الثلاثاء, أبريل 1, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالصحراء المغربية.. ما المطلوب من ديمستورا؟

الصحراء المغربية.. ما المطلوب من ديمستورا؟


يقوم حاليا المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة الى الصحراء بجولة في المنطقة المغاربية هي أقرب إلى رحلة استجمام وسياحة منها إلى جولة وساطة لحل نزاع دام نصف قرن. والسؤال الذي يطرح نفسه وبحدة، هل مازالت هناك جدوى منتظرة من هذا المبعوث ومن مسلسل التسوية برمته؟ أم أن الأحداث قد تجاوزته؟
والجواب عن السؤال يقتضي المصارحة وعدم استعمال لغة الخشب. والحقيقة أن السيد ديمستورا قد أثبت فشله في ملف الصحراء كما اثبت فشله في ملف سورية من قبل. وهناك ادلة كثيرة على ما أقوله سأكتفي ببسط بعض منها واحيل القارئ على مقالاتي السابقة في هذا الملف.

لقد سبق للسيد ستافان أن طلب في اكتوبر الماضي من المغرب تقديم توضيح حول مقترح الحكم الذاتي. وهذا في حد ذاته يشكل إهانة لمجلس الأمن الذي ظلّ يعتبر في حوالي عشرين قرارا من قراراته حول الصحراء المغربية أن مقترح الحكم الذاتي “جاد وواقعي ويحظى بالمصداقية”. فكيف لمجلس الأمن الدولي ان يطلق تلك الأوصاف على مشروع الحكم الذاتي إذا كان غير واضح ويحتاج إلى تعريف كما يقول المبعوث الأممي؟!
هذا ليس له من تفسير غير كون السيد ديمستورا المحترم لم يكلف نفسه عناء قراءة تقارير الامين العام للأمم المتحدة منذ 2007، ولا عناء الاطلاع على محاضر الاجتماعات الاممية واللقاءات والحوارات بين الأطراف التي استغرقت هذا المقترح نقاشا وتحليلا وتمحيصاً. وهذا لوحده يستوجب إقالته أو استقالته.

ثمّ إنّ عودة ديمستورا إلى مقترح تقسيم الصحراء يعتبر جهلا بالملف، لأن هذا المقترح هو نفسه الذي تقدم به الرئيس الجزائري الراحل بوتفليقة قبل ربع قرن في نونبر 2001 إلى المبعوث الاممي آنذاك جيمس بيكر، وقدمه هذا الاخير في تقريره حول الصحراء في فبراير 2002، وقد سبق للمغرب أن رفضه جملة وتفصيلا في رسالة رسمية إلى رئيس مجلس الأمن بتفس التاريخ. والعودة إليه تعني أن المبعوث الأممي يعيش في زمن آخر، وأنه يتعامل مع القضية باستخفاف أو استعلاء الرجل الأبيض الذي يتعامل مع سيادة المغرب وسلامة أراضيه وتاريخ دولته الممتد اثني عشر قرنا بمنطق تقسيم الكعكة أو الحلوى، وهو المنطق الاستعماري الذي قسم اراضي المغرب بين اسبانيا وفرنسا. وهنا تكمن الخطيئة الأصلية والجذور السيئة لنبتة الانفصال والتقسيم. وهذا مبرر آخر لتقديم السيد ديمستورا استقالته من تلقاء نفسه، أو إقالته من طرف الأمين العام للأمم المتحدة.

وعلاوة على ذلك، مجرد اقتراح التقسيم يعني من جهة، اعتراف المبعوث الأممي ديميستورا بسيادة المغرب وحقوقه التاريخية في إقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب. ويعني من جهة أخرى سقوط أي مزاعم حول المواقف المبدئية من تقرير المصير التي تتغنى بها الجزائر وميليشياتها الانفصالية. وهما مبرران كافيان لإنهاء مسلسل التسوية المبني على سراب بِقيعة.

وأخيرا، المفروض في السيد ديمستورا أن يرفع في تقريره إلى مجلس الأمن أن مسلسل التسوية الأممي قد انهار ولم يعد ذا موضوع بعد أن أعلنت جبهة “البوليساريو” الانفصالية تحللها وتنصلها في ديسمبر 2020 من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، وأعلنت عودتها إلى حمل السلاح، واصدرت مئات البيانات الدونكيشوطية حول عمليات مسلحة نفذتها ضد القوات المسلحة الملكية، وقامت بمنع أفرق المنورسو من القيام بعمليات المراقبة في المنطقة العازلة شرق الجدار، ومنعت عن أفرق المنورسو حتى وصول الماء والبنزين كما هو مثبت وموثق في تقارير الأمين العام الاممي في الثلاث سنوات الاخيرة. ومعلوم أن العملية السياسية كلها مبنية على هذا الاتفاق. وبالتالي فقد أصبح المسلسل الأممي ميتا ولاغيا بحكم القانون بعد تنصل الجبهة الانفصالية منه ومن الاتفاق المذكور.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار المنعطف الاستراتيجي في مسار الملف والمتمثل في الاعترافات الدولية بالسيادة المغربية على الصحراء، وفي مقدمتها اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2020 واعتراف فرنسا 2024، وهما العضوان بمجلس الأمن، والاعتراف الإسباني سنة 2022 وهي القوة المستعمرة سابقا، فإنّ مسلسل التسوية الأممي كله أصبح متجاوزاً وليس فقط مهمة المبعوث الشخصي في الوساطة بين أطراف النزاع.

نُضيف إلى ما سبق السلوك الدبلوماسي للجزائر التي سحبت سفيرها من مدريد قرابة السنتين في اليوم الموالي للاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء. وقامت بنفس الاجراء أي سحب سفيرها سعيد موسى من باريس في غشت 2024 ولم يعد إلى اليوم لنفس الأسباب. وبهذين الموقفين أثبتت الجزائر أنها هي الطرف الوحيد في مواجهة المغرب في قضية الصحراء، فالاعترافان الفرنسي والاسباني مسألة سيادية للدولتين وفي موضوع لا يتعلق بأراضي جزائرية، بالتالي فما موقع الجزائر من الإعراب؟
وبذلك تكون الجزائر قد قدمت الدليل الساطع للمجتمع الدولي، إن كان الأمر يحتاج إلى دليل، وبشكل واضح لا يقبل أي لبس أن قضية الصحراء هي نزاع إقليمي بين الجزائر والمغرب وأن جبهة “البوليساريو” ما هي إلا أداة في يد الجزائر لتصفية حساباتها الاقليمية مع المغرب لعدة أسباب، منها ما يرتبط بملف الصحراء الشرقية التي اقتطعتها فرنسا من المغرب وضمتها إلى الجزائر الفرنسية، ومنها ما يتعلق بطبيعة النظام العسكري الجزائري الذي يبحث عن “قميص عثمان” لتبرير سيطرته على الحكم في الجزائر، والتنفيس عن ازماته الداخلية المتعددة، فلم يجد أفضل من ترسيخ فكرة العدو الخارجي الذي يهدد الجزائر وإلصاق التهمة بالمغرب، رغم أن العكس هو الصحيح بدليل معركتي أمغالا وواحة العرجا وطرد للآلاف المؤلفة من المغاربة واحتضان وتمويل وتدريب الميليشيات المسلحة في الجزائر ضد المغرب..

وينتهي بنا التحليل إلى خلاصيتن أساسيتين من ضمن اخرى. الاولى هي فشل المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة. والثانية هي موت مسلسل التسوية الأممي برمته. وعلى ضوء هتين الخلاصتين أصبح من الضروري وبشكل مستعجل تغيير عناصر الخطاب مع الأمم المتحدة لينصبّ النقاش في ابريل 2025 على الترتيبات التي ينبغي اتخاذها لإنهاء مهام بعثة “المنورسو” وخروجها من الصحراء غير مأسوف عليها. وبعد ذلك مناقشة ترتيبات عودة اللاجئين المدنيين من مخيمات تندوف، ثم ترتيبات نزع سلاح ميليشيات ما يسمى “البوليساريو”، هذا هو صلب الموضوع الذي تفرضه تطورات ملف الصحراء المغربية. ومن يواصل النقاش في قضايا أخرى سيكون قد تاه الطريق بين كثبان الرمال في الصحراء.

وتمهيدا لهذه الخطوات ينبغي على ديمستورا أن يقدم استقالته مباشرة بعد اجتماع مجلس الأمن في أبريل المقبل، للأسباب التي ذكرنا آنفاً، ونظراً أيضا للخطأ المهني والسياسي الجسيم الذي ارتكبه حين لم يخبر المغرب بسفره الى جنوب افريقيا، وبعد ان علم المغرب بالأمر أخطر المبعوث برفض المملكة القاطع لتلك الزيارة. ورغم ذلك ركب السيد ديمستورا رأسه وتحدى الرباط وسافر إلى جنوب إفريقيا لمناقشة ملف الصحراء مع بلد معادي للمغرب ولا يملك اي صفة سياسية أو جغرافية للتشاور معه./



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات