السبت, مارس 22, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالإنتاج التلفزي لرمضان لسنة 2025

الإنتاج التلفزي لرمضان لسنة 2025


تعرف شبكة التلفزة المغربية هذه السنة بث عدة إنتاجات فنية ودرامية عبارة عن سلسلة تعرض وقت الإفطار خلال ما يعرف بوقت الذروة في مشاهدة القنوات الوطنية، وكأي مواطن مغربي لا يمكن تفويت فرصة متابعة هذه الإنتاجات لحظة لمة الفطور كل مساء، ومحاولة التفاعل وفهم القضايا التي يحاول مبدعينا إثارتها، واستيعاب القيم التي يحاولون إيصالها للمجتمع وتربية الأجيال المقبلة عليها. هذا الدور القيمي والتربوي الذي يقوم به الإعلام العمومي قناة إيدولوجية مهمة في تناغم مع مؤسسة المدرسة والفن، إذ لا يمكن إنتاج قيم اجتماعية كيفما كانت خارج هذا الثالوث.

لهذا يجب علينا أن نطرح السؤال عن نوع القيم التي يريد إعلامنا العمومي تصريفها للمجتمع من خلال الإنتاجات الرمضانية المعروضة على قنواتنا ؟ للتفاعل مع هذا السؤال لابد من الإحاطة بمضامين رسائل الإنتاجات المعروضة. قبل القيام بذلك لابد من إبداء الملاحظات التالية ، لأن دورنا كمتتبعين ليس قذف إعلامنا العمومي و إنتاجاته بالورود، بل الوقوف على نواقصه حتى يستطيع المسؤولون عنه الرفع من جودته اكثر .

اولا ، فلن يخطئ أي متتبع أن تكرار حضور وجوه فنية بعينها رغم احترامنا و تقديرنا لها، لدرجة أن نفس الوجوه حاضرة في كل هذه الإنتاجات طيلة  أيام رمضان خلال فترة إقبال المشاهد المغربي في الفترة الممتدة بين الإفطار و منتصف الليل، الملاحظة الثانية، أي مشاهد متمعن سيلاحظ استعمال هذه المسلسلات  نفس أماكن التصوير، بل أماكن استغلت في تصوير إنتاجات السنة الماضية من  منازل و شقق، مما يجعلنا أمام مجموعة من التأويلات أولها أن الدعم الذي يقدم لهذه الإنتاجات  شحيحا أو أن المنتجين يحاولون تقليص تكلفة الإنتاج إلى أقصى حد على حساب المشاهد أو جاذبية لا نعرفها لهذه الأماكن بالضبط.

الملاحظة الثالثة هي الدور الذي أصبح يتمدد “للمؤثرين “على مواقع التواصل الاجتماعي الذي وصل الى حد إشراكهم في هذه الإنتاجات دون تجربة إبداعية و دون مراعاة لمدى اتفاق المغاربة مع محتواهم من عدمه بالمقابل غياب مجموعة كبيرة من الممثلين المسرحيين ذوي التجربة عن المشهد التلفزي، الملاحظة الأخيرة حول الخلفية الموجهة  لتوزيع هذه الإنتاجات على طول زمن المشاهدة بالأمسيات الرمضانية دون إدراج برامج  ثقافية و توعوية مثلا تمنح فيه الكلمة لمثقفينا لنشر المعرفة بدل الاقتصار على النشاط و التنشيط  فأرواحنا أشد حاجة للشعر و المسرح و البرامج الثقافية و الروحية.

بعد إبداء هذه الملاحظات الشكلية و التي تخفي وراءها أكيد رؤية موجهة لهذا المشهد بالإعلام العمومي. بعد ابداء هذه الملاحظات نصل الى مربط الفرس في هذه الوجبة الإنتاجية الرمضانية كلها، و لكي نكون صادقين أكثر لابد من تسمية الأشياء الجميلة بمسمياتها و الهمس للأشياء المسيئة دون تسميتها، حتى لا نسقط في الابتذال القيمي الذي تريد ابداعاتنا جاهدة إسقاطنا فيه من خلال ما سبق، من منا لا يتذكر الجدل الذي عرفته السنة الماضية إحدى المسلسلات الرمضانية التي أمعنت في التقليل من القيمة الرمزية للأستاذ/ المعلم و الذي نتج عنه استنكارا واسعا و لم يتم إيقاف عرض السلسلة في حينها ، لتطل علينا نفس السلسلة هذه السنة رغم فراغها من  أي تيمة اجتماعية أو إبداعية.

