الجمعة, مارس 14, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالعاقل…تاريخ مختصر للجنس البشري(12)‎

العاقل…تاريخ مختصر للجنس البشري(12)‎


 أمينة المستاري

التمييز بين الجنسين في التاريخ والمجتمعات

في الوقت الذي شكل العرق أمرا مهما في تشكيل الهوية عند الأمريكيين المعاصرين، لم يكن له نفس الأهمية لدى المسلمين في العصور الوسطى

ومع ذلك، برزت تراتبية واضحة قائمة على النوع الاجتماعي، حيث كانت الأولوية للذكور على الإناث.

بدأ التمييز ضد المرأة منذ الطفولة، حيث فضل الذكور على الإناث في العديد من الثقافات ، على سبيل المثال في الصين، أدت سياسة الولد الواحد في الصين مثلا إلى قتل الفتيات لإتاحة الفرصة لإنجاب ولد.

كما كانت النساء في بعض المجتمعات ملكا للرجال، حيث يدفع تعويض مالي لعائلتها في حالة اغتصابها، وتصبح ” المغتصبة” زوجة لمغتصبها، وهو تقليد تبنته المجتمعات اليهودية.

ناقش يوفال هراري في كتابه حالات الاغتصاب غير المجرمة، خاصة إذا لم تكن الضحية مملوكة لرجل معين أو إذا كان المغتصب هو الزوج نفسه.

فحتى عام 2006 ، لم تكن 53 دولة تجرم اغتصاب الزوجة من طرف زوجها، وهو مفهوم ظل شائعا منذ العصور القديمة.

وهنا يطرح الكاتب تساؤلات جوهرية؟ هل تم تقسيم البشر إلى رجال ونساء مجرد بناء ثقافي؟ أم أن له جذور بيولوجية قديمة؟

يرى هراري أن الاختلاف البيولوجي بين الرجل والمرأة مثل القدرة على الإنجاب، أدت إلى  تباينات ثقافية وقانونية وسياسية،

ومع ذلك، فإن المجتمعات غالبا ما تربط بعض الصفات بالذكورة والأنوثة دون أن يكون لها أساس بيولوجي واضح، على سبيل المثال في أثينا القديمة اعتبر امتلاك “رحم” سببا كافيا لمنع الشخص من المشاركة في التجمعات السياسية أو تولي مناصب عليا،

على عكس أثينا الحديثة حيث أصبحت النساء جزءا من المشهد السياسي ويحظين بتمثيل برلماني.

ويعتبر اليونانيون المعاصرون أن الرجل رجل لعلاقاته مع الجنس الآخر وأن العلاقة بين جنسين مختلفين طبيعية أما بين جنسين متشابهين غير طبيعي، يقول هراري :” البيولوجيا تمكن والثقافة تحرم”.

وحول تغير مفهوم الرجولة والأنوثة، يشير هراري إلى أن مفهوم الذكورة والأنوثة ليس ثابتا، بل يتغير بمرور الوقت.

ففي القرن الثامن عشر، كان مظهر لويس الرابع يرمز للرجولة بينما في القرن 21 يتجسد هذا المفهوم بشكل مختلف تماما كما يظهر في صورة باراك أوباما.

ويميز العلماء بين “الجنس” كتصنيف بيولوجي (ذكر وأنثى) ، و”نوع الجنس” كتصنيف ثقافي (رجل وأنثى)،  حيث تختلف  التوقعات الاجتماعية حول الذكورة والأنوثة من مجتمع إلى آخر، بل ومن حقبة إلى أخرى.

كما يشير الكاتب إلى أن الذكورة والإناث يجب أن يثبتوا هويتهم الجندرية عبر طقوس وعروض مستمرة، وإلا فقدوا استحقاقهم لها.

الأبوية والتراتبية الاجتماعية

منذ الثورة الزراعية، كانت المجتمعات أبوية، حيث كانت الصفات المرتبطة بالرجولة تحظى بقيمة أعلى من تلك المرتبطة بالأنوثة.

فنوع الجنس هو سباق يتنافس فيه بعض العدائين للحصول على الميدالية البرونزية فقط.

ورغم أن مجموعة من النساء استطعن الوصول إلى السلطة مثلا إليزابيث الأولى، فقد ظل النفوذ السياسي والعسكري والقضائي مقتصرا على الرجال.

فالأبوية كانت هي القاعدة في المجتمعات الصناعية والزراعية، ومورس التمييز ضد من لم يكونوا “رجالا حقيقيين”.

