تعيش الزراعة الإسبانية لحظات مصيرية في ظل أزمات متشابكة تهدد عماد الاقتصاد الزراعي في البلاد.
وأفادت تقارير إعلامية إسبانية أن أزمة المياه المتفاقمة، إلى جانب الاتفاقيات التجارية الأخيرة التي أبرمها الاتحاد الأوروبي، ستنعكس سلبًا على الإنتاج الزراعي الإسباني، مما يفتح الباب واسعًا أمام المغرب ودول أمريكا الجنوبية لتعزيز مكانتهم كمزودين رئيسيين للمنتجات الزراعية في السوق الأوروبية.
وأكدت ذات التقارير، أن المناطق الزراعية الكبرى مثل أليكانتي، مورسيا، وألميريا، التي لطالما شكلت عصبًا حيويًا للإنتاج الزراعي في أوروبا، تواجه اليوم تهديدًا حقيقيًا بسبب شبح الجفاف الذي يزحف بلا هوادة.
وسط هذه التحديات، يتزايد القلق من أن يصبح المغرب ودول أمريكا الجنوبية، مثل البرازيل والأرجنتين، البديل الأكثر جاذبية لتلبية الطلب الأوروبي المتزايد على الفواكه والخضروات.
وأكدت التقارير الإعلامية الإسبانية، أن المغرب يتمتع بموقع استراتيجي يسمح له بالاستفادة من هذه الأزمة لتعزيز صادراته الزراعية، وهو ما سيجعل منه لاعبًا رئيسيًا في السوق الأوروبية، خصوصًا في ظل توقعات المفوضية الأوروبية بأن يحتفظ المغرب بموقعه كمورد رئيسي للطماطم الطازجة للاتحاد الأوروبي حتى عام 2035.
في المقابل، لم تخفِ الجهات الفاعلة في القطاع الزراعي الإسباني غضبها من سياسات حكومة بيدرو سانشي، متهمة إياها بالعجز عن إدارة أزمة المياه بفعالية وعدم قدرتها على حماية المصالح الزراعية في المفاوضات الأوروبية.
ووفقا لذات التقارير، في خوسيه فيسنتي أندرو، رئيس اتحاد نقابات “أساجا – أليكانتي”، وصف الوضع بأنه كارثي، محذرًا من أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى تراجع حاد في تنافسية الزراعة الإسبانية، مما سيزيد من اعتماد البلاد على الواردات الزراعية من المغرب وتركيا والبرازيل، ما يهدد السيادة الغذائية لإسبانيا.
وأضاف أندرو، حسب ذات المصادر، أن الاعتماد على تحلية المياه كحل رئيسي ينذر بترك صغار ومتوسطي المنتجين في مواجهة مصير مجهول، حيث ستنجو فقط الشركات الزراعية الكبرى القادرة على تحمل التكلفة العالية للمياه. هذه الشركات، وإن كانت تمثل أقلية، قد تستغل الأزمة لتعزيز هيمنتها على القطاع، مما يزيد من تعقيد الوضع.
بينما تكافح الزراعة الإسبانية للبقاء في وجه تحديات غير مسبوقة، يبدو أن المغرب يخطو بخطوات ثابتة لتعزيز حضوره في السوق الأوروبية.
ورغم أن المشهد لا يزال ضبابيًا، إلا أن التحولات الحالية قد تعيد تشكيل خريطة التصدير الزراعي في أوروبا لعقود قادمة، وسط سباق محموم بين الأطراف الفاعلة للاستحواذ على نصيب أكبر من هذه السوق الحيوية.