
من باريس/ بقلم: الدكتور محمد محاسن
إنما الرضى بقضاء الله وحكمه عاجلِه وآجله من الإيمان، فهو سبحانه إن أمهلَ لا يهمل.
أما قضاء البشر، فلا رجاء فيه، وهو أبعد عن نور العدل، وأقرب من حُلكة الجور، لبعده عن الاستقلالية الفعلية التي تبقى مجرد حبر على ورق خاصة عندما تنضاف إلى تبعية الدولة ومؤسساتها وإداراتها تبعية حزبية تتضارب فيها المصالح وتسود فيها الزبونية والمحسوبية ونهج “غطي عليا نغطي عليك” فيصبح القانون بالنسبة لهم إنما وجد لكي يُخرق ويصبح بدلا من إحقاق الحق ولو على نفسه يبحث عن مبررات الإجهاز عليه وخرقه..
ومما يزيد الطين بلة -وخاصة فيما يتعلق بالقانون الإداري- الجهل المطبق بالنظم الأساسية للقطاعات و الاكتفاء بالرجوع الى قانون الوظيفة العمومية لتبرير الأحكام في تغاض عن خصائص أخرى دقيقة تعتبر بمثابة قوانين، فيكون العمى سيد الأحكام تضيع الحقوق مع غياب الكفاءة وانعدام الضمير.
إن كُتب عليك اللجوء إليه -ومهما يكن من أمره فمارِس حقك في ذلك- واجعل منه ، المرة تلو الأخرى، مناسبة لاختباره، واعتبر كل خطوة تجربةً جديدة عساها تأتيك بالجديد، فتتبين ما قد يطرأ من تغير في أحواله : أمِن سيء إلى أسوء، أو من سيء إلى حسَن، أو من حسن إلى أحسن؛ واستعدَّ وتهيء دائما لتلقي ما يؤكد الواقع المر في أغلب الأحوال والأحيان، واستخلص الدروس والعبر وارغب في عدالة القاضي الأكبر سبحانه وتعالى توكل عليه فهو حسبك.
واعلم أن عدالة الله تأخذ مجراها، لأن الله غير غافل عما يفعلون؛ وتمعن في حالك وأحوال الظالمين، فستجد أن الله أكرمك وعوضك أضعاف ما يمكن أن ترجوه من مطالبتك بحقوقك المهضومة قبل أن يحكموا بالباطل، وأنه تعالى جازاهم بسوء ما عملوا شر الجزاء في مناصبهم فلا الوزير يبقى وزيرا، ولا الرئيس يبقى رئيسا، ولا المدير يبقى مديرا… والآخرون يلحقون بهم، وفي صحتهم وفي نسلهم وأموالهم فيُريهم الله آياته في حياتهم الدنيا قبل مثولهم بين يديه يوم الحساب فيجزون الجزاء الأكبر. فصبر جميل..!
للتأمل : ومن العجب أن بعض الجور يصدر في ليلة القدر في أبرك يوم من أكرم شهر. فالله نسأل وهو خير مجيب لدعوة الداعي إذا دعاه، أن لا يرد دعوة مظلوم ودعوة المظلومين. ونعم بالله.