بعد هدوء زوبعة الجدل التي أثارتها نتيجة سوء الفهم، شرعت عملية التسوية الجبائية الطوعية في الكشف عن نتائجها الإيجابية، بحيث أكدت معطيات رسمية أن العملية ضخت 127 مليار درهم في النظام البنكي المغربي، كما مكنت الخزينة العامة للدولة من عائدات ضريبية تقدر بـ6 مليار درهم.
وكانت المديرية العامة للضرائب قد حثت، خلال الأيام الأخيرة من سنة 2024، “الأشخاص الذين لم يصرحوا سابقا بدخولهم أو ممتلكاتهم على تسوية أوضاعهم عبر التصريح وأداء 5 في المئة من قيمة الأموال أو الممتلكات غير المصرح بها”، وذلك في إطار الإجراء المتعلق بالتسوية الطوعية للوضعية الجبائية للخاضعين للضريبة، والتي تم إعادة العمل بها بموجب قانون المالية لسنة 2024.
بعد الأجل المحدد بعدة أيام، أفاد الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال الندوة الصحافية التي تعقب اجتماع مجلس الحكومة الخميس الماضي، بأن هذا التطور الإيجابي للموارد الضريبية مكن من تغطية الزيادة في النفقات الإجمالية بمقدار 22.2 مليار درهم، أي بزيادة نسبتها 5.5 في المئة مقارنة مع عام 2023.
ومن جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي، إدريس الفينة، أن العفو الضريبي الذي تم اعتماده في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2024 مكن من تعبئة 127 مليار درهم، وهو رقم يمثل حوالي 6,8 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي الوطني. مُشيراً إلى أنه من المتوقع أن تكون لهذه الخطوة تأثيرات كبيرة على الاقتصاد، خاصة من خلال تحفيز الطلب الإجمالي وتعزيز المالية العامة للدولة.
واعتبر الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي أن “التحليلات تشير إلى أن هذه العملية ستساهم في زيادة الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 3,74 في المئة، وذلك بفضل إعادة تخصيص جزئي للأموال نحو الاستهلاك والاستثمار”.
كما ستساهم هذه العملية في تعزيز إدماج جزئي للاقتصاد غير المهيكل في النظام الرسمي، مما سيؤدي إلى توسيع القاعدة الضريبية للدولة وتقديم آفاق إيجابية على المدى الطويل.
وفي الوقت ذاته، يجمع مراقبون على أن من أهم إيجابيات هذا التدبير هو الحد من تداول “الكاش”، الذي بات واحداً من المشاكل الهيكلية التي تعاني منها المنظومة الاقتصادية المغربية، وذلك عبر ضخ سيولة هامة في النظام البنكي في إطار التصريح بالممتلكات، والذي هم بشكل أكبر مبالغ متداولة نقداً.
وفي المقابل، لفت الفينة إلى أنه ومع ذلك، “يظل تأثير هذه العملية مؤقتًا في جوهره، مما يتطلب إدارة فعالة للأموال المحصلة لضمان أثر دائم على الاقتصاد المغربي”.
وأضاف رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية، أنه من المرجح أن يظل جزء كبير من الأموال التي تمت تسويتها مجمداً أو موجهاً نحو استثمارات مالية، مما سيحد من تأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي.
كما ينتظر أن يؤدي العفو الضريبي، إلى ضغط معتدل على الأسعار، مما سيؤدي إلى ارتفاع التضخم بنسبة 1,12 في المئة. ويُفسر هذا التضخم المحدود بالامتصاص الجزئي للطلب المتزايد عبر القدرات الإنتاجية الحالية، بالإضافة إلى تركيز الأموال في قطاعات معينة.