الدار/ تحليل
في ظل التوترات المستمرة، أصبح الإعلام الجزائري في السنوات الأخيرة ساحة لتوجيه حملات إعلامية مضللة تهدف إلى تشويه سمعة المملكة المغربية على الصعيدين الإقليمي والدولي. ورغم محاولات بعض وسائل الإعلام في الجزائر لتقديم معلومات مضللة مغلفة، إلا أن العديد من هذه الأخبار أصبحت مكشوفة للرأي العام، ما أسهم في تآكل مصداقيتها بشكل متسارع.
كان آخر مثال على هذه الممارسات الإعلامية المضللة، تقرير نشرته وكالة الأنباء الجزائرية (APS) بشأن سفينة إسرائيلية محملة بالأسلحة، زُعم أنها في طريقها إلى ميناء طنجة المغربي. وعلى الرغم من أن الوكالة أرفقت تقريرها الخارطة التي توضح مسار السفينة، إلا أن هذه الخارطة أكدت أن السفينة كانت تتجه فعلاً إلى ميناء صلالة في سلطنة عمان، وليس إلى المغرب أو إسرائيل كما تم الترويج له. بل إن بعض المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي أكدوا أن السفينة كانت شحن دنماركية وليست إسرائيلية على الإطلاق.
هذا النوع من الأخطاء المضحكة يعكس فشلًا في أبسط قواعد العمل الصحفي، ويثير تساؤلات حول دوافع نشر هذه الأكاذيب. العديد من المغردين وصحفيين أبدوا استياءهم من تصرف الوكالة، مشيرين إلى أنها ارتكبت خطأ مهنيًا فادحًا يتنافى مع القيم الصحفية الأساسية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك أن وكالة الأنباء الجزائرية هي جهاز رسمي يمثل الدولة، فإن ما قامت به يتجاوز مجرد الإخفاق الصحفي ليصبح عملاً يضر بمصداقية النظام الجزائري نفسه.
تكرار مثل هذه الممارسات في الإعلام الجزائري ليس وليد الصدفة، بل جزء من استراتيجية إعلامية ممنهجة تهدف إلى تشويه صورة المغرب وإثارة الشكوك حول مواقفه الداخلية والخارجية. فلم يكن هذا التقرير عن السفينة الإسرائيلية هو الأول من نوعه، بل سبقته العديد من التقارير المضللة التي استهدفت المغرب بشكل متكرر، سواء في ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، أو حتى في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية.
في أحد الأمثلة البارزة، قامت وسائل الإعلام الجزائرية بنشر لقطات مفبركة للهجرة غير الشرعية، مستخدمة مشاهد تظهر مهاجرين يعبرون الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، لتُظهرها على أنها حوادث تحدث على الحدود المغربية أو في مدينة الفنيدق. هذه الأساليب السطحية في التلاعب بالصور والفيديوهات تدل على محاولات يائسة لتحريف الحقائق وإثارة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، مع توجيه أصابع الاتهام إلى المغرب.
ما يثير القلق هو أن هذه الأخبار الزائفة تُنشر عن عمد وبشكل منظم، في محاولة لتشكيل صورة سلبية عن المغرب. الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أكدوا أن الإعلام الجزائري بات يستخدم كل الوسائل المتاحة لنسج قصص وهمية، تتراوح بين تحريف الأحداث وتصويرها على أنها جزء من أجندة سياسية ضد الجزائر. في هذا السياق، يحاول النظام الجزائري عبر إعلامه الرسمي وغير الرسمي أن يخلق انطباعًا خاطئًا لدى المواطنين الجزائريين والعالم، حول طبيعة الأوضاع في المغرب.
من اللافت للنظر أن هذه الأخبار الزائفة تتزامن مع تدهور الوضع الإعلامي في الجزائر. في الأشهر الأخيرة، شهدت وسائل الإعلام الجزائرية تغييرات داخلية ملحوظة، كان أبرزها إقالة سليم آغار، المدير العام لقناة الجزائر الدولية. آغار، الذي كان يُعتبر أحد “العقول المدبرة” للحملات الدعائية للنظام، تم استبداله بعد فترة من التوترات الداخلية حول أسلوب إدارته. هذه التغييرات أثارت الكثير من الأسئلة حول كفاءة إدارة الإعلام الجزائري، الذي أصبح يركز على الحرب الدعائية ضد المغرب بدلاً من تحسين جودة إعلامه.
ورغم هذه الحملات المضللة، يظل المغرب ثابتًا في سياسته الدبلوماسية. وعلى الرغم من محاولات تشويه صورته عبر الإعلام الجزائري، نجح المغرب في تعزيز حضوره الدولي وإثبات فاعليته في مختلف المجالات، سواء عبر الدبلوماسية الاقتصادية أو في محاربة الإرهاب. هذه النجاحات أصبحت واضحة للعيان وأظهرت بوضوح أن التلاعب الإعلامي لا يمكن أن يؤثر على حقيقة الواقع الميداني.
إن تزايد ظاهرة الأخبار الكاذبة في الإعلام الجزائري يعكس أزمة حقيقية في المصداقية الصحفية. وعلى الرغم من أن هذه الأخبار تنتشر على المدى القصير، فإنها تضر في نهاية المطاف بالسمعة العامة للإعلام الجزائري. بينما يستمر المغرب في تحقيق النجاحات على أرض الواقع، بينها الاعلام الجزائري فان مصداقيته ستظل في حالة تآكل مستمر، ولا سيما في عصر تكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي التي تفضح مثل هذه الأكاذيب في لحظات.