من المتوقع أن تكون التكلفة الإجمالية لتنظيم كأس العالم 2030، الذي سيجمع بين المغرب وإسبانيا والبرتغال كدول مستضيفة، أقل من المبلغ المرجعي الذي حدده خبراء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والبالغ نحو 250 مليون دولار. وتشمل هذه التكاليف جوانب متعددة، مثل النقل، وإدارة القوى العاملة، والخدمات التقنية، والبث التلفزيوني، والسلامة والأمن، إضافة إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وفقًا لتقرير التقييم الذي نشرته “فيفا”، يتميز الملف الثلاثي بجدوى تجارية قوية؛ إذ يعتمد على عدة عوامل رئيسية، أبرزها الموقع الجغرافي المميز الذي يربط بين قارتين، والبنية التحتية المتطورة في الدول الثلاث، إلى جانب الطلب الجماهيري الكبير في هذه المنطقة.
ورغم هذه العوامل الإيجابية، فإن تنظيم الفعاليات الكبرى غالبًا ما يشهد تجاوزات كبيرة في الميزانية المخصصة. فقد أظهرت الدراسات أن 15 من أصل 19 مسابقة رياضية عالمية شهدت زيادات ملحوظة في تكاليفها، حيث تجاوزت النسبة 50% في معظم الحالات، بل وصلت إلى 100% في بعض الأحيان.
تُعد استضافة الأحداث الكبرى فرصة مهمة للبلدان لاستثمار الموارد المخصصة في تطوير البنية التحتية وتحسين المشهد الحضري. فمن خلال تحديث شبكات النقل وبناء المرافق الرياضية، يمكن أن تحقق الدول المستضيفة فوائد طويلة الأجل تتجاوز فترة الحدث نفسه، مثل تعزيز السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ومع ذلك، فإن هذه التحولات ليست دائمًا إيجابية للجميع. فقد يؤدي التركيز المفرط على البنية التحتية الرياضية إلى إهمال القطاعات الأخرى، كما أن بعض المنشآت قد تصبح عديمة الفائدة بعد انتهاء البطولة. وقد أطلق الباحث مارتن مولر على هذا التأثير مصطلح “متلازمة الأحداث الكبرى”، مشيرًا إلى أن التغيرات الناتجة عن هذه الأحداث قد تكون سلبية في بعض الأحيان.
بالنسبة للمغرب وإسبانيا والبرتغال، يمثل مونديال 2030 فرصة فريدة لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، مع تحقيق أهداف اقتصادية وتنموية مشتركة. ورغم التحديات المحتملة المرتبطة بتكاليف التنظيم، فإن التركيز على الاستفادة من الإمكانات القائمة وتجنب الهدر يمكن أن يجعل من هذا الحدث نموذجًا ناجحًا في تنظيم الفعاليات الكبرى.
في نهاية المطاف، سيكون مونديال 2030 أكثر من مجرد بطولة رياضية؛ بل سيشكل منصة لتوحيد الشعوب وإبراز التنوع الثقافي والجغرافي للمنطقة، مع تقديم نموذج عالمي عن التعاون بين القارات لتحقيق أهداف مشتركة بروح رياضية وإنسانية.