الدار/ تحليل
تشهد الجزائر في الآونة الأخيرة موجة من الاحتجاجات الشعبية التي تجسد روح التحدي والرفض لنظام الحكم الذي اعتبره الكثيرون مسؤولاً عن تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد لعقود.
تحت شعار #مانيش_راضي، يرفع الجزائريون صوتهم للمطالبة بإسقاط النظام العسكري الفاسد الذي، بحسب وجهات نظر المنتفضين، سرق أحلام الأجيال المتعاقبة وخنق تطلعات الشعب نحو مستقبل أفضل.
لقد أصبح هذا الهاشتاج رمزًا للرفض الشعبي الذي يتعاظم يوما بعد يوم، حيث يشارك فيه ملايين المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية والمناطق، متحدين كل أشكال القمع والتهديدات التي يواجهونها. يعبّر هؤلاء المتظاهرون عن شعورهم بالإحباط من الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، ومن سياسة القمع التي مارستها السلطة طوال العقود الماضية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وأغرق البلاد في أزمات متعددة.
في السنوات الأخيرة، باتت الجزائر تعرف حالة من السخط الشعبي غير المسبوق نتيجة للظروف المعيشية الصعبة، والتي تزايدت بشكل حاد بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد نتيجة لتراجع أسعار النفط. هذا التدهور الاقتصادي، الذي صاحبته زيادة في الفقر والبطالة، جعل من الشعب الجزائري يعيش تحت وطأة سياسة اقتصادية فاشلة فشلت في تلبية أبسط احتياجات المواطنين.
وقد أطلق المواطنون، من خلال حملة #مانيش_راضي، دعوات واضحة لإحداث التغيير الجذري. لا يقتصر هذا الرفض على قضايا الاقتصاد فحسب، بل يشمل أيضًا مطالبات بتحقيق العدالة السياسية وإنهاء نفوذ الجيش في الحياة السياسية، وهو ما يراه العديد من النشطاء والمحللين أنه المصدر الرئيسي للاحتقان.
الشعب الجزائري الذي عانى لعقود من الاستبداد، يطالب الآن باستعادة كرامته وحقه في اختيار مستقبله بشكل حر ومستقل. الجزائر، التي قدمت تضحيات كبيرة في سبيل استقلالها عن الاستعمار الفرنسي، ترى في هذه اللحظة التاريخية فرصة لإعادة تجديد قيم الحرية والعدالة والمساواة التي ناضلت من أجلها أجيال سابقة.
ورغم محاولات النظام الحالي لاحتواء هذه الاحتجاجات أو إسكاتها باستخدام القوة المفرطة، إلا أن الشعب الجزائري عازم على المضي قدمًا في معركته ضد الطغيان. “ساعة الحساب اقتربت” كما يقول المتظاهرون، مشددين على أن لحظة التغيير قد حانت، وأن المستقبل لا يمكن أن يكون إلا في ظل نظام يعبر عن إرادة الشعب ويحقق تطلعاته.
الجزائريون اليوم، ومن خلال مشاركتهم الفاعلة في احتجاجات الشوارع ومنصات التواصل الاجتماعي، يبدون عزيمة قوية على إسقاط النظام الفاسد. لا مكان للطغاة في جزائر الحرية والكرامة، هذا ما يردده المتظاهرون في سعيهم لتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية.
إذا كانت الأيام القادمة ستشهد مزيدًا من الضغوطات، فإن إرادة الشعب الجزائري التي لا تلين في وجه الطغيان قد تصبح القوة الحاسمة في تغيير وجه الجزائر وتحقيق حلم الأجيال في وطن حر ومستقل.