لم تخلُ جلسة الأسئلة الشفهية لمجلس النواب، الإثنين، من بَسْط وزارة العدل آخر الإحصائيات المتعلقة بالطلاق في المغرب، حيث أفادت بأن “عدد حالات ‘الطلاق الرجعي’ بلغت سنة 2023 حوالي 341 حالة، وفي المقابل بلغ مجموع حالات ‘الطلاق الاتفاقي’ حوالي 24.162 حالة سنة 2023 من أصل 249.089 رَسم زواج مسجل خلال السنة المذكورة”.
جاءت هذه الأرقام على لسان الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، الذي كان يُجيب بالنيابة عن وزير العدل عبد اللطيف وهبي، عن سؤال شفهي حول “ظاهرة الطلاق والإجراءات المتخذة لمعالجتها”، طرحه الفريق الحركي بمجلس النواب.
وقال المسؤول الحكومي إن “الوزارة الوصية تعمَل على تحقيق رغبة حماية الأسرة من التشتت والمحافظة على كيانها”، مستحضرا ما نصّت عليه “مدونة الأسرة بإلزامية القيام بمحاولة الصلح بين الزوجيْن، حيث يَستعين القاضي أثناء مسطرة الصلح بانتداب الحَكمَيْن، ثم بعد ذلك مجلس العائلة وصولاً إلى دور المجالس العلمية التي يمكن الاستعانة بها في هذا الصدد في إطار المنشور عدد 24-2 الصادر سنة 2010″، وزاد: “كما أن المحكمة لا تأذن بالإشهاد على الطلاق إلا بعد استيفاء الإجراءات القضائية المتعلقة بإصلاح ذات البين بين الزوجين وإعلانها محاولة فشل الصلح”.
وعدّد بايتاس مصفوفة من إجراءات وآليات عمل وزارة العدل على الحد من ظاهرة ارتفاع الطلاق، والمساهمة في بناء أسرة سليمة والحفاظ على كينونتها، ذاكرًا بالتخصيص “دور مكاتب المساعدة الاجتماعية بالمحاكم المختصة في حَل هذه الخلافات، وتدارس أفضل السبل لإقرار منظومة متكاملة للوساطة الأسرية على مستوى أقسام قضاء الأسرة”، مردفا بأنه “قبل الوصول إلى المحكمة يَلزم تعزيز التوعية والتحسيس بأهمية التأهيل المسبَق للحياة الزوجية”.
وفي تفاعله مع تعقيب النائبة الحركية فدوى محسن الحياني ردَّ المسؤول ذاته: “لا أتفقُ مع قراءتكم لأسباب الطلاق؛ فهي تظل متعددة ومتنوعة ومتشعّبة… ولعل القضايا المرتبطة بما هو قِيمي تبقى أكثر تأثيرا من عوامل أخرى، من أبرزها تَمثُّل مفهوم الأسرة في المجتمع المغربي”، معتبرا أن “الموضوع يحتاج نقاشاً مجتمعياً وقيمياً موسعاً ولا يسعُه توقيت الإجابة فقط عن سؤال شفهي بالبرلمان…”، بتعبيره.
تنفيذ تعويضات ضحايا حوادث السير
شهدت الجلسة العمومية ذاتها إثارةَ الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب إشكالية “صعوبة الحصول على مستحقات صندوق ضمان ضحايا حوادث السير”، فيما أشار بايتاس إلى أن “مشروع قانون المسطرة المدنية، الذي أعدّته وزارة العدل، جاء بجملة من المستجدات في مجال تنفيذ الأحكام القضائية، تروم الرفع من وتيرته وتحقيق النجاعة والفعالية”، خاصا بالذكر “توسيع صلاحيات قاضي التنفيذ، وتنظيمها بضوابط قانونية محكمة”، ومشيرا إلى “تمتيعه بصلاحيات قضائية وإدارية واسعة في إدارة التنفيذ ومراقبته”، حسب جوابه.
