يستمر التقارب المتنامي بين المغرب وموريتانيا إثارة حالة من التوتر داخل جبهة البوليساريو الانفصالية، التي ترى أن هذا التقارب يتم على حساب مصالحها، خاصة مع التوجه لتعزيز المشاريع المشتركة بين البلدين، مثل الممر البري الجديد المزمع إنشاؤه عبر الصحراء.
وعبّر البشير مصطفى السيد، المستشار السياسي لزعيم الجبهة وشقيق مؤسسها، عن هذا القلق في رسالة نصية تداولها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي. الرسالة، التي تضمنت تهديدًا مبطنًا لموريتانيا، أشارت إلى أن الرباط تسعى لتحويل الحدود الصحراوية مع موريتانيا إلى حدود مغربية كاملة، محذرًا من أن ذلك قد يؤدي إلى “حرب أشقاء”.
غير أن هذه الرسالة قوبلت بانتقادات لاذعة من معارضين للجبهة، الذين وصفوا تهديدات قياداتها بأنها محاولة يائسة لتجييش الأتباع، مشيرين إلى التناقض بين شعارات الجبهة وواقع حياة قادتها الذين ينعمون بالرفاهية، بينما يعاني الصحراويون في مخيمات تندوف من أوضاع معيشية صعبة.
وفي هذا السياق، أكد محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن الجبهة الانفصالية تستثمر أموالًا طائلة في تشييد مقرات ضخمة ومحصنة داخل مخيمات تندوف، في خطوة تهدف إلى مواجهة الغضب الشعبي المتزايد. وأضاف أن هذه الإنشاءات تُظهر مدى قلق القيادة الانفصالية من تصاعد الاحتجاجات داخل المخيمات، والتي وصلت إلى اقتحام مقرات أمنية وأخرى لقادة الجبهة، بمن فيهم زعيمها إبراهيم غالي.
وأشار عبد الفتاح إلى أن سكان المخيمات باتوا يعبّرون بشكل متزايد عن سخطهم من استشراء الفساد وسوء إدارة المساعدات الإنسانية التي تصلهم، ما دفعهم لتنظيم اعتصامات واحتجاجات متكررة. وفي الوقت الذي تدّعي فيه الجبهة نقص المساعدات الدولية، تُخصص ميزانيات ضخمة لبناء مقرات فاخرة تخدم القيادة وأسرها، ما يعكس ازدواجية خطابها وابتعادها عن معاناة السكان.
وتأتي هذه التطورات في ظل تحولات إقليمية ودولية لا تصب في مصلحة الجبهة الانفصالية، وسط استمرار الرباط في تعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع دول الجوار، وفي مقدمتها موريتانيا، التي أصبحت شريكًا رئيسيًا في مشاريع تنموية كبرى تُرسّخ الاستقرار الإقليمي وتقطع الطريق على طموحات البوليساريو.