قدم حزب العدالة والتنمية مذكرة حول المقترحات المعلنة لمراجعة مدونة الأسرة، طالب فيها الحكومة بالكشف عن أزيد من 100 تعديل لم يتم الإفصاح عنه، وحذر فيها من الآثار السلبية لبعض المراجعات التي تمت على المدونة وإضرارها بالأسرة وبحقوق الورثة، وانعكاساتها الوخيمة على المجتمع.
وطالب الحزب في مذكرته الحكومة بالمبادرة إلى التواصل بشأن كل التعديلات وإطلاع العموم عليها كي تكتمل الصورة، ففي الوقت الذي تم فيه الإعلان أن مقترحات الهيئة قد بلغت 139 مقترحا، فإنها لم تقدم للعموم سوى 21 مقترحا، وبقي أزيد من 100 مقترح تعديل غير معلن إلى الآن.
واعتبر “البيجيدي” أن من واجب رئيس الحكومة أن يحرص على إعمال المقاربة التشاركية والتشاورية الواسعة خلال صياغة مشروع المراجعة، محذرا من مفاجأة الحكومة الرأي العام بعرض مشروع القانون مباشرة في المجلس الحكومي.
وأوضح “العدالة والتنمية” أن مذكرته تهدف إلى المساهمة الأولية في هذه المرحلة من خلال تقديم مزيد من التوضيح والملاحظات الأولية على بعض المقترحات والتنبيه لآثارها ومآلاتها السلبية واقتراح تجنبها أو التخفيف منها.
ومن جملة الملاحظات المقدمة على التعديلات؛ عدم مراعاة مصلحة كل الأطراف المكونة للأسرة والتوازن المطلوب بينها، وإضفاء الطابع الإجباري على ما كان في السابق متروكا لسلطان الإرادة لدى أطراف عقد الزواج، وإقحام القانون في كل تفاصيل الأسرة.
وأكدت المذكرة أن بعض المقترحات تفرض قيودا جديدة وتحدث من الإشكاليات التي لا شك أنها ستعقد أكثر من السابق تطبيقها قضائيا، وستؤدي حتما إلى مزيد من النزاعات المعقدة والتي ستثقل كاهل الأسر والجسم القضائي، وذلك من مثل تقييم عمل الزوجة داخل المنزل، والديون المشتركة.
ونبه “البيجيدي” إلى أن مقترح إيقاف بيت الزوجية عن دخوله في التركة، يطرح إشكالا كبيرا ولا ينصف باقي الورثة، نساء ورجالا، وينتهك حقوقهم. كما أن تثمين عمل الزوجة بالبيت، وجعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة المشتركة مقدمة على غيرها، ستكون لهما آثار وخيمة، تبدأ من العزوف عن الزواج، معتبرا أنه لا فائدة منهما.
كما شدد الحزب على ضرورة مراعاة مصلحة الطفل فيما يتعلق بالنيابة القانونية والحضانة، ودعا إلى ضرورة شمول الطلاق الاتفاقي بمسطرة الصلح، وعدم تسهيل الطلاق، ورفضَ إجبارية استطلاع رأي الزوجة حين توثيق العدل فيما يتعلق بالتعدد. كما نبه الحزب من استهداف مصطلحات مأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، تحت مسمى “عبارات حديثة”.
وأوصى الحزب الإسلامي في مذكرته بالأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة والمخاوف الكبيرة التي برزت لدى المجتمع ارتباطا ببعض المقترحات وآثارها الوخيمة التي ستؤدي حتما إلى المزيد من تفاقم العزوف عن الزواج، وزيادة حالات الطلاق والتفكك واللااستقرار الأسري، وهو ما يهدد المجتمع برمته لما سيترتب عنه من كلفة اجتماعية وسياسية واقتصادية.
وطالب بحذف ما ينبغي حذفه من الآن من مقترحات خلفت مخاوف حقيقية لدى المجتمع ولا فائدة ترجى منها، وتدقيق وضبط باقي المقترحات، وذلك ما دام أن الأمر لم يعد في ارتباط بالمرجعية والثوابت المؤطرة للمراجعة، ما دام أن المقترحات التي تمت خارج هذه المرجعية تم استبعادها أصلا، وأن الأمر يتعلق في العموم باجتهادات تقدم بدائل مرجحة لكنها تطرح إشكاليات حقيقية في التطبيق، والأسرة والمجتمع والقضاء في غنى عنها.