في تطور ملفت للنظر يعكس تحولات كبرى في المشهد السياسي والاجتماعي بالمغرب، صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بالإجماع على تعديل المادة الخامسة من مشروع القانون التنظيمي للإضراب، لتلغي بذلك الحظر على الإضراب السياسي.
هذا التغيير جاء بعد مفاوضات مكثفة بين الحكومة والفرق البرلمانية، مما يشير إلى رغبة الأطراف في التوصل إلى توافق يوازن بين حقوق العمال ومتطلبات الإدارة العامة.
المادة التي أثارت الكثير من الجدل في صيغتها الأولى كانت تنص على أن “كل دعوة إلى الإضراب لأهداف سياسية ممنوعة”.
لكن هذا النص واجه معارضة قوية من كافة الفرق البرلمانية، بما في ذلك المعارضة والأغلبية.
وفي خطوة تُظهر مرونة حكومية، وافق وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، مساء اليوم الثلاثاء، على حذف هذا الحظر، معتبراً أن “الإضراب السياسي هو حق جوهري يجب حمايته ضمن الإطار القانوني”.
التعديلات التي تم التصويت عليها بالإجماع تضمنت صيغة جديدة تنص على أن “كل إضراب يمارس خلافاً لأحكام هذا القانون التنظيمي هو إضراب غير مشروع”.
هذه الصيغة التوافقية أزالت أي إشارة إلى منع الإضراب السياسي، مما يفتح الباب أمام العاملين للتعبير عن مطالبهم بمرونة أكبر، شريطة احترام النصوص التنظيمية.
رغم هذا الإجماع الظاهري، برزت نقاط خلافية تتعلق بتحديد الجهات التي يحق لها الدعوة للإضراب، حيث توسعت الصيغة النهائية لتشمل النقابات الأكثر تمثيلاً على المستوى الوطني، والمجموعات المهنية، وحتى النقابات ذات التمثيلية المحدودة بشرط التزامها بالإطار القانوني.
الحكومة حاولت الحفاظ على توازن حساس بين احترام حق الإضراب من جهة، وضمان استمرار تقديم الخدمات الأساسية من جهة أخرى.
وأوضح وزير التشغيل، الذي قاد هذه المفاوضات أن هذا التوافق يعكس تطوراً في طريقة إدارة النزاعات المهنية، مشيراً إلى أن “القضايا الخلافية بين العمال وأرباب العمل سيتم تناولها ضمن آليات جديدة توفر إطاراً أكثر عدلاً وشفافية”.
وأضاف أن القانون الجديد يضع تعريفات واضحة للملف المطلبي، المرافق الحيوية، وحرية العمل، مما يعزز من حماية حقوق كافة الأطراف.
وبانتظار التصويت النهائي على المشروع، تترقب الأوساط النقابية والحقوقية الخطوات المقبلة، التي قد تحدد ملامح ممارسة حق الإضراب في المغرب لعقود قادمة.
وكانت النقابات العمالية قد احتجت مرارا، متخوفة من فرض قيود صارمة على حقهم في الإضراب، ذلك الحق الذي يعتبرونه “سلاحهم الأخير” في الدفاع عن حقوقهم وانتزاع مكتسباتهم.