تقدم الفريق الحركي بمجلس النواب بطلب يقضي بإحداث مجموعة عمل موضوعاتية مؤقتة، وبشكل مستعجل، حول تقييم منظومة وبرامج التشغيل بالمملكة، مقترحا استدعاء مختلف القطاعات الحكومية المعنية والجهات ذات الصلة بالموضوع.
وطالب الفريق بإحداث هذه المجموعة الموضوعاتية المؤقتة “تُسندُ إليها مهمة تقييم منظومة وبرامج التشغيل ببلادنا؛ بالنظر إلى ما يكتسيه هذا الملف من أهمية قصوى على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، خصوصا في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه سوق الشغل”.
كما الفريق ذاته استحضر “كثرة البرامج الحكومية التي تم إطلاقها تحت مجموعة من العناوين والشعارات، مثل: انطلاقة، فرصة، أوراش، تأهيل، تحفيز، إدماج، جسر التكوين والريادة، الموجهة للتشغيل، ولاسيما لفائدة فئة الشباب”.
وجاء ضمن الطلب الذي تقدم الفريق الحركي بمجلس النواب إلى رئيس الغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية: “إن الحاجة إلى تقييم السياسة الحكومية في هذا المجال تكتسي طابعا ملحا على اعتبار أن قضية التشغيل شكلت أحد الوعود الكبرى التي التزمت بها الحكومة في برنامجها الحكومي، مقابل هزالة النتائج المحققة إلى حد الآن، والتي مع الأسف لا ترقى إلى مستوى انتظارات الشعب المغربي، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة التي بلغت وفق المندوبية السامية للتخطيط مستويات مقلقة”.
وحسب المصدر نفسه دائما، فإن هذا الواقع “يفرض مساءلة نجاعة هذه البرامج التي رصدت لها أغلفة مالية ضخمة مقابل هزالة النتائج على الاقتصاد الوطني وسوق الشغل وأثر شبه منعدم على حياة المواطنات والمواطنين، بسبب غياب رؤية متكاملة وضعف الحكامة في تدبير هذه البرامج؛ بل إن بعضها لم تتجاوز مستوى التجريب، أو بقيت حبيسة عراقيل إدارية وتنظيمية، مما يحتم ضرورة تقييم حصيلتها بموضوعية وبمنهجية تعتمد على مؤشرات دقيقة تقيس الأثر الفعلي لها على منظومة التشغيل”.
وأوضح أيضا أن “الهدف من إنشاء مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة لتقييم منظومة التشغيل ليس فقط لمساءلة الحكومة حول مدى وفائها بالتزاماتها السابقة بهذا الخصوص وبتعهّدها الذي يقضي بجعل ما تبقى من ولايتها مخصصة لقضية التشغيل”، لافتا إلى أن هذه المجموعة “ستشكل فضاء وفرصة للنقاش الجاد والمسؤول حول مستقبل هذه البرامج، واستشراف مدى قدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة في ظل المؤشرات الاقتصادية الراهنة”.
كما حاجَج الفريق ذاته بأنه “على الرغم من أن الحكومة قدّمت هذه البرامج على أنها حلول مبتكرة لإنعاش الشغل ومعالجة أزمة البطالة، فإن الواقع يكشف عكس ذلك، خاصة في ظل فقدان مناصب الشغل وإفلاس العديد من المقاولات والارتفاع غير المسبوق في للبطالة؛ مما يعني فشل سياسة التشغيل المعتمدة من طرف الحكومة، إلى درجة انتباه رئيس الحكومة نفسه إلى ذلك، إذ وعد بتخصيص ما تبقى من الزمن الحكومي لقضية التشغيل وجعلها أولوية وطنية”.
إلى ذلك، تمسّك الحركيون داخل مجلس النواب بكون قضية التشغيل “لا يمكن أن تُختزل في برامج موسمية ذات بعد استهلاكي مؤقت؛ بل تتطلب استراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار التحولات العميقة في سوق العمل، وتربط بين التعليم والتكوين والتشغيل وفق مقاربة شمولية ومستدامة”.
وكانت الحكومة قد تفاعلت مع النقاش المثار حول هذا الموضوع بإصدار رئيسها، عزيز أخنوش، في نهاية فبراير الماضي، منشورا يتعلق بتنزيل خارطة الطريق لتنفيذ السياسة الحكومية في مجال التشغيل، تم ضمنه اعتبار هذه المسألة “أولوية وطنية كبرى؛ بالنظر إلى دورها الأساسي في صون كرامة المواطن، وضمان العيش الكريم للأسر، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنشدها المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس”.
وبيّن المنشور نفسه “عزمَ الحكومة على المضي قدما في تنفيذ سياستها الرامية إلى الحد من تفشي البطالة وتوفير الشغل اللائق، واضعة أهدافا قريبة ومتوسطة المدى؛ من بينها تقليص معدل البطالة إلى 9 في المائة، وإحداث 1,45 مليون منصب شغل إضافي بحلول عام 2030، شريطة عودة التساقطات المطرية إلى مستوياتها العادية”.
كما لفت إلى “إعداد خارطة طريق متكاملة لتنفيذ السياسة الحكومية في مجال التشغيل، عبر ثماني مبادرات رئيسة، تتمثل أولاها في إنعاش استثمار المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، من خلال تفعيل مقتضيات ميثاق الاستثمار ودعم المشاريع التي تتراوح قيمتها ما بين 1 و50 مليون درهم “(..). أما ثانية هذه المبادرات فتهمّ، وفق المصدر نفسه، “تمكين المقاولات من الاستفادة من برامج الدعم (..)؛ مما سيمكن من إحداث 422 ألفا و500 منصب شغل في بحلول 2025”.
وأشار المنشور الحكومي ذاته إلى مبادرات أخرى حول الملف نفسه تستهدف تقليص فقدان مناصب الشغل في القطاع الفلاحي ودعم ولوج النساء إلى سوق الشغل، إلى جانب تقليص الهدر المدرسي إلى 200 ألف تلميذ بحلول 2026، ثم إحداث وحدة متخصصة في جمع وتحليل المعطيات المرتبطة بالتشغيل.