يمثل مرض السرطان تحديًا كبيرًا في المغرب، حيث يواجه المرضى معاناة مضاعفة لا تقتصر فقط على الآلام الجسدية، بل تمتد إلى العقبات المالية والاجتماعية والصحية التي تجعل رحلة العلاج شاقة وطويلة.
ومع تزايد عدد المصابين، تتفاقم التحديات التي تعترض طريقهم نحو الشفاء، ما يجعل القضية محط اهتمام واسع في الأوساط الطبية والسياسية والمجتمعية.
أحد أبرز التحديات التي ترهق مرضى السرطان وأسرهم هو التكلفة الباهظة للعلاج، حيث باتت الأدوية المضادة للسرطان من بين الأكثر تكلفة، ما يجعل الحصول عليها أمراً بالغ الصعوبة، خصوصًا بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود.
هذه التكاليف المرتفعة تدفع بعض المرضى إلى تأخير العلاج أو حتى التخلي عنه، مما يقلل فرصهم في الشفاء ويؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات.
إلى جانب العقبات المالية، يواجه المرضى تحديًا آخر لا يقل خطورة، يتمثل في نقص المرافق الصحية المتخصصة والعدد المحدود من الأطباء والخبراء في مجال الأورام. فعلى الرغم من الجهود المبذولة لإنشاء مستشفيات ومراكز علاجية، إلا أن الضغط الكبير على هذه المؤسسات يؤدي إلى فترات انتظار طويلة لتلقي العلاج، مما يقلل من فعالية التدخلات الطبية.
وفي كثير من الحالات، يكون التشخيص متأخرًا بسبب عدم توفر الفحوصات المتقدمة في بعض المناطق، وهو ما يجعل السيطرة على المرض أكثر تعقيدًا.
وفي ظل هذه الأوضاع، برزت مطالبات قوية بضرورة توفير تغطية صحية شاملة لمرضى السرطان، كان آخرها السؤال الذي وجهته البرلمانية إلهام الساقي إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، متسائلة عن الإجراءات التي سيتم اتخاذها لإعفاء المرضى من تكاليف العلاج الكيميائي والإشعاعي، عبر ضمان تحمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لهذه التكاليف بنسبة 100%.
ونقلت الساقي للوزير أمين التهراوي معاناة مرضى السرطان من التكاليف المرتفعة للعلاج الكيميائي، خاصة أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يتحمل كافة المصاريف، إذ يقتصر على تغطية 95% فقط من مصاريف العلاج، فيما يؤدي المرضى نسبة %5% من التكاليف التي تبقى في حد ذاتها مرتفعة بالنظر لارتفاع تكاليف العلاج الكيميائي.
هذه المبادرة تعكس حجم الضغط الذي باتت تشكله الأزمة الصحية على الأسر المغربية، وتؤكد الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية في القطاع الصحي.
في إطار الجهود المبذولة لتحسين أوضاع المرضى، وضعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية خطة استراتيجية تمتد بين 2020 و2029، تهدف إلى تقليل معدلات الإصابة والوفيات، وتحسين جودة الحياة للمصابين وأسرهم.
وترتكز هذه الاستراتيجية على تعزيز الكشف المبكر، وتوسيع نطاق العلاج، وتحسين الخدمات الطبية المقدمة، بما يتماشى مع رؤية المغرب الصحية لعام 2030.
لكن يبقى نجاح هذه الخطة رهينًا بالتطبيق الفعلي على أرض الواقع، والتعاون بين الجهات الحكومية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص لضمان توفير رعاية صحية عادلة وشاملة.
في ظل هذه الظروف، يظل مرضى السرطان في المغرب عالقين بين الأمل في تحسن الأوضاع الصحية والواقع الذي يفرض عليهم تحديات يومية، حيث يبقى توفير نظام صحي متكامل لمكافحة السرطان مسؤولية جماعية تتطلب تكاتف الجهود لضمان حق كل مريض في الحصول على العلاج دون أن يكون المال أو البعد الجغرافي عائقًا أمامه.