يشهد ملف التأشيرات بالمغرب حالة من الجدل والاحتقان نتيجة التأخير الكبير الذي يعانيه المواطنون المغاربة في البت بطلباتهم، لا سيما فيما يتعلق ببعض القنصليات الأوروبية.
هذه الأزمة تفاقمت بفعل ظاهرة احتكار وسمسرة مواعيد الفيزا، التي حولت العملية إلى معاناة مستمرة لآلاف المواطنين.
وأمام هذا الوضع، يضطر البعض إلى تنظيم احتجاجات أمام مقرات القنصليات للتنديد بسيطرة السماسرة والوسطاء على منظومة المواعيد، التي باتت مصدرًا للابتزاز والتلاعب، وصولاً إلى عمليات نصب واحتيال منظمة تشمل بيع المواعيد عبر تقنيات قرصنة حديثة.
في هذا السياق، أطلقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع الناظور، صرخة استغاثة عبر مراسلات رسمية وجهتها إلى القنصل العام للمملكة الإسبانية بالناظور ووزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
وكشفت الجمعية، بناءً على شهادات مواطنين متضررين، أن الحصول على موعد عبر الموقع الرسمي للشركة المسؤولة عن تنظيم هذه الخدمات أصبح شبه مستحيل، ما أفسح المجال لشبكات غير قانونية توظف تقنيات التشفير لاحتكار المواعيد وبيعها بمبالغ خيالية تصل إلى 5000 درهم للفرد الواحد.
ورصدت الجمعية أيضًا وجود رسوم غير مستحقة تفرض على طالبي التأشيرات، حيث يتم تحصيل مبالغ مالية عن المواعيد من دون استرجاعها في حال رفض الطلب، إضافة إلى فرض تكاليف مرتفعة للخدمات المنزلية التي تقدمها الشركة، رغم أنها لا تختلف عن الخدمة العادية سوى في السعر الباهظ, التي تصل إلى أزيد من 2600 درهم.
أمام هذا الوضع، طالبت الجمعية الجهات المعنية بالتدخل العاجل لوقف هذه التجاوزات التي تهين كرامة المواطن المغربي وتتنافى مع حقه المشروع في حرية التنقل وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية.
ولم يتوقف التلاعب في نظام المواعيد، عند هذا الحد، بل دفع البرلمان إلى التدخل عبر النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، محمد صباري، الذي وجه سؤالاً كتابيًا إلى وزارة الشؤون الخارجية حول التدابير المتخذة لضمان العدالة والشفافية في جدولة المواعيد.
وأشار صباري إلى أن الجهود المبذولة لتحسين خدمات القنصليات ومعالجة التأشيرات، رغم أهميتها، تبقى غير كافية، مطالبًا بإجراءات فعالة تعالج التحديات المرتبطة بإكراه الزمن، وتضمن عدالة في توزيع المواعيد بعيدًا عن هيمنة الوسطاء.
ومع تصاعد الأصوات المطالبة بإصلاح جذري لنظام التأشيرات، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى استعداد الجهات المسؤولة لاتخاذ قرارات شجاعة تكفل حقوق المواطنين، وتعيد الثقة في منظومة التعامل مع القنصليات والشركات المفوضة لهذه الخدمات.
ولا يقتصر التحدي فقط على تحسين البنية الإدارية، بل يشمل محاربة ظاهرة الفساد والاحتكار التي باتت تهدد الحقوق الأساسية للمغاربة وتسيء لصورة المؤسسات المسؤولة عن تنظيم هذه الخدمات.