أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، أن مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، في صيغته الجديدة، يتصدى لما وصفه بـ”شراء الإضراب” ويتحول من “طابع المنع” الذي كان يغلب عليه إلى قانون يعكس روحا إيجابية.
وأوضح السكوري، خلال جلسة عمومية بمجلس النواب، الثلاثاء، خصصت لدراسة والتصويت على مشروع القانون المذكور، أن النسخة المعدلة تسعى إلى تحقيق التوازن بين حماية المضربين من العقوبات التأديبية وضمان حرية العمل أثناء ممارسة الإضراب. كما أشار إلى إقرار عقوبات متوازنة تُطبَّق على الأطراف كافة لضمان احترام القانون ومنع إفراغه من محتواه.
وأضاف المسؤول الحكومي أن العقوبات الجنائية الأشد لا يمكن تطبيقها على العمال المضربين، مشددا على أنه لا يمكن بأي حال الزج بهم في السجن لمجرد ممارستهم حقهم في الإضراب، موضحا أنه في حال وقوع تجاوزات تتعلق بالتخريب أو الإخلال بالأمن العام، فإن تلك التجاوزات تخضع لقوانين وإجراءات خاصة، لكنها لا ترتبط مباشرة بتعريف الإضراب.
ومضى مستطردا: “لا مجال لإدراج العقوبات الجنائية في المقتضيات القانونية المتعلقة بالإضراب. ومع ذلك، أتفق معكم أنه لا يزال هناك حاجة إلى تحسين العقوبات لضمان تحقيق التوازن، بحيث تكون العقوبة التي تقع على المشغل مختلفة عن تلك التي تُفرض على النقابة إذا تم الإخلال بمقتضيات القانون”.
وشدد الوزير على أنه لا يمكن السماح للمشغل بشراء الإضراب بأمواله للقفز على المواد القانونية التي تمنع مثلا الطرد، مقدما مثالا على ذلك بأنه “إذا كان الطرد نتيجة الإضراب يكلف العامل خسائر جسيمة، فمن غير المقبول أن ينظر صاحب العمل إلى العقوبات المالية – مثل غرامة 300 ألف درهم – على أنها مبلغ بسيط مقارنة برقم معاملات قد يصل إلى 80 مليون درهم أو أكثر”.
ويرى السكوري أنه من الضروري الاجتهاد أكثر في صياغة عقوبات رادعة تطبق على من يحاول “شراء الإضراب” بأمواله والقفز على المواد القانونية التي تعاقب المشغل، مشددا على أنه “يجب أن نحترم المقتضيات الواردة في الدستور ونعطي الفئة الضعيفة حقها الكامل في الدفاع عن حقوقها”.
من جهة أخرى، أكد المسؤول الحكومي أن الصيغة المعدلة التي اقترحتها الحكومة تعتمد على مقاربة حقوقية تهدف إلى الانتقال من قانون يغلب عليه طابع المنع إلى قانون يعكس طابعا إيجابيا، مشددا على أنه من غير المقبول صدور قانون يكبل الحرية والحق في ممارسة الإضراب أو يمنع بعض أنواعه كالإضراب بالتناوب والاضراب السياسي.
وتابع قائلا: “نحن اليوم أمام مسؤولية تاريخية من أجل المساهمة البناءة والفعالة في إغناء مشروع هذا القانون والمصادقة عليه لكونه قانونا غير عادي وذي أبعاد اجتماعية واقتصادية آنية ومستقبلية تقتضي مناقشته بالجدية اللازمة مع تغليب المصالح العليا للمملكة بغض النظر عن مرجعياتنا وانتماءاتنا”.
وجدد السكوري التأكيد على أن الحكومة حريصة على احترام المسار الحقوقي الذي سارت فيه بلادنا تفعيلا للحقوق المنصوص عليها في الدستور وتنزيل القوانين التنظيمية ذات الصلة بما فيها القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب.
ولفت إلى أن الحكومة اعتمدت في مقاربتها لبلورة مشروع القانون التنظيمي للإضراب، بإجراء استشارات واسعة، واستحضرت خلالها روح التوافق البناء في مناقشة وصياغة مضامين النسخة المعروضة للتصويت، بما يضمن حقوق الفئة العاملة، ومصالح أرباب العمل، ومصلحة الوطن.