الدار/ تقارير
أقدمت قوات من الجيش الجزائري مدعومة بمرتزقة “البوليساريو” على التوغل مجددًا في منطقة تيرس زمور شمال موريتانيا. هذه التحركات، التي اعتبرها مراقبون خرقًا واضحًا للسيادة الموريتانية، تُلقي بظلالها على العلاقات الإقليمية، وتفتح الباب أمام مزيد من التوتر في المنطقة.
وفقًا لمصادر موريتانية، فإن هذه التحركات تأتي في سياق محاولات الجيش الجزائري و”البوليساريو” توسيع نطاق نفوذهم في المنطقة، مما يعكس نية واضحة لتحدي موريتانيا عبر خلق حالة من عدم الاستقرار في شمال البلاد. يُشير محللون إلى أن هذا السلوك ليس مجرد “توغل عابر”، بل خطوة استراتيجية تهدف إلى الضغط على نواكشوط وإرسال رسائل سياسية واضحة.
تزامنت هذه الانتهاكات مع تحسن ملحوظ في العلاقات بين موريتانيا والمغرب، وهو تقارب يبدو أنه يُزعج الجزائر وحلفاءها في “البوليساريو”. فالتعاون الاقتصادي والأمني بين الرباط ونواكشوط آخذ في التوسع، حيث تعززت العلاقات عبر مشاريع استراتيجية مثل تطوير المعابر الحدودية وتنشيط التبادل التجاري.
الجزائر، التي تسعى منذ سنوات لدعم “البوليساريو” في صراعها ضد المغرب، ترى في هذا التقارب تهديدًا مباشرًا لمصالحها الجيوسياسية. وبالنظر إلى التحالف المغربي-الموريتاني المتنامي، يبدو أن هذه التحركات الأخيرة تهدف إلى إثارة قلق القيادة الموريتانية ودفعها لإعادة النظر في خياراتها الدبلوماسية.
على الرغم من الانتهاكات المتكررة، لا تزال نواكشوط تتجنب التصعيد الدبلوماسي العلني مع الجزائر. هذا الموقف الحذر يعكس رغبة القيادة الموريتانية في الحفاظ على توازن حساس بين القوى الإقليمية المتنافسة. ومع ذلك، فإن استمرار هذه الاستفزازات قد يدفع موريتانيا إلى اتخاذ خطوات أكثر حدة، سواء عبر تقديم شكوى رسمية إلى الاتحاد الإفريقي أو تعزيز التعاون العسكري مع المغرب لمواجهة أي تهديد محتمل.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن منطقة الساحل والصحراء مُقبلة على مرحلة جديدة من التوترات، حيث تتشابك المصالح السياسية والاقتصادية بين القوى الإقليمية. التوغل الجزائري في الأراضي الموريتانية لا يُمثل فقط انتهاكًا للسيادة، بل يضع نواكشوط أمام تحديات صعبة تتطلب قرارات جريئة لحماية مصالحها الوطنية.
فهل ستنجح موريتانيا في إدارة هذه الأزمة دون الانجرار إلى صراع مفتوح مع الجزائر و”البوليساريو”، أم أن التوترات ستتصاعد لتعيد رسم خارطة التحالفات في المنطقة؟