فإذا سلمنا مبدئيا أن الفن بصفة عامة يقوم برصد ظواهر المجتمع و محاولة معالجتها بطريقة إبداعية أو التنبيه لها بطريقة هادفة أو في حالات أخرى رصد بعض السلوكيات الاجتماعية و بلورتها في قوالب فكاهية تخرج المشاهد من واقع الرتابة التي يعيشها إلى لحظات من الضحك على تفاهة الذات الجماعية أو الاعتزاز بها ،فعلى هذا المقاس لن ينكر أحد إتقان سلسلة الشعيبية و كبور لهذا الشكل الإبداعي  كما لا يمكن أن نغفل استمرار سلسلة صلاح و فاتي في القيام بنفس الفعل الإبداعي و إتقان فن اللعب بالكلمات و معانيها  و خلق جو المرح لدى المشاهد  دون ابتدال، بل بروح إبداعية متجددة مع توسيع قاعدة المشاركين فيها و إعطائها فرصة لوجوه جديدة للظهور على الساحة الفنية  لا يمكن سوى  تشجيع منتجيها و المشرفين عليها، في مقابل هذه الواجهة المشرقة ،يجب  تسجيل سقوط الإنتاجات الأخرى التي تعرف استحواذها على معظم زمن المشاهدة المسائي، سقوطها في بث مشاهد غير مناسبة لتربية النشا و كانت الدافع لكتابة هذا المقال، يمكن إيجازها في ثلاث لحظات تلخص نوع الصورة المجتمعية التي يريد إعلامنا من خلال هذه الإنتاجات الرمضانية  ترسيخها في عقول المشاهدين في غياب رؤية نفسية و اجتماعية، فإذا كان الإبداع كما سبق الإشارة إلى ذلك يرصد الظواهر المجتمعية، فإن تعريف الظاهرة سوسيولوجيا عند اميل دوركايم باعتباره أول من عرفها و درسها في كتابه الانتحار هي  كل ضرب من السلوك ثابت أو غير ثابت يباشر أو أي سلوك يعم المجتمع بأسره وله وجود خاص مستقل عن الصور التي يشكل بها الحالات الفردية، من هذا المنطلق لا يمكن تصنيف مشاهد حصول قاصر على هاتف بمساعدة صديقتها لتسهيل استغلالها، إثارة لظاهرة أو معالجة لها فليس في المشهد من المعالجة سوى فتح أعين القاصرات على هذا الفعل كفعل ممكن ، نفس الأمر نلمسه في مشهد تشجيع  الأب لابنه على السرقة،.

اعتقاد المنتج بإدراج هذه المشاهد ينبه إلى المشكل اعتقاد جانب الصواب بالمرة لأن الرسالة ذو حدين خصوصا لدى القاصر فالمشهد ربما فتح أعين القاصر على قبول أفعال ممكنة للحصول على المبتغى في غياب الرقابة الأبوية أو بتشجيع منهم و هو أمر مرفوض إبداعيا، في مفارقة غريبة تصور الأم كسيدة تهتم بتربية ابنها تربية حسنة في المقابل يشجع الأب على التربية السيئة، تقديم المنتج و القنوات التلفزية لمشاهد تفاضل فيها بين الأم و الأب خلال مرحلة يعرف المجتمع  مناقشة مدونة الأسرة يجعلها رسالة غير بريئة بالمرة و متحيزة للمرأة و متماهية  مع رؤية الحكومة للموضوع في شخص وزير العدل . نفس التماهي نلمسه من خلال تصوير الإصلاحيات على أساس أنها مكان جميل يتمتع فيه الأطفال بلحظات الترفيه و ليس مؤسسة عقابية / إصلاحية كما يجب أن تصور لرفع مستوى الردع الرمزي الذي تمثله، أعتقد أنها من أضر المشاهد بالمجتمع و المشاهد فقد قام من خلالها المنتج أو السيناريست بمحاولة تجميل وجه المؤسسة السجنية  و في المقابل أضر بالمجتمع رغم أنه لم يكن مرغما على ذلك، فعندما تطغى المصلحة على الأخلاق نقتل المجتمع و الوطن.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات