ثمن حزب الأصالة والمعاصرة، في اجتماع لمكتبه السياسي، مخرجات جلسة العمل التي ترأسها الملك محمد السادس حول موضوع مراجعة مدونة الأسرة، معتبرا أن التوصيات جد متقدمة، مطالبا الحكومة بالإسراع ببلورة هذه المقترحات وهذه الخطوط العريضة عبر مراجعة جوهرية لمشروع قانون تعديل مدونة الأسرة.
ودعا حزب الأصالة والمعاصرة، في بيان صادر عن اجتماع مكتبه السياسي، الذي انعقد برئاسة فاطمة الزهراء المنصوري، منسقة القيادة الجماعية للحزب، وحضور وزير العدل عبد اللطيف وهبي الذي قدم عرضا في الموضوع، (دعا) “فرقاء الأغلبية إلى الاجتماع العاجل لدراسة هذه الخلاصات والتباحث حول أنجع السبل الكفيلة بأجرأتها وتنزيلها خلال المحطات المتبقية”.
وأكد بلاغ المكتب السياسي لحزب “البام” أن الاجتماع شهد “نقاش عميق ومسؤول حول الخطوط العريضة لهذا الإصلاح، بما فيها الاهتمام البالغ الذي تتبع به الحزب تفاصيل هذا الموضوع المجتمعي الهام خلال جلسة العمل التي ترأسها الملك محمد السادس، أول أمس الاثنين 23 دجنبر الجاري”.
واعتبر أن انتهاء لجنة مراجعة مدونة الأسرة من عملها ورفع تقريرها إلى الملك “تعكس لحظة حقوقية تاريخية مفصلية، تعزز المكتسبات الحقوقية غير المسبوقة خلال هذه السنة، باعتبارها سنة حقوقية بامتياز، إذ ابتدأت بتبوء بلادنا رئاسة مجلس حقوق الإنسان، والعفو الملكي السامي على صحافيين ونشطاء ومتابعين في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، ثم تخليد بلادنا للذكرى العشرين لتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، وتصويتها على إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، والشروع في المصادقة البرلمانية على القانون التنظيمي للحق في الإضراب، وأخيرا محطة إقرار الخطوط العريضة لإصلاح مدونة الأسرة”.
وجدد المكتب السياسي التأكيد على الأهمية الكبرى والدلالات العميقة لتفضل أمير المؤمنين “بإحالة بعض البنود المرتبطة بالنصوص الدينية على المجلس العلمي الأعلى كمؤسسة مستقلة، لها مكانة متميزة في البناء الدستوري والروحي لبلادنا”، معربا عن اعتزازه بالإطار المعتمد لمنهجية الإصلاح، ومجالاته، والغايات المرجوة منه، والذي حدده الملك في رسالته السامية الموجهة إلى رئيس الحكومة.
وقدّر الأصالة والمعاصرة كثيرا المقاربة التشاركية التي اعتمدتها بلادنا في تشكيل هيئة مراجعة هذا الورش المجتمعي الهام، والتي رسم خطوطها الدقيقة الملك، من خلال إشراك الفاعل الديني والمسؤول القضائي، والفاعل الحكومي والناشط الحقوقي المستقل، وأخيرا البرلمان وفق مسطرة تشاركية غنية بالدلالات والعبر.
وثمن “عاليا المسلسل الجماعي للتشاور العمومي والإنصات والحوار الذي قامت به الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة مع مختلف الفاعلين المعنيين بالموضوع، من أحزاب سياسية وجمعيات مدنية ومؤسسات وكفاءات ومنظمات مهتمة ومع مختلف المعنيين بالموضوع”.
وأشاد “الجرار” كذلك “بالمجهود الجبار، وبالعمل الكبير الذي قامت به هذه الهيئة، أعضاء وأطر مرافقة ومساعدين، وبكفاءاتها وتفانيها، وبالمجهود المضني الذي مكنها من إنهاء عَملها داخل الأجَل المُحدد لها، قبل أن ترفع خلاصات عملها إلى الملك”.
وأعرب الحزب عن تقديره كثيرا “الرؤية الشمولية التي ستعتمدها بلادنا في هذا الإصلاح المرتقب، الذي يتجاوز البعد الديني والقانوني، إلى باقي الجوانب اللوجيستيكية والمادية والبشرية الأخرى، وعلى رأسها التأكيد على مواكبة ومصاحبة تعديل مواد المدونة بتدابير توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، و تسهيل الولوج إلى القضاء الأسري، عبر إحداث “شباك موحد” على مستوى محاكم الأسرة وغيرها من التدابير والإجراءات المصاحبة لورش تعديل مدونة الأسرة”.
كما عبر عن التقدير الكبير لجميع مضامين الخلاصات والاجتهادات والقرارات التي وردت في التوصيات، والتي نعتبرها جد متقدمة، حيث تكمل وتواصل الإصلاح العميق والهادئ والرزين لمدونة الأسرة بعد إصلاح 2004، مؤكدين أن “هذا الإصلاح الأخير مهما علا سقفه، لن يكون نهائيا مادام هناك مجتمع وهناك حياة وهناك تطور، فهي محصلة تفكير مؤسساتي جماعي قدم أحسن ما يمكن إعماله في اللحظة الحالية لتجاوز بعض النقائص ومعالجة الاختلالات التي ظهرت عند التطبيق القضائي للمدونة، أو تلك التي جاءت من أجل ملاءمة مقتضيات المدونة مع دستور 2011 ومع تطور المجتمع المغربي وديناميته، ومع ما تفرضه متطلبات وعدالة التنمية المستدامة، وكذا ملاءمتها مع التطورات التشريعية، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا”.
هذا وطالب “البام” جميع الفاعلين والأطراف السياسية والمدنية والحقوقية إلى تقدير هذه اللحظة الوطنية التاريخية المتميزة، وتثمين هذا النجاح الوطني الجماعي بقيادة الملك، “والترفع عن الحسابات الضيقة للاستمرار في هذا التوافق الوطني الكبير في مثل هذه القضايا الاستراتيجية والمهيكلة للمجتمع خلال ما تبقى من المحطات التشريعية لهذه الإصلاحات وترجمتها على أرض الواقع، من أجل التجاوب مع انتظارات الأسرة المغربية وإنصاف كل مكوناتها وخدمة مصلحة المواطنات والمواطنين”.