دور المعارضة أن تكون قوة اقتراحية وأن تكون عينا على ممارسات الحكومة تمارس دور الرقابة على العمل الحكومي وكشف الاختلالات، ولا عيب في هذا الأمر بل هو دورها، وليس من مهام المعارضة التصفيق لعمل الحكومة، فلديها ما يكفي من المصفقين خصوصا بعد تحويل الأغلبية إلى مجرد أرقام وليس قوة بشرية قادرة على المناقشة وتجويد القوانين وممارسة حق الرقابة على العمل الحكومي.
من هذا المنطلق ننظر إلى خرجات محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي يمكن اعتباره صوت المعارضة الذي حافظ على توازن معين منذ خروجه من الحكومة، وكان منسجما مع تموقعه السياسي، ويكفي أنه بعد لقائه بعزيز أخنوش عندما كان رئيسا للحكومة معينا، صرّح للصحافة بأن الأمر يتعلق باستطلاع لوجهات النظر أما مشاركة الحزب في الحكومة فغير واردة.
اليوم يقول في خروج على قناة عمومية أن الحكومة تقوم بالتطبيع مع لوبيات الاحتكار وممارسة الفساد، والأهم من كل ذلك أن الحزب غير مطروح ليكون بديلا لقيادة الحكومة، وبالتالي فإن نقده هو من باب ناقوس الخطر، حتى لا يأتي الخراب الذي يأتي على الأخضر واليابس، وتنبيه الحكومة والأحزاب والتنظيمات والمجتمع المدني لما يمكن أن يقع هو من أهم مهام الأحزاب السياسية.
يذكر أننا ومنذ اليوم الأول لتنصيب هذه الحكومة نبّهنا إلى وجود خلل في تركيبتها، سواء من حيث هي منبثقة عن أغلبية هدفها ليس تشكيل الحكومة ولكن قتل المعارضة، حيث جمع أخنوش ثلاثة أحزاب لديها ثلاثة أرباع البرلمانيين وترك المعارضة بين يدي أحزاب منها من كان يرمم بيته الداخلي نتيجة عوامل سياسية وانتخابية وعلى رأسها العدالة والتنمية، الذي نزل من 127 مقعدا إلى 13 مقعد، وسواء من حيث تمثيلها لـ”تجمع المصالح الكبرى”.
وحتى في صيغتها الثانية بقيت وفية لنهجها وسلوكها المنبثق من طريقة تشكيلتها ومن الأغلبية التي خرجت منها، ولم تتغير وسارت على طريقة تقديم الهدايا والمزايا لتجمع المصالح الكبرى، ولهذا لم يجانب نبيل بنعبد الله الصواب عندما قال إنها حكومة مُطبعة مع لوبيات الاحتكار، التي خنقت المغرب وجعلت قوت المغاربة في خطر باعتبارها المتسبب الرئيسي في غلاء الأسعار.
فتطبيع الحكومة مع لوبيات الاحتكار وطغيان منظومة الفساد على دواليب التدبير الإداري، خلقت تحالفا طبيعيا جشعا هدفه تحقيق الأرباح والغنائم قبل الخروج من الحكومة، التي لم يبق لها وقتا طويلا تعيشه، بينما انهارت القدرة الشرائية للمواطنين، في وقت لا تفكر فيه هذه اللوبيات سوى في الاغتناء، ويكفي التقرير الذي نشرته بعض الصحف الإسبانية التي تحدثت عن ارتفاع صادرات الحبوب من المغرب إلى إسبانيا بسبع مرات، وهذا أمر خطير للغاية في وقت يعاني فيه المغرب من الجفاف.
وصف الحكومة بالتطبيع مع لوبيات الاحتكار والفساد هو الحد الأدنى من الالتزام الأخلاقي للقوى السياسية المعارضة تجاه الناخبين بل تجاه الشعب المغربي.