في الوقت الذي كانت الأضواء مسلطة على الصراع المشتعل بين حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة، والترشيحات التي تصب في مصلحتهما للمنافسة على الفوز بحكومة المونديال، خرج نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، في لقاء حزبي من دائرته الانتخابية العرائش، يوم 17 يناير الجاري، معلنا طموح ورغبة حزب “الميزان” في الفوز بانتخابات 2026 المرتقبة، ليفتح جبهة صراع أخرى داخل الأغلبية مع “الأحرار” المتشبث بالحصول على ولاية ثانية.
مصادر عليمة داخل حزب التجمع الوطني للأحرار بجهة الشمال “لم تخف” انزعاجها في اتصالات مع هسبريس من الزيارة التي قادت وزير التجهيز والماء إلى إقليم العرائش، خاصة بعدما لم توجه الدعوة إلى عمر مورو، رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني والشريك في إنجاز مجموعة من المشاريع التي كانت زيارتها مبرمجة في نشاط المسؤول الحكومي.
مصدر قريب من الأمين العام لحزب الاستقلال نفى للجريدة أن تكون الوزارة تعمدت عدم توجيه الدعوة إلى رئيس الجهة، وألقت الكرة في ملعب سلطات الإقليم المعنية بالتنسيق للزيارة، قبل أن تؤكد مصادر أخرى أن بركة اكتفى بزيارة المشاريع التي تشرف عليها وزارته والجماعات التي يقودها رؤساء ينتمون إلى حزبه بالإقليم.
تحرك بركة بدا “مزعجا” لحزب التجمع الوطني للأحرار وقيادته، والتي اشتكى لهم منها مسؤولو الحزب في إقليم العرائش والجهة، معتبرين أن الأمين العام لحزب الاستقلال “كان عليه أن يكتفي بتأطير لقاء حزبي بدل جمعه مع تدشينات وزيارة أوراش ومشاريع تابعة لوزارته”.
المصادر ذاتها من داخل حزب “الحمامة” عادت وأكدت لهسبريس أن الأمر مثل “سوء فهم سرعان ما تم تجاوزه”، مؤكدين أن توجيهات تلقوها من القيادة المركزية بـ”عدم الخوض أكثر في الموضوع وتجاوزه تفاديا لتأجيج المعركة أكثر”.
لكن هذه التوجيهات سرعان ما تلاشت بعد أقل من أسبوعين على التحرك الذي أغضب حزب التجمع الوطني الأحرار وقيادته، حيث أعلن بشكل مفاجئ عن “إرجاء” الزيارة التي كانت مقررة لوزير التجهيز والماء نزار بركة السبت الماضي لـ”إعطاء الانطلاقة الفعلية لعمل مشروع الربط بين سد واد المخازن وسد دار خروفة”، بعدما تم توجيه الدعوة إلى مختلف المعنيين بالزيارة والمشروع ليتم إخبارهم بالتأجيل مساء الجمعة.
مصادر عليمة بالإقليم أكدت لهسبريس أن إرجاء زيارة بركة لمشروع الربط المائي المهم “لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالتنافس السياسي بين حزب الاستقلال وحزب التجمع الوطني للأحرار”، مشددة على أن التأجيل مرتبط بـ”عوامل تقنية صرفة، تتعلق بأن المشروع في مراحل التجريب النهائية ويجري وضع اللمسات الأخيرة على بدء ضخ المياه نحو سد خروفة”.
وأشارت المصادر إلى أن الزيارة كان من المتوقع أن يحضرها أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، والذي رجحت مصادر أن يكون له “دور” في التأجيل المفاجئ، خاصة أن وزارته هي التي تشرف على تنفيذ المشروع المشترك بينهما.
بعد هاتين الواقعتين، جاءت الصورة التي ظهر فيها وزراء حزب “الميزان” متضامنين ومتكتلين في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة بمجلس النواب، أمس، آخذين مسافة من باقي وزراء الحكومة، ربما تمثل رسالة مشفرة على دائرة الهوة الآخذة في الاتساع بين مكونات الأغلبية، منذ كشف نوايا قادتها المبكرة بخصوص الانتخابات التشريعية المنتظرة، إذ تتجه الأنظار غدا الأربعاء إلى لقاء رؤساء أحزاب التحالف المنتظر أن يكون حاسما في شكل العلاقة التي ستؤطر علاقة مكونات التحالف في الأشهر التي تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي الذي بدأت توقد نيرانه مبكرا، وفق توصيف أحد القيادات داخل أحزاب التحالف الحكومي.