هشام رماح
في كل مرة يخفق النظام العسكري الجزائري في كسب رهان ضبط النفس، وإظهار الكياسة في التعامل مثل أي نظام يحترم نفسه، إذ سرعان ما ينفلت الـ”كابرانات” ليبتدعوا ما يضحك الناس عليهم، مثلما حدث وهم يثيرون موضوع إيجار العقارات التي تستغلها التمثيليات الدبلوماسية الفرنسية.
وفي ظل الشد والجذب بين فرنسا والجزائر، لم يجد النظام العسكري ما يحول به النقاش حتى يرتق بكارته، وما يعزيه غير إثارة موضوع “الممتلكات العقارية التي وضعتها الجزائر تحت تصرف فرنسا”، وكأن بذلك يستطيع تأديب فرنسا التي تعرف الجزائر أكثر من غيرها وهي التي احتلتها لـ132 سنة، ورعتها منذ 1962.
ووفقا لما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية (APS) يوم أمس الأحد 16 مارس 2025، فإن “وزارة الخارجية الجزائرية استدعت “استيفان روماتي”، سفير فرنسا في الجزائر، لطرح ملف طالما تجاهلته باريس، والذي هو الممتلكات العقارية التي وضعتها الجزائر تحت تصرف فرنسا، وهو ملف يكشف عن معاملة غير متكافئة تمامًا بين البلدين”.
وأوردت وكالة الأنباء الجزائرية، أن هناك 61 عقارًا تشغلها فرنسا في الجزائر، مقابل إيجارات زهيدة للغاية، ومن بين هذه الممتلكات، يقع مقر السفارة الفرنسية في الجزائر على مساحة شاسعة تبلغ 14 هكتارًا (140 ألف متر مربع) في مرتفعات العاصمة الجزائر وهو إيجار تافه لا يغطي حتى سعر غرفة صغيرة في باريس.
كذلك، أحال البوق الرسمي للعسكر على إقامة “استيفان روماتي”، السفير الفرنسي، المعروفة باسم “الزيتون”، وهي تمتد على مساحة 4 هكتارات (أربعة آلاف مربع)، مقابل إيجار رمزي منذ عام 1962 وحتى غشت 2023.
المثير أن النظام العسكري الجزائري، قرر النبش في موضوع الإيجارات، في تعبير سافر منه عن سخط يعتمل في صدور الـ”كابرانات” نظير عدم تعامل فرنسا بالكرم الذي يعاملونها به، على حد ادعاء وكالة الأنباء “APS”، التي قالت إن في الأمر يتعلق بعدم التعامل بالمثل بدعوى أنه “كرم لم تفكر فرنسا يومًا في منحه للجزائر على أراضيها”.
ويبدو أن التطرق إلى مسألة العقارات التي تشغلها فرنسا في الجزائر، قد يكون مثل الشرارة التي ستشعل النيران في الشعرة التي لم تنقطع بالمرة بين البلدين، إذ ستنادي أصوات عدة في فرنسا بتصويب ما اختل من أوضاع في عقارات الفرنسيين في الجزائر والتي سطت سلطاتها عليها، دون تعويضات، مباشرة بعد توقيع اتفاقية “Evian”.
أيضا، قد تكون القضية مدعاة للنظر في الممتلكات العقارية التي هي في ذمة كبار الـ”كابرانات” الجزائريين في فرنسا، وحينها سيجري الكشف عن المساحات الشاسعة التي يشغلها هؤلاء فوق أراضي البلد الأوربي، على حساب مقدرات الشعب الجزائري، لكن هل يستطيع الـ”كابرانات” الاستمرار في ما قرروه؟