الإثنين, مارس 10, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالاحتراق الإبداعي: متى يتحول الممثل إلى ظل لأدواره المتكررة

الاحتراق الإبداعي: متى يتحول الممثل إلى ظل لأدواره المتكررة



 

إن حديث أرسطو في كتابه فن الشعر حول الأداء الميكانيكي و التأثير الدرامي و الذي من شأنه ينتج لنا ممثلا ضعيفا يقول “”ينبغي أن تكون الأفعال في التراجيديا محاكية للأفعال الحقيقية، بحيث تثير الخوف والشفقة، فلا يكون الحدث مستحيلًا، ولا يكون متكررًا بلا ضرورة.” فن الشعر الفصل 9
و في نفس السياق يؤكد ستانسلافسكي في قولته “إذا لعبتَ كثيرًا دون تحليل، ستجد نفسك تكرر نفس الشخصية في كل دور.” و حتى جيرزي غروتوفسكي الداعي الى الاحتفاظ بالممثل فقط في اطار ما نظر له و عرف به ” المسرح الفقير” فإنه يقول: “عندما يكرر الممثل نفسه، يفقد جوهر الإبداع، ويصبح مجرد قناع فارغ، خالٍ من الحياة.”
لا يمكننا أن نحكم على تجربة حديثة انطلاقا مما نعاصره، فكثرة الظهور عند الممثل قد يجعله يصل لدرجة التخمة التي يصل إليها الانسان عندما يأكل بكل وحشية حتى يأكل بدون أن يعرف ماهية هذا الأكل و ما فائدته على صحته، و هل له الحق أن يتعب بطنه إلى أن يصل لدرجة استرجاع ما أكله بإحدى البالوعات.
في إطار ما أطلق عليه إعلاميا الدراما الرمضانية، هل يحق لنا أولا أن نقول دراما؟ و ما هو تعريف الدراما في الأساس، فالدراما ليس هو ما يروج لنا، فالمفهوم هو يوناني في أصله و يجب علينا البحث في المفهوم لنصل الى المبتغى، فكيف لنا أن نوهم الممثل و نتصل به و نقول له ” آلو بغيناك فعمل درامي” فالدراما هي كلمة شاسعة، فماذا تريد من الدراما في الأصل؟ هل الكوميديا؟ أم التراجيديا؟ هنا يدخل الممثل في صراع بينه و بين أناه ليحاول إنتاج فكرة و ينتج لنا هرمون السعادة المفرطة الذي سيجعله يتخيل أنه سيشتغل فعلا بعمل درامي.

فمثلا و نحن لا نتحدث عن فراغ فأداء دنيا بوتازوت فيه نوع من المبالغة و هو ما أثاره ” مايرهولد” و لكن هل دنيا بوتازوت في شخصية الشيخة أو يزة أو الشعيبية أو غيرها من الأدوار، فلربما قد يكون تغيير على مستوى الشكل و لكن هل هناك تطور على مستوى الإحساس؟ و هل تشتغل على آلياتها من الذاكرة الانفعالية إلى مبدأ الطقوسية أو التغريب عند بريشت، قد يقول قائل ” لا يمكننا نقل تقنيات و نظريات مسرح في التلفزة أو السينما” سنجيب أوليس أغلب الممثلين الناجحين في العالم بأسره بداياتهم مسرحا و ما تطبيق خاصية التطهير عند ارسطو و التغريب عند بريشت و الطقوسية عند غروتوفسكي و البيوميكانيك عند مايرهولد و شعرية الجسد عند جاك لو كوك هي سببا في نجاح الشخصية.

فكثرة الظهور ستجعل الممثل أداة فقط لجني الأموال و هل وظيفة الفن كانت لها هدف تجاري، إيه نعم فالإنسان يسعى الى الرزق و كسب قوته ( اليومي) إنني دائما أتحدث عن قولة أثارت ضجة بمواقع التواصل الاجتماعي و هي ” حبة ديال اللوز حسن من درهم ديال الزريعة”
فالحضور الملفت للفنانة دنيا بوتازوت أكثر من زميلاتها و رفيقاتها في الميدان هو ليس حسدا أو غيرة، فلنا عدة بروفايلات التي يمكنها أن تشتغل و النجاح ليس بكثرة الظهور.
إن الوجه أو البروفيل بمفهوم مسؤولي الكاستينك قد يستنزف كثيرا، حتى يصبح كماركة، فبكثرة الظهور الكثير قد أصبح لعلامة بيبسي أو كوكاكولا حضورها عادي جدا و قد يكون من الروتين العادي، و لكن هل هذا يزيد من براعة الممثل أو قيمته السوقية؟ الاستنزاف الكثير الذي تتعرض له دنيا بوتازوت أو مجموعة من الأسماء التي لها ظهور كثير بدون الحاجة لذلك.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات