الأربعاء, يناير 22, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربي"الستريمر إلياس المالكي فقاعة أم ظاهرة؟".. الأكاديمي سعيد بنيس يجيب

“الستريمر إلياس المالكي فقاعة أم ظاهرة؟”.. الأكاديمي سعيد بنيس يجيب


يغوص الباحث الأكاديمي في العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد بنيس، خلال حواره ضمن برنامج “مع بلهيسي” على جريدة مدار21، في شخصية الستريمر إلياس المالكي الذي حقق انتشارا واسعا وأرقام مهمة من حيث نسب المشاهدات.

بنيس ذهب إلى تحول إلياس المالكي من مجرد فقاعة إلى ظاهرة تستحق الدراسة، مقدما في هذا السياق مجموعة من الحجج التي يستعرضها هذا المقال:

الستريمر إلياس المالكي بدأ فقاعة ليصبح ظاهرة لا سيما إذا تمت الإحالة على ترتيبه على المستوى العالمي.  فأرقامه في سنة 2023 فاقت أرقام “أ يشو سبيد”، وهو أول ستريمر في أمريكا. كما أن إلياس المالكي هو الستريمر الذي ساعد منصة كيك على الإقلاع.

والظاهرة دائما تكمن ورائها فلسفة و تضمر سياقا و تعكس كذلك معاناة تفضي إلى تحدي.  والستريمر إلياس المالكي كان حلمه أن يصبح لاعب كرة قدم وتم له ذلك من خلال خلق شبكة افتراضية تَعَرَّفَ فيها على اللاعبين وأضاف إلى ذلك تجربته في “الكينكس ليك” التي صارت إنجازا شخصيا له. لهذا فإلياس المالكي الظاهرة حقق حلمه من خلال تفويض ديجيتالي.

لهذا أظن أن الستريمر إلياس المالكي  خرج من دائرة الفقاعة إلى الظاهرة المجتمعية، خصوصا  أنه يُشَكل نموذجا جديدا غاب على المغاربة المتصلين وهو نموذج الستريمر لأنه في المغرب كان رواد العالم الافتراضي مشدوهين لنموذج اليوتبرز. فمع ظاهرة إلياس المالكي تحول المغاربة فيها من حظوة “اليوتبرز” إلى حظوة “الستريمر” .

في المقابل، ومع تزايد عدد متتبعيه صارت لإلياس “مشيخة” و”زاوية” بالمعنى الكمي والعددي وتأثيرها ليس بالمسألة التي يمكن تجاهلها أو التغاضي عنها. من هذه الزاوية هو كذلك ظاهرة بالنظر للحفاوة والصيت الذي صار عليه.

محاولة تفكيك شخصية إلياس..

الستريمر إلياس إنسان عاطفي يتفاعل بكل جوارحه مع متابعيه، حضوره أمام الكاميرا لا يخضع لأي خطة تواصلية، وخطابه ينهل من التفاعلات الديجيتالية.

فلغته صاعدة من عالم سائل وعائم ومتحول وسريع وهي ما صار يطلق عليها “ديجيلكت”  في مقابل “سوسيولكت” ( لغة طبقة اجتماعية) و “توبولكت” (لغة محلية)   و “سكسولكت” ( لغة البنت أو لغة الولد) و”تكنولكت” ( لغة الحرفيين)… وهي تنويعات لغوية تحيل على العالم الواقعي.  أما “الديجيلكت” فهو تنويعة لغوية تحيل على العالم الافتراضي الذي يتيح هامشا من الحرية اللفظية والمعجمية.

وهذا ما يفسر توارد الألفاظ والتعابير  الخادشة أو الخارجة عن المألوف وطفرة الكلمات المقترضة من الأنجليزية التي يتم تعريبها إضافة إلى ألفاظ بالدارجة يتم تضمينها معاني جديدة. لهذا فتفاعلات الستريمر تبدو كأنها مُحْتَرَف لغوي لإبداع ألفاظ ونحت تعابير جديدة.

لكن هذا “المُحْتَرَف” في بعض الأحيان ينزلق ليصبح وعاء لخطاب الكراهية وثقافة العنف ليتحول في الأخير إلى “إنشاءات” حول سرديات هامشية تعيدنا إلى مقولة “التفاهة”.

أسباب الانتشار السريع..

يظل إلياس المالكي الستريمر نموذجا  استثنائيا لأنه يخلط ويجمع بين ماهو شبابي (“اللوك”)  وماهو ترابي (مدينة الجديدة ومجال منطقة دكالة وفريق الدفاع الحسني الجديدي وبعض الرموز الرياضية رضا الرياحي)، وما هو وطني من خلال تفاعلاته مع متابعيه من جميع الجهات المغربية (مبادراته الخيرية على الصعيد الوطني وكونه رئيس جمعية ويقوم بمساعدات رمضانية ويقف إلى جانب حالات إنسانية (سائق الطاكسي / سيدة برشيد الحامل، فتاة أكادير …) وكذلك خطته لاختيار لاعبي جائزة “الكينكس ليك” وارتدائه لأقمصة الفرق المغربية…، وما هو إقليمي (له عدد هائل من المتابعين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) وكذلك من خلال عولمة محتواه، فمتابعيه من جميع أنحاء العالم  أوربا وأمريكا.. لا سيما أن تقنية الترجمة التي تتيحها التطبيقات الرقمية تساعد المتفاعلين في التواصل والمحادثة وفهم مايقال.

وهو كذلك فاعل افتراضي حتى أن منصة كي  Kick تم تطويرها ومضاعفة متابعيها بسبب  الستريمر إلياس المالكي.

التأثيرات الإيجابية والسلبية لمثل هذه الظواهر على المجتمع؟

في حالة “الكينكس ليغ” ، شكلت كاريزما إلياس المالكي أو ما يمكن نعته ب “مود إلياس” تأثيرا  إيجابيا على المستوى الوطني والعالمي، خصوصا طريقة  اللباس ورمزيته : “الجلابة” و “الطربوش الأحمر” و”الدراعة الصحراوية”  و”الراية المغربية” و فرقة الدقايقية و الموسيقى المرحة و “اللوك” و النظارات الشمسية والجو العام المرح والكوميدي والإشارات الرياضية ( “كمنجا” طريقة العزف كإحالة على تسديد خاطىء للكرة من طرف لاعب الفريق الخصم) . كل هذه صور إيجابية يمكن اعتبارها تنهل من عبقرية ديجيتالية تشكل تسويقا ناعما لصورة المغربي وصورة المملكة المغربية 

في المقابل كانت هناك انزلاقات غير رياضية وغير مقبولة ومرفوضة لا وطنيا ولا دوليا من قبيل السب بألفاظ نابية واستعمال بعض الإشارات غير الأخلاقية … هل هذا مرده شخصية الفرد المتصل التي تكون شخصية متوترة وحالته النفسية المتشنجة بفعل طول مدة الاتصال الذي تصير إدمانا ديجيتاليا لا سيما في حالة الستريمر.

غير مقبول أن الستريمر إلياس المالكي يعلم أن المغاربة “كل شي تيتفرج فيه” (العائلات والأسر) ويستعمل كلمات خادشة  ولاتحترم المشترك القيمي. هنا يتوجب على “إلياس المالكي الظاهرة” أن يرقى بالخطاب سواء ذلك الموجه داخليا أو ذاك الموجه خارجيا لتجنب السقوط في “بلاغة التفاهة” .

لهذا فالسلبي والإيجابي عند الستريمر عامة يظل تموجاته وتردداته بين التفاهة و”المعقول”، مما يدفع بالمتتبعين الى الانقسام بين مؤيد ومعارض.  في هذا الصدد يمكن اعتبار الستريمر إلياس المالكي ك”بطل إشكالي” يمزج بين قيم راقية (التضامن ، الأعمال الخيرية …)  وخطاب وألفاظ تحيل على ” التفاهة الافتراضية”

هل يمكن اختزال ظاهرة المالكي في منطق التفاهة؟

إلياس المالكي الستريمر كظاهرة وجب التعامل معه على أساس أنه اقتحم حقلا مجتمعيا محوريا بالنسبة للمغاربة هو “حقل المشترك”، ولأنه خرج من ما يمكن أن يعتبر “سردية هامشية” إلى سردية تهم المجتمع المغربي تتضمن عناصر أساسية من قبيل النشيد الوطني، الراية المغربية.  فإلياس المالكي كستريمر انتقل من ما هو غير مؤسساتي ( فردي واختياري وانطباعي) إلى ما هو مؤسساتي ومنظم وجماعي، خصوصا  مع إرهاصات مشروع وفكرة تنظيم “الكينكس ليك”  الإفريقي بالمغرب واحتضان اللعبة من طرف الجامعة الملكية لكرة القدم.

وبموازاة هذه الملاحظة التي تنقله من ماهو شخصي إلى ماهو جمعي، هناك أغنية راب تتغنى بإلياس وتقارنه ببصير ورويشة وكذلك مادة إعلامية وحديث قناة الصحيفة الإسبانية “ماركا” عنه …

من هذه الزاوية، من المستحب على إلياس المالكي وعلى جميع الستريمرز الذين لهم مشاريع لتمثيل المملكة المغربية أن ينضبطوا لعناصر المصفوقة القيمية للمغاربة وبالتالي عليهم الانفلات والابتعاد وعدم الانغماس في منطقة الاحتباس القيمي.

وذلك لأن الإنجازات بدون قيم لا تصنع التاريخ بيد أن الإنجازات بقيم تبني التاريخ. وفي حالة الستريمر إلياس المالكي، تبدو رمزية “السطح” كبوابة لقصة نجاح ارتكزت على خلق الأمل وتحقيقه وبالخصوص في حالة اللاعب “لولا الظروف”. وتُعَبِّر عليه كلمات الأغنية التي أنشدها الفريق المغربي المشارك في الكينكس ليك عندما استقبلهم الستريمر إلياس المالكي في غرفته “الحكاية بْدَاتْ من السطاح …. مع إلياس كل شي يفرح”. كما أن شغف الستريمر إلياس المالكي بكرة القدم ومبادرته تكوين فريق كرة قدم بحمولة عاطفية،  وكذلك حلمه الشخصي كان دافعه قيم تمزج بين الأمل والصداقة والوطنية والهوية والشخصية المغربية.

نموذج لصوت الهامش الذي يحاول التمرد على المركز

تماما لا سيما أن انخراطه في مجتمع الاتصال هو انخراط يومي بمثابة إدمان ديجيتالي، وهذه الوضعية تجعل من ثنائية الهامش والمركز ومحاضن التنشئة التقليدية ( الأسرة- المدرسة – الحي – الجامعة – الحزب – النقابة – النادي …) بنيات خارج السياق، لأن العالم الافتراضي صار عالما مهيمنا ومكتملا يمكن للفرد أن يعيش من داخله مواطنته دون أدنى جهد أو تعب.

 فالشق الرقمي وهو الشق التقني من العالم الافتراضي يساعده على تلبية حاجاته المادية ( السفر والأكل والشراء والبيع والدراسة …). أما الشق الديجيتالي وهو الشق الإنساني من العالم الافتراضي فيساعده على تلبية حاجياته الرمزية وغير المادية في التعبير والتعارف وخلق رباط ديجيتالي يفوق الرابط الاجتماعي ويؤسس على عناصر جديدة للعيش المشترك.

فالانتقال من فرد واقعي إلى فرد افتراضي ألغى بل جَمَّد دور محاضن التنشئة التقليدية فصارت المواطنة ذات طبيعة افتراضية وأضحى وجود الأفراد رهينا بتفاعلات ديجيتالية من قبيل ” أعجبني” و ” جيم” و” جادوغ” و” طاكي” و”بلوك” و”ديبلوك” و “إلغاء” و”إضافة” و”حذف” و “تأكيد” ” و”تجاهل” و “سينيالي” و “برطاجي”… التي تحيل على السلطة الناعمة للفضاء الافتراضي.

والستريمر إلياس المالكي مثال لهذه المواطنة الجديدة التي تعكس أفرادا وأشخاصا ذوي علاقات ، وذوات شبكية متصلة.

خطورة العجز عن استيعاب هذه الأصوات

هناك خطر داهم وغير متوقع يجسده تغير التمثلات الشبابية حول مقولة العمل بحيث تم الالتفاف عن العمل الواقعي المرتكز على المثابرة والكفاءة والشواهد والالتزام إلى العمل الافتراضي في صيغته التفاعلية ( اليوتبرز والستريمر و التكتوكر …) الذي يُبْنى على الإثارة  و”القفوزية” والتلقائية والبوز و”كَبَّسْ” وعدد المشاهدات و”الأدسنس” وبالتالي التحول من الجهد الواقعي إلى الريع الديجيتالي

تباعا، نحن في الحاجة إلى إدراج مواد حول الميديا الاجتماعية والتربية الديجيتالية في مقررات المدرسة المغربية لكي نتمكن من ضبط الانزلاقات القيمية وتربية اليافعين والأطفال على الفكر النقدي والممارسات المجتمعية الفضلى، ولكي تتمكن المدرسة من الانخراط في تنشئة مجتمعية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار عوالم الأطفال واليافعين والشباب، وهي عوالم صاعدة من الديجيتال،  وبالتالي تتمكن من احتضان واستيعاب مثل هذه الأصوات لا سيما أصوات “اليوتبرز” و”الستريمرز” وآخرون،  لضبط المخاطر الافتراضية التي قد تفضي إلى مأزق قيمي.

ليصبح الديجيتال آلية من آليات الاندماج المجتمعي وليس آلية من آليات الانعزالية المجتمعية والانحراف الفردي. وتثمين رمزية الانتماء بصيغة “نيوتمغربيت” وهي تمغربيت افتراضية



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات