تشهد مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء المغربية، منذ مدة ليست بالقصيرة، ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار، مما أثار استياء المواطنين الذين أصبحوا يواجهون تحديات كبيرة في تأمين احتياجاتهم اليومية. ولم يكن شهر رمضان المبارك استثناء من هذه الزيادات التي يعتبرها المواطنون “غير مبررة”، بل زادت الأسعار بشكل مهول مع بداية هذا الشهر الفضيل لتتفاقم معها معاناة ساكنة المدينة.
ويؤكد العديد من المواطنين في مدينة العيون في تصريحات متطابقة لجريدة” العمق”، أن الأسعار بدأت في الارتفاع تدريجيا خلال الأشهر الماضية، ولكنها أصبحت أسوأ مع بداية شهر رمضان، حيث شهدت أسعار المواد الأساسية مثل البيض، والخضر والفواكه واللحوم والأسماك، ارتفاعا “غير مسبوق”.
وتعتبر الزيادة في أسعار المواد الغذائية إحدى أكثر القضايا التي تثير القلق في مدينة العيون. “كان رمضان هذا العام مختلفا تماما، الأسعار ارتفعت بشكل جنوني، ولا أستطيع شراء ما أحتاجه”، يقول سعيد، أحد سكان المدينة، معبرا عن إحباطه من تزايد الأعباء الاقتصادية التي تلاحق الأسر المتوسطة والفقيرة في المدينة.
يضاف إلى ذلك أن هناك شكاوى من أن العديد من التجار يستغلون شهر رمضان لرفع الأسعار بشكل غير مبرر، وهو ما يزيد من المعاناة. فاللحوم الحمراء، على سبيل المثال، أصبحت تتجاوز قدرة العديد من الأسر الشرائية، مما جعلها تتحول إلى رفاهية لا يستطيع الجميع تحملها.
ولم يقتصر الاستياء على المواطنين فقط، بل كان للعديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وجمعيات حقوقية دور في التعبير عن انزعاجهم من هذه الظاهرة، مطالبين السلطات المحلية باتخاذ إجراءات فاعلة للحد من الارتفاع المستمر في الأسعار.
وفي هذا السياق، وجه رئيس الفرع الجهوي العيون الساقية الحمراء لفيدرالية الناشرين، سيدي السباعي، نداء إلى السلطات المحلية المعنية بمراقبة الأسواق بالعيون من أجل التدخل العاجل لحماية القدرة الشرائية الساكنة والمواطنين في ظل ما وصفه بـ”الجشع” واستغلال الإقبال المتزايد على المواد الغذائية الأساسية بمناسبة حلول شهر رمضان، وشدد على ضرورة تفعيل الرقابة خاصة عملية ضبط الأسعار على غرار باقي مدن المملكة.
وأضاف المتحدث ذاته، أن القدرة الشرائية لساكنة العيون “في خطر”، مستغربا من غياب الرقابة والمسؤولين عن حماية المواطن والمستهلك مما وصفه بـ”جشع وتوحش التجار المفترسين”، وتساءل عن أين توحيد الأسعار وتسقيفها حماية لدراويش هذا الشعب المغلوب على أمره، وفق تعبيره.
وقال رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المستهلك بالعيون، لميسي عبدالناصر، إن الجمعية راسلت والي الجهة قبل حلول شهر رمضان الكريم من أجل التدخل بشكل مباشر لحماية القدرة الشرائية للمستهلكين.
وأكد لميسي في تصريح لجريدة “العمق”، أن التعليمات الملكية في هذا الصدد واضحة، وهي تهدف إلى محاربة المحتكرين والمضاربين في الأسعار بهدف ضمان استقرار القدرة الشرائية للمواطنين، منبها إلى أن الجمعية سجلت ارتفاعا ملحوظا في أسعار اللحوم والدواجن والأسماك والخضراوات، ومشيرا إلى أن الجمعية تواصلت مع الجهات المعنية لاتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة هذا الوضع.
وفي السياق ذاته، كشف رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المستهلك بالعيون، أنه سيتم عقد لقاء اليوم الاثنين مع والي الجهة لمناقشة سبل محاربة المحتكرين وتفعيل دور اللجنة المختلطة التي تقوم بجهود كبيرة في هذا المجال. وأوضح أن الاجتماع سيكون فرصة لتقديم مجموعة من الملاحظات التي تم تسجيلها في اليوم الأول من رمضان بخصوص الارتفاع المبالغ فيه في الأسعار.
من جهة أخرى، دعا رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المستهلك المواطنين إلى ضرورة التريث وعدم التهافت على الأسواق، مؤكدا أن هذا السلوك هو سبب مباشر لارتفاع الأسعار. وأشار إلى أن تقنين التبضع والتروي في الشراء سيؤثر بشكل إيجابي على استقرار الأسعار ويعزز القدرة الشرائية للمستهلكين.
وكانت الجمعية قد وجهت مراسلة لوالي جهة العيون تدعوه فيها إلى تكثيف دوريات الرقابة ومحارية المحتكرين والمضاربين في الأسعار وتوفير السلع الغذائية والمحافظة على تحقيق مزيدا من الانضباط في الأسواق حماية للقدرة الشرائية للمستهلك، عقب توصلها بشكايات من طرف المستهلكين حول ارتفاع أسعار في جميع المواد الأساسية الغذائية واللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك والخضروات، داعية الوالي لإعفاء مؤقت لقطاع اللحوم الحمراء من رسوم الذبح وكذلك الخضروات كأول خطوة استثنائية بالإقليم من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك.
وشددت مراسلة الجمعية على ضرورة الحرص على زيادة التموين الداخلي للسوق واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والتنظيمية بغاية تأمين أفضل الظروف المتعلقة بتسويق مختلف المنتجات والخدمات التي يتزايد عليها الطلب خلال شهررمضان، والسهر على حسن توزيع المواد الغذائية واللجوء إلى تطبيق المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة في حالة عدم انخفاض الأسعار بالرغم من وفرة السلع.
ودعت الهيئة ذاتها في مراسلتها التي وجهتها لعامل إقليم العيون آواخر يناير الماضي، إلى تشديد إجراءات المراقبة على نقط البيع بالجملة والتقسيط على حد سواء تفاديا لكافة اشكال الاحتكار وللممارسات التجارية وتطبيق القانون على المخالفين لعدم احترام معايير جودة المنتجات الغذائية تماشيا مع القانون 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية حماية للمواطنين من الخداع والتدليس والتي من شأنها اأن تلحق أضرارا صحية ومادية للمستهلك مع مراعاة القدرة الشرائية الأسر المعوزة وذات الدخل المحدود بصفة خاصة.