وسط أروقة مجلس النواب، وفي ظل أجواء مشحونة بالمطالب والاعتراضات، اندلعت موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة بسبب قرار تلاوة أسماء البرلمانيين المتغيبين عن الجلستين الأخيرتين.
هذا القرار، الذي أثار جدلاً واسعاً، وضع تحت الأضواء علاقة النواب مع واجب الحضور ومبدأ المحاسبة، مما جعل الجلسة الأخيرة مسرحاً لخطابات ساخنة ونقاط نظام غلبت على مضمون الأسئلة التشريعية.
الصدام الأول بدأ مع الفريق الاستقلالي، الذي اعتبر أن تلاوة أسماء نوابه “خرقاً صارخاً” للنظام الداخلي للمجلس.
وطالب رئيس الفريق، علال العمراوي، اليوم الاثنين، علناً بتقديم اعتذار رسمي للأسماء المذكورة، مشيراً إلى أن بعض النواب قدموا مسبقاً مبررات لغيابهم.
وتساءل العمراوي، عن الدوافع وراء “استهداف” نوابه في بداية الجلسة، ليُشعل بذلك نقاشاً حاداً حول الآليات المتبعة في هذا القرار.
أما من الجهة الأخرى، فقد تدخل الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بلسان نائبه سعيد بعزيز، الذي ذهب أبعد من ذلك.
وشكك بعزيز في مصداقية اللائحة التي تم تلاوتها، ملقياً باللوم على مكتب المجلس لتجاوزه لجنة الأخلاقيات، التي يفترض أنها الجهة المعنية بتحديد حالات الغياب.
وبحدة لافتة، طالب بعزيز بإعادة النظر في كل ما يتعلق بإعداد اللوائح لضمان الشفافية.
لكن وسط كل هذا الجدل، جاءت تصريحات رئيسة الجلسة زينة إدحلي بمثابة محاولة لتهدئة الأجواء.
وأكدت إدحلي، أن الأخطاء، إن وُجدت، سيتم تصحيحها، مشيرة إلى أن الجلسة المقبلة ستشهد تقديم اعتذار رسمي لمن وردت أسماؤهم بشكل خاطئ.
هذا الوعد، على الرغم من كونه تطميناً مبدئياً، إلا أنه لم يخفف من حدة التوتر الذي خيم على القاعة.
لا زال تكرار غياب البرلمانيين عن الجلسات التشريعية وأشغال اللجان، يؤرق بال المهتمين بالشأن السياسي، باعتبار أن هذا الأمر يساهم في عدم تجويد العمل البرلماني، مطالبين باتخاذ إجراءات مستعجلة، عبر تفعيل النظام الداخلي، قصد معاقبة وفضح البرلمانيين “السلايتية”.
وكان رشيد الطالبي العلمي، رئيس المجلس النواب، قد دعا مؤخرا، بضرورة إدلاء ببطاقة الحضور الإلكترونية، كإجراء لضبط الغياب، معبرا عن امتعاضه مرارا من غياب البرلمانيين عن الجلسات.