تصاعدت حدة الجدل بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي والجمعيات المعنية بمحاربة الفساد، بعدما شدد الوزير على رفضه القاطع لأي تعديل قانوني يمنح هذه الجمعيات حق مقاضاة المسؤولين والمنتخبين، مؤكدًا ذلك بقسمه في جلسة العدل والتشريع عن عدم السماح بذلك.
في المقابل، لم يتأخر رد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، على وهبي، معتبرًا أن “إحتلال أحزابهم للمرتبة الاولى والحصول على أكبر عدد من المقاعد في اطار التطاحن على حكومة المونديال لن تحصل إلا بترشيح وتزكية من فاحت رائحتهم فسادا من اسكوبارات المخدرات وتبييض الاموال”.
في تدوينة على حسابه في “فيسبوك”، اعتبر الغلوسي أنهم “يهاجمون جمعيات حماية المال العام وينادون بقطع رأسها ويتطاولون على صلاحيات وأدوار النيابة العامة، لأنهم يدركون جيدا أن إحتلال أحزابهم للمرتبة الاولى والحصول على أكبر عدد من المقاعد في اطار التطاحن على حكومة المونديال لن تحصل إلا بترشيح وتزكية من فاحت رائحتهم فسادا من اسكوبارات المخدرات وتبييض الاموال”.
مضيفا: “أولئك الذين يوزعون الاموال يمينا وشمالا وهم المتحكمون الحقيقيون في أحزابهم التي لم يعد لها أي قرار وتحولت إلى متاجر توزع الغنائم والمناصب والوظائف والتزكيات وكل أشكال الريع والفساد”.
وزاد الغلوسي في رده على وهبي، “لذلك سمعنا اصوات الشناقة والسماسرة تسارع الخطى دون حشمة لتأسيس جمعية خاصة لحمايتهم من الإبتزاز وهم يتفرغون بكل أريحية وبعيدا عن ضجيج الجمعيات لاستغلال مواقع المسؤولية لتعميق الفساد والإثراء غير المشروع وتضارب المصالح وابتزاز المجتمع برمته في مستقبله وإجهاض أحلامه في التنمية والعدالة”.
وكان وهبي قد قسم بالله خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع على رفضه المطلق لتعديل المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية، التي تمنح الجمعيات الحق في رفع دعاوى ضد المسؤولين.
وأكد أنه “قد يصوم ثلاثة أيام فقط” إذا كان التعديل معقولًا، مستشهدًا بالتشدد الذي أبدته إسبانيا في منع الجمعيات من التقدم بشكاوى ضد المسؤولين.
وكشف الوزير أرقامًا للفترة بين 2021 و2024، حيث تلقت النيابة العامة 106 شكاوى من جمعيات حول قضايا اختلاس وتبديد أموال، تم حفظ 31 منها، بينما بقيت 61 قيد البحث، و8 قيد التحقيق، وأحيلت 8 أخرى إلى المحاكم، أما بخصوص رؤساء الجماعات، فقد تلقت النيابة العامة 259 شكوى بين 2020 و2024، حفظت منها 112، بينما لا يزال 132 ملفًا قيد البحث، وأحيل 5 فقط إلى القضاء.
وهبي لم يكتفِ برفض تعديل القانون، بل هاجم بعض الجمعيات، متهمًا إياها بالتشهير واستهداف مسؤولين دون أدلة كافية، مما يؤدي إلى تدمير سمعتهم سياسيًا واجتماعيًا، كما تساءل عن جدوى وجود النيابة العامة والقضاء إذا كانت الجمعيات ستتولى دور محاربة الفساد بنفسها، لافتًا إلى أن بعض هذه الجمعيات تدار بطريقة عائلية، حيث يتقلد الأب منصب الرئيس، بينما زوجته وابنته يشغلن مواقع المسؤولية داخلها.
وذهب الوزير أبعد من ذلك، حين كشف عن نيته إحالة بعض رؤساء الجمعيات إلى القضاء، متسائلًا عن مصدر ثرواتهم، حيث قال: “بعض رؤساء الجمعيات لا يعملون، لكنهم يمتلكون سيارات أفضل من سيارة رئيس الحكومة، وفيلات فاخرة، فمن أين يحصلون على هذه الأموال؟”.
وشدد وهبي بالتأكيد على أن الفساد لا يُحارب بالشعارات أو الاعتقالات العشوائية، بل عبر إجراءات قانونية واضحة ودقيقة، محذرًا من خطورة استغلال القوانين في تصفية الحسابات السياسية، ما قد يؤدي إلى نتائج كارثية على المدى البعيد.