فجرت زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، اليوم الأربعاء، فضيحة تتعلق بإهدار المال العام من خلال تنفيذ دراسات تقنية غير مجدية من قبل الجماعات الترابية ومؤسساتها، والتي كلّفت خزينة الدولة أكثر من 10.4 مليار سنتيم دون أن تسفر عن أي مشاريع تجهيز.
وأكدت العدوي خلال تقديم العدوي لعرض حول أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم الفترة 2023-2024، أمام جلسة عمومية مشتركة لغرفتي البرلمان، أن الجماعات الترابية وهيئاتها أنجزت بين عامي 2019 و2023 حوالي 8007 دراسات تقنية، عبر 1394 صفقة عمومية بقيمة تجاوزت 731.63 مليون درهم، بالإضافة إلى 6613 سند طلب بقيمة 435.43 مليون درهم.
هذه الدراسات شملت مجالات متعددة، أبرزها الطرق والمسالك بنسبة 32%، والتأهيل الحضري وتأهيل المرافق الجماعية بنسبة 22%، والبنايات بنسبة 17%، والربط بالماء الصالح للشرب بنسبة 10.2%.
وأوضحت العدوي أن المجالس الجهوية للمجلس الأعلى للحسابات رصدت العديد من الاختلالات في تدبير هذه الدراسات، بداية من عدم الدقة في تحديد المشاريع المستهدفة ومكوناتها، مروراً بالكلفة التقديرية قبل الإعلان عن طلبات العروض.
وأشارت إلى أن عملية اختيار مكاتب الدراسات تعاني من نقائص تتعلق بمعايير غير موضوعية تؤثر على المنافسة، مثل اشتراط شواهد غير متعلقة بموضوع الدراسة.
كما سلطت العدوي الضوء على تركيز الطلبيات العمومية على عدد محدود من مكاتب الدراسات، حيث استحوذت نسبة صغيرة من المكاتب على النصيب الأكبر من العقود.
وأفادت أن 7% فقط من المكاتب حصلت على 34% من الصفقات من حيث العدد، و33% من حيث القيمة المالية.
أما بالنسبة لسندات الطلب، فقد استفادت 2% فقط من المكاتب من 24% من الطلبات من حيث العدد والمبلغ.
وأشارت العدوي إلى إشكالية غياب آليات فعّالة لمراجعة مخرجات الدراسات التقنية ومدى مطابقتها للمواصفات المنصوص عليها في دفاتر التحملات. كما أضافت أن العديد من مكاتب الدراسات المتعاقد معها لا تتابع تنفيذ المشاريع التي قامت بدراستها، مما يؤدي إلى هدر الوقت والمال.
كما لوحظ تباين كبير بين الجهات في نسب تنفيذ المشاريع الناتجة عن هذه الدراسات، حيث تراوحت النسب في أربع جهات ما بين 54% و92%، بينما لم تتجاوز 44% في جهات أخرى.
الأدهى من ذلك، كشفت العدوي أن بعض الدراسات تم إنجازها بكلفة 10.4 مليار سنتيم دون أن يتمخض عنها أي مشروع على أرض الواقع.
وفي ضوء هذه النتائج، أوصت العدوي بتعزيز الموارد البشرية بالجماعات الترابية، خاصة في المناطق القروية، لضمان تدبير فعال للطلبيات العمومية.
كما دعت إلى اعتماد معايير موضوعية وقابلة للقياس في اختيار مكاتب الدراسات، إلى جانب تحديد دقيق لمخرجات الدراسات وآجال تنفيذها بما يتناسب مع طبيعتها.
ويشكل هذا التقرير جرس إنذار للمسؤولين والمؤسسات المعنية بضرورة مراجعة طرق تدبير الدراسات التقنية والطلبيات العمومية، بهدف الحفاظ على المال العام وتحقيق تنمية مستدامة قائمة على التخطيط المدروس والتنفيذ المحكم.