وأضاف المتحدث ذاته أن “إحداث وزارة العدل خدمة إلكترونية مجانية تُمكن المواطنين من تتبع مآل تنفيذ الأحكام القضائية بطريقة إلكترونية عامل مساهم في تسريع وتسهيل حصول ضحايا حوادث السير على حقوقهم الَمحكوم بها قضائياً لفائدتهم”.
وذكّر الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان النائبة الاستقلالية واضعة السؤال بأن “صندوق ضمان حوادث السير يُنظمه القسم الثالث من القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، ويتحمل التعويض الكلي أو الجزئي للأضرار البدنية التي تسببت فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها، وذلك في الحالة التي يكون فيها الأشخاص المسؤولون عن هذه الحوادث مجهولين أو غير مُؤمَّنين أو غير قادرين على تعويض الضحايا بسبب حالة عُسرهم (المادة 134 من مدونة التأمينات)”.
كما استعرض المتحدث جملة من المقتضيات القانونية المؤطرة، التي مَنح عبرها المشرّع صندوق ضمان حوادث السير مجموعة من الضمانات لاسترجاع المبالغ التي يؤديها لضحايا حوادث السير سالفي الذكر، مذكراً بأن “الصندوق يحق له التقدم بطلب حجز تحفظي على العربات المتسببة في الحادثة، وعلى الأموال المنقولة والعقارية لمرتكبي الحادثة…”.
الجالية المغربية والمحاكم
في موضوع “الإكراهات التي تواجه أفراد الجالية بالمحاكم المغربية”، الذي طرح سؤالا بشأنه الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، أكد وزير العدل، ضمن جوابه الذي تلَاه الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن “هناك جهداً متواصلا على المستوى المركزي-التنظيمي، عبر لجنة مُحدَثة على مستوى وزارة العدل تُكثف الجهود من أجل التفاعل مع قضايا مغاربة العالم، خاصة خلال الفترة الصيفية الممتدة من 15 يونيو إلى 15 شتنبر من كل سنة، إذ يقصدون مقر هذه الوزارة للاستفسار عن مآل قضاياهم ومختلف الشكايات وتظلماتهم بخصوص قطاع العدل”.
فضلا عن ذلك تَقرر إحداث “خلايا ولجان مركزية على مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، مع العمل على إحداث خلايا جهوية ومحلية على صعيد محاكم الاستئناف المختلفة، تتولى عملية استقبال أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لمعالجة طلباتهم ودراسة شكاياتهم وتظلماتهم المرتبطة بقطاع العدالة، بتنسيق مباشر مع المحاكم لتجويد الخدمات وتيسيرها وحل مختلف الصعوبات”.
ولم يفُت المسؤول الحكومي أن يعدّد “إجراءات تتخذها وزارة العدل على مدار السنة”؛ وهي “العمل بالمرسوم رقم 256.17 بشأن تلقي شكايات المرتفقين وتتبعها والتواصل معهم عبر البوابة الوطنية لتلقي الشكايات”، و”استقبال أفراد الجالية طيلة السنة وتوجيههم سواء عند حضورهم الشخصي أو من خلال استقبال مكالماتهم الهاتفية”، مع “تخصيص أرقام هاتفية مباشرة للتواصل مع الوزارة على مدار السنة”.
وذكر بايتاس أيضا “تمكين الجالية من تتبع ملفاتها عبر اعتماد منصات رقمية مخصصة”، مع “تعيين قضاة اتصال بعدد من العواصم الأجنبية، من مهامهم الأساسية الاهتمام بقضايا أفراد الجالية المغربية في مجالات الأحوال الشخصية والنزاعات المعروضة على القضاء”، وكذا “تعيين موظفين عُدول في إطار خطة العدالة بمختلف القنصليات”، إلى جانب “إعداد مطويات مختلفة اللغات لوضعها رهن إشارة الجالية، تتضمن معلومات قانونية وشرحا مبسطا للمساطر القضائية”.