قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها لسنة 2025 إن السلطات المغربية واصلت في السنة المنصرمة حملتها القمعية ضد المعارضة، وفرّقت قوات الأمن الاحتجاجات السلمية بالقوة، وقد استثنى العفو الملكي نشطاء من “حراك الريف” احتجوا على الظروف المعيشية، ويقضون أحكاما تصل إلى 20 عاما في السجن.
قمع حرية التعبير
وفيما يخص حرية التعبير، توقف التقرير على إدانة الصحفي حميد المهداوي في 11 نونبر الماضي بالسجن 18 شهرا بتهمة التشهير بوزير العدل، وفرض غرامة قدرها 1.5 مليون درهم مغربي عليه.
وفي 30 أكتوبر، اعتقلت الشرطة المغربية الناشط البارز في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية فؤاد عبد المومني وأفرجت عنه مؤقتا، وفي 1 نونبر وجهت إليه ابتدائية الدار البيضاء تهمة “إهانة هيئة منظمة، وتوزيع ادعاءات كاذبة، والتبليغ عن جريمة خيالية يعلم بعدم حدوثها”.
ومقابل ذلك، توقفت المنظمة على الإفراج عن الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين في يوليوز الماضي مع 2500 آخرين، بعد صدور عفو ملكي في حقهم، مشيرة إلى أن هؤلاء الثلاثة اعتقلوا أو حوكِموا أو سُجنوا بتهم مشكوك فيها تتعلق بسوء السلوك الجنسي، وهو تكتيك استخدمته السلطات في السنوات الأخيرة لتشويه سمعة المعارضين.
وأكد التقرير أن السلطات واصلت حملتها القمعية ضد المعارضة، ففي شهر مارس 2024 اعتقلت المدون يوسف الحيرش بسبب منشور في فيسبوك اعتُبر مهينا لحاكم الإمارات، وفي ماي حكمت عليه محكمة القنيطرة الابتدائية بالسجن 18 شهرا بسبب منشورات في فيسبوك بتهم “إهانة موظف عمومي، وإهانة هيئات منظمة، وتوزيع معلومات صادرة بشكل سري دون موافقة صاحبها”.
وارتباطا بالتضييق على المدونين، رصدت “هيومن رايتس ووتش” اعتقال السلطات للمدون عبد الرحمن زنكاض، المنتمي إلى حزب إسلامي، بسبب منشورات على “فيسبوك” تنتقد قرار المغرب “تطبيع” العلاقات مع إسرائيل وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة إهانة الملك، وهو ما اعتُبر “إساءة إلى مؤسسة دستورية وتحريض…”.
وفي قضية مماثلة، أيدت محكمة الاستئناف في نونبر 2023 الحكم على المدوّن سعيد بوكيوض بتهمة “إهانة الملك” في منشورات على فيسبوك عام 2020 انتقد فيها اتفاقية التطبيع التي أبرمها المغرب مع إسرائيل، وقد خففت المحكمة الحكم من خمس إلى ثلاث سنوات.
قمع الاحتجاج والتدخل في الحياة الخاصة
ورصد التقرير تفريق قوات الأمن بالقوة احتجاجات سلمية. وقد شمل ذلك استخدام القوة ضد مظاهرة نظمها ذوو الإعاقة خارج البرلمان في ماي، والاحتجاجات التي نظمها العاملون في مجال الرعاية الصحية في يوليوز.
وأضاف ذات المصدر أن مجموعة تضم 40 من متظاهري الحراك، بمن فيهم القائدان البارزان ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق، ظلوا مسجونين، ويقضون أحكاما بالسجن لعقود، بعد أن أيدت محكمة الاستئناف إدانتهم عام 2019، رغم مزاعم موثوقة باعترافات انتُزِعت تحت التعذيب.
ومن جهة أخرى، انتقدت المنظمة الدولية تجريم القانون الجنائي عدة جوانب من الحياة الخاصة؛ حيث يُجرّم الإجهاض بعقوبة تصل إلى عامين في السجن وخمس سنوات لمقدمي خدمات الإجهاض. وتنطبق الاستثناءات بموجب الفصل 453 فقط عندما تكون صحة الأم في خطر. وقد سحب وزير العدل عام 2021 من المراجعة البرلمانية مقترح تعديل كان سيشرع الإجهاض في حالات الاغتصاب وزنى المحارم و”إذا كانت المرأة الحامل تعاني من خلال عقلي” و”إصابة الجنين بتشوهات”.
كما أن القانون الجنائي المغربي، يضيف ذات التقرير يُعاقب على ممارسة الجنس خارج إطار الزواج بالسجن لمدة عام على الأقل وفقا للفصل 490، وما يصل إلى عامين للخيانة الزوجية بموجب الفصل 491. وتُجرّم العلاقات المثلية بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات بموجب الفصل 489.
حقوق النساء والمهاجرين
وبخصوص حقوق النساء، انتقد التقرير تنصيص مدونة الأسرة لعام 2004 على أن والد الطفل هو “صاحب النيابة الشرعية” الأصلي للطفل، حتى لو كانت الأم مسؤولة عن الطفل بعد الطلاق. كما أن النساء يرثن نصف ما يتلقاه أقاربهن الذكور. ويمكن للقضاة منح “إعفاءات” من الحد الأدنى لسن الزواج وهو 18 عاما، ويمكن للعائلات طلب الموافقة على زواج الفتيات في سن 15 عاما. كما لا يُجرَّم الاغتصاب الزوجي صراحة، ويخاطر الذين يبلغون عن الاغتصاب خارج إطار الزواج بالملاحقة القضائية بتهمة الانخراط في الجماع الجنسي غير القانوني.
ونبه التقرير إلى أنه ورغم تجريم قانون عام 2018 بشأن العنف ضد المرأة بعض أشكال العنف الأسري، وإنشائه تدابير الوقاية والحماية. إلا أنه وضع أيضا حواجز أمام حصول الضحايا على الحماية، ولم يحدد واجبات الشرطة والنيابة العامة وقضاة التحقيق، ولم يخصص تمويلا لملاجئ النساء.
أما فيما يتعلق بالمهاجرين واللاجئين، فقد توقف التقرير على منع قوات الأمن المغربية آلاف المغاربة وغيرهم من الرعايا الأفارقة من العبور إلى مدينة سبتة الحدودية الإسبانية، شهر شتنبر، بعد تعبئة جماهيرية على منصات التواصل الاجتماعي لتشجيع الناس على المغادرة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي.
وعلى خلفية هذه الأحداث اعتقلت السلطات المغربية 152 شخصا بعد الحادثة، واتهمتهم بحشد الناس لمحاولة الهجرة الجماعية.
وحتى شهر غشت، كان هناك نحو 18 ألف لاجئ وطالب لجوء في المغرب مسجلين لدى “مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
وتطرق التقرير لعدم موافقة البرلمان المغربي إلى اليوم على مشروع قانون لعام 2013 بشأن الحق في اللجوء. ولا يزال قانون الهجرة لعام 2003 الذي يُجرم الدخول غير النظامي إلى البلاد دون تقديم استثناءات للاجئين وطالبي اللجوء ساري المفعول.
ومن جهته، واصل “الاتحاد الأوروبي” التعاون مع المغرب بشأن مراقبة الهجرة رغم المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.