهو الذي سبق أن حذّر من “ضعف الإرادة السياسية” و”المقاومة الصامتة داخل الإدارات” التي تعرقل الجهود المبذولة لتجفيف منابع الفساد. وكان الراشدي قد كشف سابقًا عن رفع الهيئة لتقارير مفصلة حول الصفقات العمومية، وتضارب المصالح، واستغلال العقار، لكن دون تفاعل حكومي جاد، وهو ما وصفه بـ”الاختلال البنيوي” في مقاربة الدولة لهذا الملف.

دول الجوار.. تفاوت في الترتيب وصعوبات مشتركة

على المستوى الإقليمي، جاءت تونس في المرتبة الأولى مغاربيًا، محتلةً المركز 82 عالميًا و15 إفريقيًا. ورغم هذا التقدم النسبي، فإن مراقبين يرون أن الوضع في تونس لا يعكس بالضرورة تحسنًا في مناخ الشفافية، بل استقرارًا هشًا في ظل توترات سياسية تؤثر على أداء مؤسسات الرقابة والإعلام.

أما الجزائر، فقد احتلت المركز 107 عالميًا و21 إفريقيًا، متراجعة مقارنة بالسنوات السابقة، مما يثير تساؤلات حول مدى فاعلية تعهدات الحكومة بمحاربة “المال الفاسد” منذ حراك 2019. ويرجع هذا التراجع، بحسب التقرير، إلى غياب استقلالية القضاء، وضعف الشفافية في التدبير العمومي، وتضييق الحريات، مما أدى إلى تآكل الثقة العامة في جهود مكافحة الفساد.

وفي ليبيا، استمر الوضع معقدًا، حيث حافظت البلاد على ترتيبها المتأخر بفعل الانقسامات السياسية والمؤسساتية التي جعلت منها بيئة خصبة لانتشار الفساد المنظم، في ظل غياب رقابة فعلية على المال العام.

أما موريتانيا، فقد جاءت في المرتبة الأخيرة مغاربيًا، محتلةً المركز 130 عالميًا و30 إفريقيًا، مسجلةً تراجعًا مقارنة بالعام الماضي. وأرجع التقرير هذا التراجع إلى تفشي الزبونية، واستمرار الإفلات من العقاب، وغياب المحاسبة الجدية في قضايا الفساد الكبرى، ما أدى إلى تصاعد الشكوك الشعبية حول جدوى الإصلاحات المعلنة.

إفريقيا.. تفاوت واضح بين التقدم والتراجع

إفريقيًا، لا تزال القارة تعاني من تحديات الفساد، حيث كشف التقرير أن أكثر من ثلثي الدول الإفريقية سجلت أقل من 50 نقطة على مقياس الشفافية.

إلا أن بعض الدول الإفريقية أظهرت تقدمًا ملحوظًا بفضل سياسات فعالة في تدبير المال العام، حيث احتلت سيشل صدارة الدول الإفريقية (18 عالميًا)، تليها الرأس الأخضر (35 عالميًا)، ثم بوتسوانا ورواندا (43 عالميًا)، وهي دول اعتمدت على استقلال القضاء وتعزيز الشفافية ومشاركة المجتمع المدني في مكافحة الفساد.

تحذيرات دولية من تآكل الإرادة السياسية لمكافحة الفساد

في استنتاجاتها، حذرت منظمة الشفافية الدولية من أن مكافحة الفساد على المستوى العالمي فقدت زخمها، مشيرةً إلى أن العديد من الحكومات لم تعد تعطي الأولوية لهذا الملف، خاصة بعد أزمة كوفيد-19 والتقلبات الاقتصادية والسياسية.

كما أشار التقرير إلى تنامي ما وصفه بـ”الفساد المقنن”، المتمثل في تضارب المصالح، وغموض مصادر التمويل السياسي، واستغلال النفوذ، وهو ما يهدد الديمقراطية ويقوض ثقة المواطنين في المؤسسات العامة.

وبالنسبة للمغرب، فإن التحدي الأكبر لم يعد فقط في تحسين ترتيبه في التقارير الدولية، بل في إعادة بناء الثقة الداخلية عبر تفعيل آليات المساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بما يضمن تحقيق إصلاحات حقيقية تتجاوز الإطار النظري إلى التطبيق الفعلي، وإلا فإن خطر “الفساد البنيوي” سيظل قائمًا، مما يعيق أي تحول ديمقراطي أو تنموي مستدام.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات