في زوايا غير متوقعة من بعض محلات المواد الغذائية، تنمو ظاهرة مثيرة للقلق تتمثل في بيع الأدوية بشكل غير قانوني وبطريقة غير منظمة، مما يهدد الصحة العامة ويثير تساؤلات ملحة حول دور الرقابة الصحية ومدى صرامة تطبيق القوانين.
ولا يقتصر المشهد على الأحياء النائية فقط، بل يمتد ليشمل مناطق حضرية، حيث يجد المواطنون أنفسهم أمام خيارات خطيرة قد تكلفهم حياتهم.
هذه الظاهرة التي تبدو للوهلة الأولى بسيطة تتجاوز في أبعادها مجرد بيع أدوية لعلاج الزكام أو الحمى.
وتمثل هذه الظاهرة انتهاكًا صريحًا لمقتضيات القانون رقم 17.04 المتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة، الذي يحدد حصريًا الصيدليات كمكان قانوني لبيع الأدوية..
وعلى الرغم من التنبيهات المتكررة من المهنيين الصحيين والصيادلة، إلا أن الممارسة تستمر بلا رادع واضح، مما يثير تساؤلات حول كفاءة أنظمة المراقبة وقدرتها على التصدي لهذا التحدي المتنامي.
ما يجعل هذا الوضع أكثر خطورة هو أن المستحضرات المباعة غالبًا ما تكون مجهولة المصدر، مما يعني عدم ضمان جودتها أو سلامتها.
إضافة إلى ذلك، فإن بيع الأدوية بالتقسيط يشجع على استخدام الأدوية بطريقة غير سليمة، قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، خاصة إذا تم تناولها دون وصفة طبية أو توجيه من مختص.
وتتفاقم المشكلة مع لجوء البعض إلى هذه المحلات بسبب أسعارها المنخفضة مقارنة بالصيدليات، ما يضعف الإقبال على الممارسات الصحية الآمنة.
في هذا السياق، طرح محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، سؤالاً كتابيًا على وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مسلطًا الضوء على استمرار هذه الظاهرة رغم وضوح النصوص القانونية.
وأبرز البرلماني شوكي في معرض سؤاله، أن مقتضيات القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة؛ تحدد طريقة بيع الأدوية منذ تجهيزها بالمصنع إلى غاية وصولها إلى الصيدلاني الذي جعلت له الحق الحصري في ترويج الدواء، معتبرة ضمن المادة 55 منها أن أماكن مزاولة مهنة الصيدلة هي الصيدليات ومخزونات الأدوية بالمصحات والمؤسسات الصيدلية، في الوقت الذي تقرر لجان التفتيش والمراقبة عقوبات قاسية ضد كل متورط في هذا الصدد.
وساءل رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، لذلك نسائلكم السيد الوزير التهراوي عن الإجراءات التي تنوي وزارة الصحة والحماية الاجتماعية القيام بها للحد من هذه الظاهرة.
في ظل استمرار هذه الظاهرة، يبقى السؤال الأكبر: إلى متى ستظل صحة المواطنين رهينة فوضى سوق الأدوية؟ الإجابة تكمن في إرادة جماعية تشمل الحكومة، الجهات الرقابية، والجمهور نفسه لتحمل مسؤولياتهم وضمان أن الأدوية، التي تعتبر شريان حياة، لا تتحول إلى خطر يهدد المجتمع بأكمله.