خفضت حكومة أخنوش ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والذي جاء في أعقاب الهجوم الحكومي على الهيئة بسبب تقريرها الذي كشفت فيه تفشي الفساد وعدم كفاية المجهود الحكومي لمحاربته، حيث نفى مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن يكون تقليص الميزانية مقصودا من جهة ما، وقال إن هذا التقليص مرتبط بتراجع تكاليف الهيئة بعد سنوات من إحداثها.
واعتبر الوزير ، أن انخفاض ميزانية هذه المؤسسة الدستورية طبيعي جدا، لأنه عند إحداث مؤسسات جديدة تكون ميزانيتها مرتفعة نسبيا، حيث تكون لديها تكاليف مرتبطة بالمقرات والعتاد، و أضاف بايتاس “العتاد الذي يشترى في السنة الأولى لإنشاء المؤسسة ليس هو الذي سيتم اقتناؤه في السنوات اللاحقة، وهذا هو الذي جعل الميزانية تنخفض.. فهناك تكاليف في البداية لا يكون لها داع في السنوات اللاحقة”.
وأكد بايتاس، أن هذه المؤسسة دستورية، ويجب أن تقوم بهامها بالشكل الذي ينسجم مع القوانين المنظمة والمؤطرة لها.
من جهته عقب بوانو رئيس مجموعة العدالة و التنمية بمجلس النواب ، عن ما وصفها بالأولويات المفقودة في مشروع قانون المالية، فأولوية الماء غير حاضرة عند الحكومة، والتشغيل غير حاضر أيضا، ومحاربة الفساد أيضا غائبة، و قال ” رئيس الحكومة لا يحضر ولا يترأس اجتماعات اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد ولا يتفاعل مع الانتقادات، إذن من المسؤول عن مستويات الفساد التي وصلنا إليها اليوم؟ ولما ترفض الحكومة الاتهامات الموجهة لها بالتطبيع مع الفساد”.
واعتبر بوانو أن هيئة النزاهة ليست حائطا قصيرا ممكن أن يستلقه رئيس الحكومة ووزراؤه، وعلى الحكومة أن تعالج إشكالات الفساد بدل مهاجمة المؤسسات الرسمية.
واتهم رئيس الحكومة بالكذب فيما يخص نسب النمو الاقتصادي والمديونية، والترويج لأرقام مغلوطة.
وأشار أن 80 في المائة من مخصصات التغطية الصحية أي ما يعادل 9 مليار درهم ذهبت للقطاع الخاص، الذي ينتشر كالسرطان على حد تعبيره.
وأوضح أن الحكومة شرعت في مشروع قانون المالية لنائب برلماني يستورد العسل كي ينزل الثمن من 40 في المائة إلى 2.5 في المائة، واصفا هذه النازلة بالمنكر.
و أشار التقرير السنوي للهيئة إلى قلق واسع بين المغاربة بشأن تزايد الفساد، حيث يرى 79% من المواطنين أن جهود الحكومة في محاربة الفساد داخل الإدارات العمومية “سيئة أو سيئة جدًا”. وأضاف التقرير أن ترتيب المغرب تراجع في مؤشر مدركات الفساد منذ عام 2018، حيث حصل على درجة 38 من 100 لعام 2023، ما يعكس انخفاضًا قدره 5 نقاط خلال السنوات الخمس الماضية.
وعلى مستوى الأعمال، أظهرت الدراسة الوطنية للهيئة أن 68% من الشركات تعتبر الفساد منتشرًا في المغرب، خاصة في قطاعات مثل منح التراخيص، الصفقات العمومية، والتوظيف. كما أوضح التقرير أن 23% من مسؤولي الشركات واجهوا نوعًا من الفساد خلال العام الماضي، أغلبها عبر طلبات مباشرة من الموظفين.
يأتي هذا النقاش في ظل تصاعد الدعوات إلى تعزيز المساءلة والشفافية في الإدارة العامة، وسط تحذيرات من تأثيرات الفساد على ثقة المواطنين والشركات بالمؤسسات الحكومية.