ويخلص الكاتب إلى أن النظام الأبوي العالمي لم ينشأ بمحض الصدفة، وأن هناك أسباب بيولوجية عامة وراء تفضيل الذكورة على الأنوثة.

قوة العضلات: هل تفسر الهيمنة الذكورية

الفرضية الأكثر شيوعا أن الرجال أقوى من النساء بدنيا، مما مكنهم من السيطرة على الموارد والنفوذ السياسي: لكن هذه النظرية تواجه مشكلتين:

أولاهما النساء يعتبرن أكثر مقاومة للجوع والإرهاق من الرجال، ويمكن لهن أداء العديد من المهام البدنية التي يؤديها الرجال.

المشكلة الثانية أن النساء تم استبعادهن من وظائف لا تتطلب مجهودا كالكهنوت والسياسية…

يشير الكاتب أنه لا توجد علاقة مباشرة بين القوة البدنية والقوة الاجتماعية، حيث تظهر التجربة البشرية أن الهيمنة الاجتماعية لا تعتمد بالضرورة على التفوق الجسدي.

العنف والعنوان …هل يفسران السلطة الذكورية؟

هناك فرضية أخرى تربط سيطرة الرجال باستعدادهم الفطري للعدوانية، مما جعلهم القوة المهيمنة في الحروب.

ومع ذلك، يتساءل هراري: حتى لو كان الجنود رجالا، لماذا يجب أن يكون القادة والسياسيون رجالا أيضا؟

يجيب الكاتب، أنه في العديد من المجتمعات لم يكن القادة العسكريون يحملون السلاح بأنفسهم، كما هو الحال كان في الإمبراطورية الفرنسية بإفريقيا والماندرين في الصين.

فلا يمكن اعتبار أن ضعف النساء البدني أو انخفاض التستوستيرون منعهن من الانضمام للجنرالات أو السياسيين،

ولإدارة الحرب يكفي قدرتك على التحمل، وليس القدرة البدنية، فالحرب مشروع معقد يتطلب درجة استثنائية من التنظيم والتعاون والاسترضاء

فتكون القدرة على الحفاظ على السلام داخليا والحصول على الحلفاء خارجيا، وفهم ما يدور في ذهن العدو مفتاح النصر،

لذلك فالنساء عرفن بقدرتهن على التلاعب والمراوغة مقارنة مع الرجال، ويشتهرن برؤية الأشياء من منظور الآخرين،  لذلك كان يجب أن يكن سياسيات وبانيات إمبراطوريات…وهو نادر الحصول في العالم الحقيقي.

 التفسير الجيني للهيمنة الذكورية

التفسير البيولوجي الثالث يفترض أن جينات الذكورة التي عبرت إلى الجيل التالي كانت للرجال الأكثر طموحا وعدوانية وتنافسية.

في المقابل كانت المرأة بحاجة إلى شريك أن يساعدها ويتقاسم معها بعض العبء، مما أدى إلى انتشار جينات الأنوثة الخاضعة، بخلاف النساء اللواتي تقاتلن من أجل السلطة فلم يتركن جينات قوية للأجيال القادمة.

فكانت نتيجة هذه الاستراتيجية أن برمج الرجال ليكونوا طموحين متفوقين في السياسة أما النساء فكرسن حياتهن لتربية الأطفال.

هذه المقاربة خيبت الظن، فلم تعتمد النساء على نساء أخريات، وهيمن الذكور اجتماعيا، بخلاف ما عرف عن الشنابز والبونوبوات

فكانت الإناث يعتمدن على الإناث وبنين شبكات اجتماعية نسائية بالكامل، فيما قضى الذكور وقتهم في القتال وهمش الغير متعاونين، لماذا إذن لم يكن ذلك بين العقلاء؟

أسئلة لا يمكن معرفة أجوبتها، بالنسبة للكاتب المهم أنه خلال القرن الماضي شهدت الأدوار الجنسية ثورة هائلة. فمجتمعات اليوم تمنح الطرفين وضعا قانونيا وحقوقا سياسية وفرصا اقتصادية متساوية،

ورغم الفجوة ، فالأمور تبدلت، يقول هراري، أن هذه التغيرات المثيرة تجعل تاريخ نوع الجنس محيرا، وتساءل إذا كان النظام الأبوي قائما على أساطير لا على حقائق بيولوجية، فلماذا ظل مستقرا وقويا طوال هذا الوقت؟

The post العاقل…تاريخ مختصر للجنس البشري(12)‎ appeared first on الجريدة 24.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات