شهد إقليم خريبكة انتعاشا ملحوظا في آمال الفلاحين ومربي الماشية بفضل التساقطات المطرية المسجلة منذ بداية شهر مارس، والتي أسهمت في إنعاش الفرشة المائية وزيادة مخزون المياه الجوفية والسطحية وتحسين الغطاء النباتي؛ مما يبعث التفاؤل بموسم فلاحي واعد في مختلف مناطق الإقليم، خلافا لفترات الجفاف التي أثرت سلبا على الإنتاج الزراعي وتربية الماشية.
وفي الوقت الذي يأمل الفلاحون في هطول مزيد من الأمطار خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة لضمان استمرار تقدم الموسم الفلاحي وتحسين المحاصيل الزراعية ودعم المراعي، تُثار تساؤلات حول دور وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في مواكبة الفلاحين ومربي الماشية ومدى قيامها بمسؤولياتها في دعم الوضع الحالي للموسم الفلاحي والتخطيط لمستقبل القطاع في إقليم خريبكة.
أمطار تدعم الفلاحة والرعي
المديرية الإقليمية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بخريبكة قالت إن “بداية الموسم الفلاحي اتسمت بنقص حاد في التساقطات المطرية وارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة خلال شهري دجنبر ويناير، والتي أدت إلى بداية تدهور حالة زراعات الحبوب والمراعي؛ غير أن المغرب عموما وإقليم خريبكة بشكل خاص عرف تساقطات مطرية مهمة بداية من شهر مارس، خلفت ارتياحا كبيرا لدى الفلاحين والكسابة بحكم طابع المنطقة الفلاحي والرعوي”.
وأضافت المديرية الإقليمية سالفة الذكر، في تواصل مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإقليم سجل ما يقارب 169 ميليمترا من الأمطار خلال فترة أواخر شهر فبراير وبداية شهر مارس، والتي مكنت من تحسين حالة الزراعات والمراعي؛ مما أنعش آمال الفلاحين ومربي الماشية، حيث بلغ المتوسط التراكمي للتساقطات بإقليم خريبكة حاليا 264 ميليمترا مقارنة مع معدل 139 ميليمترا في الفترة نفسها من السنة الماضية”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “هذه الكمية من التساقطات سيكون لها وقع إيجابي على الحالة النباتية للحبوب الخريفية، والتي تقارب مساحتها 87 ألفا و506 هكتارات؛ منها 68 في المائة زراعة الشعير، 20 في المائة زراعة القمح اللين و18 في المائة زراعة القمح الصلب”، مضيفا أن “المساحة المزروعة في إطار نظام الزرع المباشر تمثل 11 ألفا و216 هكتارا؛ في حين تقدر مساحة الأشجار المثمرة بحوالي 11 ألفا و500 هكتار، وتشكل أشجار الزيتون 90 في المائة من هذه المساحة”.
وأكدت المديرية الإقليمية للفلاحة بخريبكة أنه “بعد هطول الأمطار الأخيرة تزايد الإقبال على اقتناء الأسمدة الأزوتية المدعمة، حيث وصلت الكمية المباعة إلى 5 آلاف و896 قنطارا”، موردة أن “هذه التساقطات ستساهم أيضا في إغناء الغطاء النباتي الذي يشكل موردا جد هام لكلأ الماشية؛ مما سيخفف من أعباء اقتناء الأعلاف للكسابة، ومن شأن ذلك إحياء آمال المربين الذين سيستفيدون من ظروف أكثر ملاءمة لرعي قطعانهم في الموسم الحالي”.
وأوضحت المديرية الإقليمية ذاتها أن “إقليم خريبكة يمتاز بتربية الأغنام، ويعد مهدا لسلالة الأغنام الصفراء بأبي الجعد، وتتمركز سلالتي السردي بالجنوب الشرقي وتمحضيت بشمال الإقليم، ويصل عدد رؤوس الماشية بالإقليم إلى 620 ألف رأس من الأغنام، و110 آلاف رأس من الماعز، و36 ألفا و700 رأس من الأبقار”، مشيرة إلى أن “الأمطار الأخيرة ساهمت في تغذية الفرشة المائية؛ مما يضمن استمرارية إمدادات المياه في نقاط توريد الماشية بشكل مستدام”.
تدابير لمواكبة الفلاحين
في إطار المواكبة المستمرة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، قالت المديرية الإقليمية للفلاحة بخريبكة إنها قامت بـ”تقديم المساعدة للفلاحين لمواجهة التأخر الحاصل في التساقطات المطرية والحد من تأثيره على النشاط الفلاحي فيما يخص الحفاظ على الموارد الحيوانية؛ من خلال توفير الكلأ، وخلق نقط الماء للمواشي، والمتابعة الدقيقة للوضعية الصحية للقطيع”.
وأضافت المندوبية الإقليمية أنه “تم وضع برنامج خاص لتوفير الشعير المدعم لفائدة الفلاحين بثمن محدد في 200 درهم للقنطار، وقد تم على الصعيد الإقليمي توزيع ما يناهز 780 ألفا و466 قنطارا من مادة الشعير المدعم، و14 ألفا و318 قنطارا من الأعلاف المركبة المدعمة لفائدة تعاونيات الحليب خلال هذا الموسم الفلاحي الحالي. كما تمت أيضا برمجة استصلاح وحفر حوالي 20 نقطة ماء، من أجل إرواء الماشية”.
وشددت المديرية الإقليمية للفلاحة بخريبكة على أنها “وضعَتْ خارطة طريق للتعامل مع كافة السيناريوهات المحتملة تماشيا وإستراتيجية الجيل الأخضر، التي تأخذ في بعدها الإستراتيجي وضع خطط تروم التصدي لكافة الاحتمالات المتعلقة بتأخر التساقطات، مع تتبع الوضعية منذ بداية الموسم الفلاحي تفعيلا لمخطط التخفيف من تداعيات تأخر التساقطات المطرية”.
وأكدت المديرية أن برنامجها يتضمن مجموعة من المكونات؛ منها “إغاثة الماشية، ودعم شتائل وبذور الخضروات، ودعم الأسمدة الآزوتية، بالإضافة إلى تقنيات أخرى تتلاءم مع التغيرات المناخية على رأسها الزرع المباشر انسجاما مع أهداف إستراتيجية الجيل الأخضر”، لافتة في هذا الصدد إلى أن “المصالح المركزية تقوم باقتناء بدارات للزرع المباشر وتضعها رهن إشارة المديريات الإقليمية للفلاحة التي تقوم بتوزيعها على التنظيمات المهنية”.
وختمت المديرية الإقليمية للوزارة الوصية على قطاع الفلاحة بخريبكة توضيحاتها لهسبريس بالإشارة إلى أن “المديرية الإقليمية قامت، في إطار الفلاحة التضامنية، بوضع برنامج غراسة زراعة الصبار المقاومة للحشرة القرمزية على مساحة 720 هكتارا لفائدة الجماعات الترابية التابعة لهذا الإقليم خلال الموسم الفلاحي الحالي”.