الأربعاء, يناير 1, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالشغل الناقص.. "نصف بطالة" تزحف على سوق الشغل وتهدد الاستقرار الاجتماعي

الشغل الناقص.. “نصف بطالة” تزحف على سوق الشغل وتهدد الاستقرار الاجتماعي


عادة ما ينصب النقاش حول أزمة التشغيل في المغرب على مشكلة البطالة، غير أن تلك الأزمة تتخذ أشكالا أخرى لا تقل خطورة، من قبيل مشكلة “الشغل الناقص”. ‘نصف البطالة” التي تواصل الزحف على سوق الشغل الوطني مهددة بضرب الاستقرار الاجتماعي.

أرقام مقلقة

وكشفت المندوبية السامية للتخطيط، في أحدث تقاريرها حول وضعية سوق الشغل بالمغرب خلال الفصل الثالث من السنة الجارية، عن تفاقم الظاهرة. إذ ارتفع حجم النشيطين المشتغلين في حالة الشغل الناقص على المستوى الوطني بـ 60 ألف شخص، منتقلا من 1.005.000 إلى 1.066.000 شخص، ومن 523.000 إلى 590.000 بالوسط الحضري، ومن 482.000 إلى 476.000 بالوسط القروي.

وفي التفاصيل؛ ارتفع عدد الأشخاص في حالة الشغل الناقص المرتبط بعدد ساعات العمل، من 501.000 إلى 584.000 شخص، بينما انخفض عدد النشيطين المشتغلين في حالة الشغل الناقص المرتبط بعدم كفاية الدخل أو عدم التوافق بين الدراسة والشغل من 505.000 إلى 482.000 شخص.

وعلى صعيد القطاعات المعنية؛ زادت حدة الظاهرة على مستوى قطاع “البناء والأشغال العمومية”، حيث الشغل الناقص أكثر انتشارا إلى 19,9 في المئة من مجموع الشغيلة، يليه قطاع “الفلاحة والغابة والصيد”، بنسبة 11,9 في المئة.

عواقب وخيمة على الاستقرار الاجتماعي

يتبين إذن أن “الشغل الناقص” هو الحالة التي يشتغل فيها الأجير عدد ساعات أقل أو أكثر من الساعات القانونية للعمل، أو في عدم توافق بين الدخل والمؤهلات أو عدم الانسجام بين هذه الأخيرة ونوع الشغل الذي يؤديه.

ويرى النقابي محمد هاكاش في قراءته لهذه الأرقام أنها تسلط الضوء على هشاشة التشغيل في المغرب، وتزيد الطين بلة بعدما بلغت البطالة مستويات مقلقة عند 13,6 في المئة، علاوة على تواجد حوالي مليون و380 ألفا من الشباب، ما بين 18 و24 سنة، دون عمل أو دراسة أو تكوين.

وأوضح هاكاش، في تصريح لصحيفة “مدار 21″؛ أن خطورة الشغل الناقص تكمن في عدم الاستقرار الاجتماعي الذي يؤدي إليه، مضيفا أن “المشتغلين في هذا الإطار لا يملكون أي آفاق وليس بوسعهم التخطيط للمستقبل؛ كتكوين أسرة مثلا أو اقتناء سكن، فهم يسدون رمق يومهم بالكاد راجين ألا ينقطع خبزهم في اليوم التالي؛ ما يضعف استقرارهم الاجتماعي”.

من جهة ثانية، اعتبر النقابي أن هذا النوع من الشغل يحرم الممارسين له من إمكانية الدفاع عن حقوقهم المهنية ومصالحهم الاجتماعية، أو الانضواء النقابي مخافة التعرض للطرد.

وعلاوة على ذلك، لفت هاكاش إلى أن انتشار الظاهرة أدى لبروز ما يسمى بـ”سماسرة الشغل”، بحيث لم يعد التوظيف بشكل مباشر بين الأجير والمقاولة المشغلة، بل تشهد عدة قطاعات، وفي مقدمتها القطاع الفلاحي، انتشار وسطاء يتكفلون بتوفير اليد العامة للمُشغّل في حرمان تام من الحقوق التي يكفلها لها القانون، ومقابل أجور زهيدة في الغالب، ويخرجها من نطاق العمل النقابي والضمان الاجتماعي…

ولفت هاكاش إلى إحدى الظواهر الخطيرة الملحوظة في هذا السياق؛ قيام هؤلاء السماسرة بالتعسف وتصفية الحسابات مع بعض المحتاجين للشغل بهذه الصيغة؛ ما يضطرهم للخضوع للأمر الواقع والعمل في ظروف مزرية مخافة فقدان لقمة العيش.

توجه رأسمالي                     

وبالإضافة إلى القطاعات التي لفتت إليها المندوبية السامية للتخطيط، أي الفلاحة والبناء والأشغال العمومية، يرى الكاتب العام السابق للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، أن الظاهرة متفشية كذلك في قطاع الخدمات؛ “معظم شغيلة المقاهي والمطاعم والفنادق يعانون من هذه المشكلة”.

وفي تحليله للظاهرة اعتبر النقابي أن “النظام الرأسمالي بدا له أن تشغيل الناس بشكل مستدام ومستقر لا يخدم مصالحه، إذ يكون مفروضا على “الباطرونا” زيادة الرواتب والتعامل مع نقابات الشغيلة وعدم طردها تعسفيا وغير ذلك… ما دفعها إلى العمل على ترسيخ هذا النوع من الشغل الناقص”.

بيد أن هذا الاتجاه نحو التشغيل المؤقت يهدد بعواقب وخيمة على الاستقرار الاجتماعي، “قد ينتهي بنا المطاف إلى اضطرار الإنسان للقيام بأشغال متعددة في اليوم الواحدة لضمان لقمة العيش بالكاد”، يخلص هاكاش.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات