الإثنين, مارس 10, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالتمكين الاقتصادي للمرأة المغربية يتأثر بغلبة الانتظارية وغياب الالتقائية

التمكين الاقتصادي للمرأة المغربية يتأثر بغلبة الانتظارية وغياب الالتقائية



بمناسبة تخليد الحركة الحقوقية النسائية العالمية عامة، والمغربية خاصة، فعاليات اليوم الأممي لحقوق المرأة، الذي يصادف الثامن من مارس من كل عام، يتجدد السؤال عن وتيرة ومدى تقدم ورش التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات المغربيات في ظل تصنيفات دولية مازالت تُبقي المغرب “متذيلًا الترتيب” (136 من أصل 146 دولة).

وكانت انتقاداتُ نائبات برلمانيات لـ”تقهقر” نسبة التمكين الاقتصادي للمغربيات قد طوّقت عنق نعيمة ابن يحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، خلال جلسة عمومية للمساءلة الأسبوعية يناير المنصرم، فيما اكتفت المسؤولة الحكومية بـ”ربط التراجع بالعوامل الديمغرافية والأسرية”، وقالت إن الحكومة تحاول رفع هذه النسبة؛ إذ “فاقت نسبة المستفيدات من بعض برامجها 60 في المائة”.

وبحلول ذكراهنّ السنوية، تتطلع الفاعلات المدنيات والحقوقيات-اللائي استطلعت جريدة هسبريس آراءهن–إلى ترسيخ أكثر قوة للمكتسبات وترصيدها، مع تذليل عقبات مسيرة التمكين الذي “ما زال بعيدَ التحقق الفعلي”، وفق تقديرات تدفع بأن الأرقام الرسمية كاشفة في هذا الصدد عن انتقال نسبة التمكين الاقتصادي ونشاط النساء من 23,4 في المائة سنة 2010 إلى أقل من 18 في المائة”، ما يفوّت على المغرب نقطة واحدة من ناتجه الداخلي الخام (بحوالي 13 مليار درهم سنويًا).

أرقام بدلالات

تُبين تقارير المندوبية السامية للتخطيط أن ظاهرة الأمية مازالت “منتشرة بشكل كبير في أوساط النساء المغربيات”، بنسبة تقارب النصف (48%)، في حين لا تتجاوز نسبة 26% لدى الرجال.

أما نسبة النشاط الاقتصادي للنساء فلا تتعدّى 25%، “مما يؤكد عدم استفادتهن العادلة من سوق الشغل وإرغامهن على الاشتغال في قطاعات غير مهيكلة خارج أية حماية قانونية واجتماعية وبأجور تقل عن أجور الرجال بحوالي 30%”، ما دفع عددا من الحقوقيات والجمعيات النسائية إلى دق ناقوس “استمرار التمييز”.

كما تمثل الأسر التي تعيلها النساء، حسب أرقام المندوبية، 20% من مجموع الأسر القاطنة بالمدن، و12,3% من الأسر القروية، علما أن المعيلات لهذه الأسر يعشن وضعية صعبة (مطلقات أو أرامل بنسبة 71,7%، يعانين من ارتفاع في نسبة الأمية، عاجزات عن تنويع مصادر دخلهن، فاقدات للتغطية الاجتماعية…).

تحسّن وتحديات

جريدة هسبريس نقلت سؤال حصيلة التمكين الاقتصادي للنساء إلى فتيحة عثمان، رئيسة فيدرالية سيدات الأعمال والمهن بالمغرب رئيسة مجلس سيدات الأعمال العرب بالمغرب، التي أكدت أن “المملكة بلغت مراتب عالية؛ بحيث تثبت تجربة الفدرالية أن بلادنا قطعت أشواطا كبيرة وسجلت تحسنا في مجال التمكين الاقتصادي للنساء في السنوات الأخيرة رغم التحديات التي لا تزال قائمة”، خاصة أن “التمكين الاقتصادي للنساء يظل ميدانا يحتاج للمزيد من العمل لتحقيق المساواة الكاملة”.

وقالت فتيحة عثمان إن “الجهود التي تبذلها فيدراليتها مازالت قائمة منذ 2018، وإلى حدود هذه السنة بلغنا نجاحا كبيرا، حيث نواكب النساء في مهن التسويق والإدارة والتسيير، بل وحتى مواكبتهن لدى الأبناك لفتح حسابات خاصة بمقاولاتهن أو تعاونيّاتهن”.

وأضافت رئيسة فيدرالية سيدات الأعمال والمهن بالمغرب، ضمن تصريح لهسبريس، أن الفدرالية تتوفر على “مركز الزُّهرة للتمكين الاقتصادي”، التابع لفرعها بمدينة سلا، شارحة أنه “يقدّم حصصاً في مشاريع عدة لفائدة النساء والفتيات، خاصة أن أغلبهن يعشن في ظروف قاسية وينحدرن من أوساط هشة (منهن أرامل ومعوزات)، وبلغ عدد المسجلات 120 سيدة مسجلة في المركز، خاصة ضمن مشروع التلفيف (emballage) بالنسبة لمنتجات الفواكه الجافة”، مبرزة “مواكبة المشاريع حتى بلوغهن مرحلة إنشاء تعاونياتهن الخاصة”.

مكاسب وعقبات

عن حصيلة المغرب في التمكين الاقتصادي، ذكرت فتيحة عثمان أنها “إيجابية من حيث المكاسب المحققة”، مذكرة بأن هناك قوانين وتشريعات تم إصدار العديد منها تهدف إلى تعزيز حقوق المرأة في العمل (مثل قانون العمل الذي يحظر التمييز بين الجنسين في الوظائف ويُحسّن ظروف العمل والمشاركة في سوق العمل)، راصدة “زيادة كبيرة في عدد النساء اللائي يدخلن سوق العمل، خاصة في قطاعات كانت تعتبر تاريخيا مجالا لهيمنة الذكور”، فـ”النساء الآن يشكلن نسبة متزايدة من القوى العاملة في القطاعات الاقتصادية المختلفة؛ لأن النساء في المشاريع الريادية ينشطن بشكل متزايد بالمغرب”، بتعبيرها.

“رغم زيادة المشاركة النسائية في سوق العمل، لا تزال هناك فجوة كبيرة في الأجور بين النساء والرجال، ما يشكل تحديا أمام تحقيق المساواة الاقتصادية”، بحسب رئيسة مجلس سيدات الأعمال العرب بالمغرب، منبهة إلى “استمرار محدودية التمثيلية في المناصب القيادية بالقطاعين العام والخاص”، فضلا عن “العقبات الثقافية والاجتماعية وتقاليد متوارثة تحد من الاستقلال المالي للمرأة وتعيق تقدمها الاقتصادي، خاصة بالمناطق القروية”.

وأجملت قائلة إن “الجهود المستقبلية، سواء ببرامج ومبادرات حكومية أو بمبادرات منظمات المجتمع المدني، يُتوقع أن تستمر لتحسين تمكين المرأة اقتصاديا من خلال التعليم، والتدريب المهني وتوفير فرص العمل اللائق”.

“الغائب والغالب”

بسطت حنان رحاب، الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، “ملاحظات حول تعاطي الحكومة مع التمكين الاقتصادي”، مثيرة، بداية، “غياب أي برامج حكومية التقائية للتمكين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للنساء، وحتى بعض المبادرات في بعض القطاعات تبقى معزولة، وأغلبها مرتبطة بالتزامات مع جهات خارجية مانحة”.

كما نبهت رحاب، متحدثة لهسبريس، في تقييمها لورش التمكين الاقتصادي للنساء، إلى “الافتقار إلى مرجعية واضحة في التعامل مع قضايا النساء، إذ لا يتم النظر إليها إلا بمنظور تقنوي ضيق، لا بمنظور مرجعي حداثي إستراتيجي، ما يُغيّب الأبعاد التقاطعية التي تمزج بين العدالة الاجتماعية والمجالية وبين سيرورة تحديث البنى المجتمعية”.

كما انتقدت المسؤولة في الهيئة النسائية الحزبية ذاتها “عدم تملّك الحكومة للنموذج التنموي الجديد؛ لأنها تحيل على فقرات منه في كل تصريحاتها، ولكن دون ربط بين ما ورد في تقرير لجنة النموذج التنموي وبين ما يتم إقراره من سياسات وإنتاجه من نصوص، ولذلك نجد فرقا شاسعا بين تصور التقرير للدولة الاجتماعية وبين ما تقره الحكومة من سياسات محافظة ومترددة”.

وقدّرت رحاب أن “التردد الرسمي الحكومي يمنحُها للأسف سمة الانتظارية”، حسب توصيفها، مستدلة بأن ذلك “ظهَرَ بجلاء في تهرب رئيس الحكومة من الحديث عما تقوم به الحكومة والقطاعات المعنية التابعة لها في موضوعيْ إصلاح مدونة الأسرة، والقانون الجنائي، في علاقتهما بالتمكين للنساء وحمايتهن، لما لهذين القانونين من تأثير على سيرورة المناصفة والإنصاف والمساواة”.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات