كشفت الأمطار الأخيرة التي هطلت على العاصمة الاقتصادية على مدار الأيام الماضية عن هشاشة البنية التحتية في منطقة سيدي مومن، التي تحولت فجأة إلى برك مائية كثيفة، ما أثار استياء السكان والفعاليات السياسية بالمنطقة. ووجهت هذه الأخيرة انتقادات حادة لمجلس المقاطعة، متهمة إياه بـ”التقاعس” في تنفيذ المشاريع وإصلاح المقاطع الطرقية المتضررة.
ووثّقت مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة الصفحات الفيسبوكية المهتمة بالشأن المحلي في الدار البيضاء، العديد من الصور والفيديوهات التي تعكس حالة الشوارع والأزقة في سيدي مومن، والتي تحولت إلى مسابح صغيرة نتيجة فشل قنوات الصرف الصحي في امتصاص مياه الأمطار. هذا الوضع كشف مجددًا عن واقع المنطقة المتردي.
انتقادات حادة لمجلس المقاطعة
وفي تعليق على هذا الموضوع، قال يوسف سميهرو، العضو المعارض بمجلس مقاطعة سيدي مومن، إن “حصيلة مجلس مقاطعة سيدي مومن على مستوى البنية التحتية ضعيفة جدًا، ويمكن القول إن هذا المجلس من أضعف المجالس التي تعاقبت على المقاطعة”. وأوضح أن “منذ بداية الولاية الانتدابية الحالية، رفعت أحزاب التحالف الحاكمة شعارات الإصلاح، لكنها لم تُترجم إلى إنجازات فعلية على أرض الواقع”.
وأضاف سميهرو، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن “الشعارات التي يرفعها أعضاء المجلس لا تعدو كونها شعارات انتخابية وسياسية، لا تعكس الواقع الذي تعيشه ساكنة سيدي مومن، حيث تحولت الشوارع والأزقة إلى برك مائية بعد التساقطات المطرية، رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على تولي المجلس الحالي مسؤولية تدبير المنطقة”.
كما أشار إلى أن “المجلس الحالي استغل مشاريع لا علاقة له بها، وهي مشاريع قديمة، مثل مشروع الهضبة الخضراء وشارع عمر بن الخطاب، حيث تم رصد ميزانيتها خلال الولاية السابقة”. وأكد أن “المجلس الحالي ينسب لنفسه مشاريع بعيدة عنه كل البعد”.
وشدد الفاعل السياسي على أن “شوارع وأزقة سيدي مومن شهدت تراجعًا كبيرًا في الصيانة الاعتيادية للطرقات، ما يعكس فشل المكتب المسير الحالي، الذي لا يزال غارقًا في الشعارات المزيفة وبيع الوهم للساكنة”، منبها إلى أن “هذه الطرقات أصبحت تشكل خطرًا حقيقيًا على سلامة المواطنين”.
وأوضح أن “هناك شوارع وأزقة في مناطق مثل السلام 1 و2 ومنطقة البركة، سبق أن استفادت من مشاريع صيانة في السنوات الأخيرة، لكنها تعرضت لانتقادات بسبب ضعف جودتها، إضافة إلى الاختلالات المسجلة في دفتر التحملات والتوزيع غير العادل للصفقات، حيث تم التركيز فقط على المناطق التي يقطن فيها أعضاء المجلس”.
وأشار أيضًا إلى أن “صفقة (9/2024 ) لا يزال مصيرها مجهولًا حتى الآن، رغم إثارتها للعديد من الشكوك، في ظل استغلالها لأغراض سياسية وانتخابية، فضلًا عن عدم وضوح المستفيدين من بعض بنود الاتفاقية، مثل تلك المتعلقة بالبدلات الرياضية”.
وأكد أن “هناك صفقة بقيمة ملياري سنتيم لم يتم تنفيذها حتى الآن، ما يثير مخاوف من احتمال استغلالها في الحملات الانتخابية”، مشيرًا إلى أن “هذا التأخير يطرح تساؤلات عديدة حول الأسباب الحقيقية وراء ذلك”.
تحسين الشبكة الطرقية
من جهته، قال عبد الغني المرحاني، نائب رئيس مقاطعة سيدي مومن، إنه “مع بداية كل فصل شتاء، تتجلى هشاشة البنية التحتية، ليس فقط في سيدي مومن، بل على الصعيد الوطني، حيث تؤدي الأمطار إلى تفاقم تدهور الأزقة والشوارع الرئيسية”. وأوضح أن “التساقطات المطرية الأخيرة كشفت عن واقع المنطقة، ونحن نعمل على تحسين الشبكة الطرقية التي تمتد لأكثر من 40 كيلومترًا”.
وأضاف المرحاني، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أنه ” خلال السنوات 2022 و2023 و2024، تم عقد صفقات كبرى في إطار الصيانة الاعتيادية للطرقات، حيث تم إصلاح العديد من المقاطع الطرقية في المنطقة، التي تُعد من أكبر المقاطعات ضمن جهة الدار البيضاء-سطات، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا أمام المكتب الحالي”.
كما أشار إلى أن “هناك عائقًا ديمغرافيًا كبيرًا يواجه مقاطعة سيدي مومن، حيث تجاوز عدد السكان 500 ألف نسمة وفقًا لآخر إحصاء، مما يجعلها بمثابة مدينة داخل الدار البيضاء”. وأضاف: “أكثر من مليون نسمة يتنقلون داخل سيدي مومن يوميًا، وهذا يشكل عبئًا إضافيًا على البنية التحتية”.
وأكد نائب رئيس مقاطعة سيدي مومن أن “الشبكة الطرقية معرضة للاهتراء والضرر، ولا يمكن مقارنة هذه المقاطعة بالمقاطعات الصغيرة مثل ابن امسيك أو سباتة، التي لا يتجاوز حجمها الإجمالي 4 كيلومترات”.
وختم تصريحه بالقول: “لا يمكن اعتبار حصيلة البنية التحتية في سيدي مومن صفرية، فقد تم تشييد العديد من الطرقات منذ سنة 2021، ولا يمكن إصلاح حوالي 40 كيلومترًا من الشبكة الطرقية في ظرف سنتين أو ثلاث سنوات فقط”.