هبة بريس_ الرباط
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، فيديوهات لمعلمات وهن يقدمن دروسهن لتلامذتهن على ايقاع الموسيقى والتمايل والرقص أحيانا، وهي الفيديوهات التي تحولت إلى مادة دسمة للنقاش وتبادل الآراء بين فئة عارضتها بشدة، وفئة استحسنتها وقالت عنها بأنها خطوة تُدخل الفرحة على قلوب الصغار وتشجعهم على الاقبال لمعانقة مقاعد الدراسة في زمن الهدر المدرسي.
ظاهرة انتشار الفيديوهات لمعلمات وهن يرقصن أمام تلامذتهن، أثيرت حولها مخاوف من قبل فئات مهتمة بالحقل التربوي والتعليمي، محذرة من انتقال العدوى والفوضى التي باتت تعرفها مواقع التواصل الاجتماعي لتقتحم الفضاء المدرسي الذي من المفروض أن يكون محصنا بقوانين ومذكرات وأنظمة داخلية تؤطر أنشطة الحياة المدرسية، متسائلين عن دور الفاعلين التربويين في هذا الصدد.
فيما ذهبت آراء أخرى، إلى اعتبار مثل هذه ” البيداغوجيات الدخيلة على حقلنا التربوي في زمن العولمة”، أن تساهم في اقحام الأطفال الصغار في صناعة المحتويات تحت طائلة البحث عن الشهرة وكسب المال، وهو ما يتطلب حسب أصحاب هذا الرأي، التدخل لحماية حقوق الأطفال.
مارأي الوزارة؟
في ظل الانتشار المتزايد لمثل هذه الفيديوهات، تناسل النقاش وتسلل إلى المجالس، بل وبلغ الأمر به مبلغ التنديد والتحذير من تداعياته خوفا من ” الميوعة ولو على حساب الأطفال”، لاسيما وأن الفضاء الأزرق بات يعج بهكذا مشاهد لصناع المحتوى جعلت الدولة تتدخل لترتيب الجزاءات وفرض الضرائب والغرامات على أصحابها في محاولة منها للحد من تنامي الظاهرة.
في الوقت ذاته، استغرب متتبعون للشأن التعليمي، غياب دور الوزارة الوصية على القطاع في مثل هاته الحالات التي تظهر فيها معلمات وهن يرقصن ويتفاعلن تربويا داخل حجرات دراسية أمام تلامذتهن رغبةً منهن في إظهار تفانيهن في العمل، دون أي مراقبة من المؤسسة أو الوزارة المعنية يقول أصحاب هذا الرأي؟
رأي ورأي آخر….
الظاهرة ذاتها، لقيت استحسانا كبيرا من قبل مؤيديها، ممن اعتبروها ظاهرة صحية من شأنها أن تُصالح الطفل مع مدرسته وبيئته التربوية، وتُحبب لديه فكرة التعلق بمدرسته ومدرسته، كما أنها تشجع على الرفع من نسبة التمدرس، وتساهم في ذات الوقت في الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، شريطة أن يكون تصوير تلك الأنشطة محصنا بمضامين القوانين والمذكرات المؤطرة لذلك حماية للفضاء التربوي بكافة مكوناته وتحصينا له في ظل بزوغ الكثير من مزايا ومساوئ التكنولوجيا..
للفاعلين والمحللين والخبراء رأي آخر…..
يرى العديد من الفاعلين والمحللين، أن مثل هاته المشاهد يجب أن تكون مؤطرة بقيم وأخلاق ومبادئ تأخذ بعين الاعتبار الوضع الرمزي للمربي الذي يجب أن يكون محتكماً إلى أبجديات الفعل التربوي الرصين والمتزن، محذرين من تداعياتها التي قد تضرب في الشامل الوضع المرجعي الذي من المفروض أن يتبناه الطفل المتلقي في ارتباطه بصاحب الرسالة الذي يفترض فيه بالضرورة أن يكون مستحضراً لخلفية تربوية صرفة، في منأى عن الشهرة المكرسة للتفاهة.
رأي آخر، استحسن الفكرة لأنها حسب اعتقاده تهدف إلى تمثين الروابط التربوية بين المربية والطفل، لكن يجب على هذه العلاقة أن لا تتطور إلى مستوى التشهير، بل يجب أن تبقى حبيسة الحجرة الدراسية والمؤسسة التربوية المحتضنة، أو قد تصل أحيانا إلى الأسرة لتبقى هذه الأخيرة صاحبة الرأي والقرار والمعنية بالدرجة الأولى بمنطق نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي من عدمه، علما أن المشرع كان واضحا حينما ضمن حقوق الطفل، بترسانة قانونية تُجرم استغلال الأطفال دون السن القانونية وتصويرهم وانتهاك حقوقهم بما في ذلك نشر الصور دون موافقة أسرهم.