الثلاثاء, مارس 18, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالدكتور العمراني يسبر أغوار الأرشيف الوطني بلاهاي، ويصدر كتابه ” المغرب وهولندا...

الدكتور العمراني يسبر أغوار الأرشيف الوطني بلاهاي، ويصدر كتابه ” المغرب وهولندا إبان عهد السلطان مولاي إسماعيل”


خليفة بوطيب **
أصدر الدكتورمحمد العمراني أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله سايس- فاس المغرب، كتابه ” المغرب وهولاندا إبان عهد السلطان مولاي إسماعيل من خلال وثائق الأرشيف الوطني في لاهاي” وهو السلطان العلوي الذي حكم المغرب مابين 1672 – 1727 م. هذا الكتاب الذي صدر في طبعته الأولى ،2025 من منشورات مؤسسة باب الحكمة في تطوان والذي يوجد في 195 صفحة.
الكتاب ضم – بالإضافة إلى تقديم و مقدمة وخاتمة ثم ملحق للنصوص والوثائق- ثلاثة فصول، تناول أولها مسار مفاوضات معاهدة السلم والتجارة (21 أغسطس 1684م)، في حين تناول الفصل الثاني ضغوط المغرب على هولاندا: إما السلاح وتسريح الأسرى أو إلغاء المعاهدة، في حين اهتم الفصل الثالث بالعلاقات المغربية الهولندية بين الإستمرارية والقطيعة.
وهو الإصدار الذي جاء كثمرة للاعتكاف والبحث والتنقيب، طوال سنة كاملة في الأرشيف الوطني الهولندي بلاهاي، باعتبار د.العمراني خبيرا في هذا المجال، استغل عراقة هاته المؤسسة الأوروبية، وكذا ما تتميز به من تنظيم وما تقدمه من تسهيلات للباحثين، والتي بالطبع وجد صاحب الكتاب ضالته، من خلال الغوص داخل مختلف الوثائق المغربية، المحفوظة في الأرشيف الوطني في مدينة لاهاي الهولاندية. وهو الاهتمام الذي – يؤكد الدكتور العمراني- ليس وليد اليوم، بل منذ أكثر من عقدين من الزمن، عندما اشتغل بفهرسة الوثائق المغربية المحفوظة هناك، تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد المجيد القدوري من جامعة محمد الخامس بالرباط، والأستاذ الدكتورهرمان أوبداين (Herman OBDEIN) من جامعة ليدن بهولاندا. وهو ما مكنه من الاطلاع على مضامين كثير من الوثائق الغميسة، المتعلقة بتاريخ العلاقات المغربية الهولندية خلال الفترتي الحديثة والمعاصرة، والتي قام باستنساخ المئات منها لأجل استغلالها في أبحاثه التاريخية، وجعلها في متناول الطلبة الباحثين في سلكي الدراسات العليا والدكتوراه. والتي لاشك كانت مصدرا أساسيا من مصادر المعلومات التي يتضمنها إصداره الجديد، والذي أكد بأنه يندرج ضمن مشروع علمي شامل، يستهدف إبراز حضور المغرب في الأرشيف الهولندي، خلال العصرين الحديث والمعاصر 1605 إلى 1956م، والذي شرع في إنجازه منذ 2005.
الدكتور العمراني يؤكد للقراء، بأن هذه الوثائق تعد أصلية مكتوبة في الغالب الأعم باللغة العربية، وفي أغلبها رسائل وجهها السلطان مولاي إسماعيل وبعض عماله ووكلائه، إلى حكام الدولة الهولندية. وهي الدولة التي كانت تسمى في ذلك العهد، وإلى حدود سنة 1796م ب ” جمهورية الأقاليم السبعة المتحدة”، و ب ” الولايات العامة “. وكانت تدعى في اللغة الفرنسية (LES ETATS GENERAUX)، أو لوس إسطادوس خنرالس في اللغة الإسبانية (LOS ESTADOS generales)، أو ستاتن خنرال في اللغة الهولندية (STATEN General).
وحول مضامين هاته الوثائق، فقد أكد لنا صاحب الإصدار الدكتور العمراني، بأنها تؤرخ لقضايا السلم والقرصنة، والأسرى والتجارة بين المغرب وجمهورية الولايات العامة، وخاصة تجارة العدة الحربية، التي كان يتكرر الإلحاح عليها كثيرا في المراسلات المغربية، إلى حكام الولايات العامة الهولندية، الذين عادة ما تسميهم تلك المراسلات ب ” جماعة الإسطادوس” أو ” ديوان الإسطادوس “. هاته الوثائق التي يشير صاحب الإصدار، بأنها لا تعتبر المصدر الوحيد لمضمون كتابه، بل تم الاعتماد على مرجعين مهمين آخرين؛ أولهما أطروحة المؤرخ الهولندي يوهان دو باكر، لنيل الدكتوراه في التاريخ حول موضوع ” الأسرى والسلاح والجهاد: المغرب والولايات العامة الهولندية إبان قيام الدولة العلوية (1660-1727)”، التي نوقشت في جامعة أمستردام سنة 1991م، وترجمت إلى اللغة العربية ونشرت بالرباط سنة 2022. وثانيهما دراسة الباحث المغربي محمد أمزيان، عن ” دبلوماسية البارود، دراسات في تاريخ العلاقات المغربية الهولندية (1610-1810) ” والتي نشرت في تطوان سنة 2019. وهما المرجعان اللذان أفادا الدكتور العمراني في تدارك بعض الأحداث المهمة، المتصلة بمجريات التفاوض بين المغاربة والهولنديين حول القضايا الأساسية المذكورة بين دفتي الكتاب، والتي لم تتضمنها وثائق الأرشيف الوطني الهولندي. هذا بالإضافة إلى لجوء المؤرخ العمراني، إلى المجلدين الثاني والثالث من ” المصادرغير المنشورة لتاريخ المغرب ” للكونت هنري دي كاستري، من السلسلة الثانية الخاصة بالدولة العلوية، والمتعلقة بوثائق الأرشيف الفرنسي، و على مؤلف ” تاريخ العلاقات الإنجليزية المغربية حتى عام 1900″ للمؤرخ الإنجليزي روجرز، وكل هذا هدفه – حسب ما أكده لنا المؤلف – توسيع القاعدة المصدرية الهادفة إلى حسن مقاربة موضوع الكتاب من جميع الجوانب .
من كل هذا إذن، وبعد كل هذه السنوات من البحث في مختلف الوثائق والمراجع والمصادرفي المغرب وأوروبا، يخرج لنا الأستاذ العمراني ثمرة مشروعه العلمي، الذي لاشك سيكون نبراسا مضيئا لكل الطلبة والباحثين، داخل الوطن العربي والمهتمين بالعلاقات مع مختلف الدول الأوروبية خلال الفترتين الحديثة والمعاصرة، قصد مزيد من تعميق وتعزيز ودعم معارفهم ، وكفاياتهم البحثية في هذا الجانب من التاريخ. وهو الإصدار الذي ينضاف إلى مؤلفاته التاريخية الأخرى التي أغنى بها المكتبات المغربية والعربية.

** طالب باحث في سلك الدكتوراه
التاريخ والتراث
جامعة سيدي محمد بن عبد الله سايس-فاس



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات