الثلاثاء, أبريل 1, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالحق في المعلومة.. بين الباب المفتوح و المغلق

الحق في المعلومة.. بين الباب المفتوح و المغلق


يُحكى أن هناك حقًا يُدعى “الحق في المعلومة”، لكنه كان يعيش في الظل، لا يراه أحد ولا يسمع عنه إلا القليل من المحظوظين. وكان الناس كلما بحثوا عنه، قيل لهم: “لقد مرَّ من هنا قبل قليل”، أو “ستجده في الجريدة الرسمية”، تلك الجريدة التي تحتاج إلى بوصلة وخريطة كنز لفك طلاسمها.
في المغرب، لدينا قانون يضمن الحق في الحصول على المعلومة، لكنه يشبه إلى حد بعيد تلك اللوحات التي تقول “ممنوع المرور”، فتجد الجميع يعبر الطريق دون اكتراث. تُريد معلومة؟ حسنًا، عليك أن تملأ استمارة، وتنتظر 20 يومًا، وإذا حالفك الحظ، ربما تحصل على ردٍّ مبهم، مليء بالكلمات الفضفاضة مثل “في إطار التوجيهات ” و”تنزيل الاستراتيجيات الكبرى”، دون أن تفهم ما يجري فعلًا.
أما إن كنت صحفيًا أو باحثًا، فهنيئًا لك رحلة “السير على الجمر”. تطلب رقمًا حول الميزانية؟ الجواب: “المعطيات غير متوفرة حاليًا”. تسأل عن صفقات عمومية؟ الرد: “سِرٌّ من أسرار الدولة!”. حتى حالة الطقس قد تصبح من المعلومات الحساسة التي لا يمكن الاطلاع عليها إلا بإذن خاص من “لجنة سرية لا يعرفها أحد”.
لكن لا تقلق، هناك مصدر مضمون للمعلومات: المقاهي الشعبية. فهناك ستسمع تحليلات دقيقة عن كل شيء، من الاقتصاد إلى السياسة، بل وحتى أسرار الدولة التي لا يعرفها الوزراء أنفسهم! وللمفارقة، فإن بعض المعلومات التي تحتاج إلى إذن رسمي للحصول عليها، يمكنك سماعها بكل سهولة عند بائع الفول أو في طاكسي صغير.
أما الحل؟ بسيط جدًا! إذا كنت تحتاج إلى معلومة في المغرب، فعليك أن تتبع الطريقة التقليدية: اسأل “صديقًا لديه صديق يعرف شخصًا في الوزارة”، أو انتظر تسريبات الواتساب والفيسبوك، فهي أسرع من أي مسطرة إدارية .. و يبقى الحق في المعلومة كالماء في السراب: يبدو قريبًا، لكنه يبتعد كلما اقتربت منه!
نظريًا، المغرب لديه قانون يكفل الحق في الحصول على المعلومة، وهو القانون رقم 31.13، الذي دخل حيز التنفيذ في 2019، ويُلزم الإدارات والمؤسسات العمومية بتمكين المواطنين من الوصول إلى المعلومات التي بحوزتها لكن عمليًا؟ هنا تبدأ القصة الحقيقية!
الحصول على المعلومة في المغرب أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش. عليك أن تتبع مسطرة طويلة، تبدأ بتقديم طلب مكتوب وانتظار 20 يومًا على الأقل، وقد تحصل على إجابة، أو يُطلب منك “إثبات الحاجة للمعلومة”، أو يُقال لك إنها “معلومة غير متاحة “، أو ببساطة لا يرد عليك أحد.
وبما أن القانون يستثني الكثير من المعلومات المتعلقة بـالسياسة الخارجية، الدفاع، والحياة الخاصة، فإن أغلب المعلومات الحساسة تُعتبر سرًا مقدسًا لا يمكن الوصول إليه بسهولة.
أما الصحفيون والباحثون، فمعاناتهم مضاعفة! فالعديد من الإدارات تفضل التكتم والصمت بدلًا من الاستجابة، ما يدفعهم إلى البحث عن المعلومة بطرق أخرى، مثل العلاقات الشخصية أو “التسريبات” غير الرسمية إذن، هل هناك حق في الحصول على المعلومة في المغرب؟ نعم، لكنه يشبه بابًا مكتوب عليه “مفتوح”، لكنه مغلق بإحكام من الداخل…



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات