تجد المملكة العربية السعودية نفسها في مفترق طرق حساس بشأن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، في وقت يبدو أن الحرب بين إسرائيل وحماس تقترب من نهايتها، ومع استعداد دونالد ترامب لاستعادة منصبه في البيت الأبيض. كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد بدأ مفاوضات في عام 2020 للتقارب مع إسرائيل، مقابل اتفاق دفاع مع الولايات المتحدة ومساعدة أمريكية لبرنامج نووي مدني. ومع ذلك، تم تعليق هذه المحادثات بعد اندلاع النزاع في غزة عقب الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023.
تعتبر المملكة العربية السعودية، بصفتها أكبر اقتصاد في العالم العربي ووصية على أقدس موقعين في الإسلام، أنها بحاجة إلى دعم اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس، لكنها تشدد على ضرورة انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي الفلسطينية. وفقًا لفراس مقصود، الباحث في معهد الشرق الأوسط، فإن الشرط الأدنى لأي تطبيع يبقى هو إقامة عملية موثوقة وغير قابلة للعكس نحو إنشاء دولة فلسطينية.
على الرغم من الضغوط للتقدم نحو التطبيع، يتعين على الرياض أن تتعامل بحذر، حيث أن جزءًا كبيرًا من الشعب السعودي لا يزال متعاطفًا مع القضية الفلسطينية. لقد عززت الحرب في غزة، التي أسفرت عن مقتل نحو 50 ألف فلسطيني، من رفض أي تقارب مع إسرائيل. وفي سبتمبر الماضي، صرح ولي العهد بأن بلاده لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل إنشاء دولة فلسطينية.
مع عودة ترامب إلى السلطة، يبدو أنه مصمم على إنهاء ما يسميه “صفقة القرن”، والتي تروج للتطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل. ومع ذلك، يجب على الرياض أن تتقدم بحذر بعد اتخاذها موقفًا علنيًا واضحًا بشأن هذه القضية. بالإضافة إلى ذلك، فقد عززت المملكة مؤخرًا علاقاتها مع إيران، مما يمثل نكسة لإسرائيل والولايات المتحدة.
على الرغم من اهتمام إسرائيل بالتطبيع مع الرياض، إلا أن حكومتها تظل معارضة لحل الدولتين الذي تسعى إليه غالبية المجتمع الدولي. قد يؤدي عودة ترامب إلى تعقيد المفاوضات حول اتفاق دفاع مع الرياض، الذي سيتطلب دعم الأصوات الديمقراطية في مجلس الشيوخ.
يعتقد بعض المحللين أن شكلًا محدودًا من التطبيع قد يكون ممكنًا، يتمثل في الاعتراف الدبلوماسي دون تبادل تجاري أو ثقافي كبير. تُظهر التاريخ أن حتى عندما تم توقيع اتفاقيات، مثل تلك التي تمت بين مصر والأردن، لم تنجح في إقناع شعوبها بأن السلام مع إسرائيل كان مفيدًا.
في الختام، تواجه المملكة العربية السعودية معضلة معقدة: التقدم نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل بينما تحافظ على التزامها بالقضية الفلسطينية. دون وجود خارطة طريق واضحة لحل الدولتين، قد تبقى أي محاولة للتقارب بعيدة المنال.
عن موقع: فاس نيوز