تشهد الساحة السياسية المغربية حراكًا غير معتاد، حيث بدأ حزب الأصالة والمعاصرة، أحد مكونات التحالف الحكومي، في انتقاد الحكومة التي يشارك فيها، في خطوة تطرح العديد من التساؤلات حول دوافعها الحقيقية.
فهل هو تحول مبدئي نابع من استشعار نبض الشارع، أم مجرد مناورة سياسية استعدادًا للانتخابات المقبلة؟
المنصوري.. الطموح السياسي يسبق الولاء الحكومي
تبدو فاطمة الزهراء المنصوري، إحدى الوجوه البارزة في الحزب، وكأنها تسابق الزمن لتمهيد الطريق أمام سيناريوهات جديدة قد تضعها في موقع متقدم في المشهد السياسي مستقبلاً.
فقد بدأت، وفقًا للعديد من المراقبين، في التمايز التدريجي عن الحكومة، مُفضّلةً الاصطفاف مع نبض الشارع المنتقد لارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية.
هذا التحول جعل البعض يصفها بأنها تخلع معطف الحكومة وترتدي عباءة المعارضة، في خطوة تُذكر بما قام به نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي اتخذ موقفًا أكثر وضوحًا في انتقاد سياسات الحكومة رغم مشاركته فيها.
ازدواجية الخطاب السياسي.. لعبة مكشوفة؟
الحزب، الذي يتقلد حقائب وزارية مهمة، بدأ في تصعيد لهجته تجاه بعض قرارات الحكومة، مطالبًا بمحاسبة من يفتعلون الأزمات ويرفعون الأسعار، وهو أمر يطرح إشكالية الازدواجية السياسية: كيف يمكن لحزب في الأغلبية أن ينتقد الحكومة التي يشارك في تسييرها؟ هذا السلوك يراه البعض مجرد مناورة انتخابية مبكرة تهدف إلى التماهي مع الغضب الشعبي، وكسب نقاط سياسية استعدادًا لانتخابات 2026، خاصة في ظل الرهانات الكبرى المرتبطة بـمونديال 2030.
الانتخابات المقبلة.. صراع مبكر على السلطة
مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، يبدو أن الأحزاب بدأت في إعادة تموقعاتها، فحزب الأصالة والمعاصرة، الذي لطالما وُصف بأنه حزب السلطة، يدرك أن الانتخابات المقبلة ستكون مفصلية، سواء على مستوى التوازنات السياسية أو على مستوى المشاريع الكبرى التي سيشهدها المغرب خلال العقد المقبل.
وبالتالي، فإن تبني خطاب معارض داخل الحكومة قد يكون تكتيكًا سياسياً يهدف إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب دون تحمل كلفة الخروج الرسمي إلى المعارضة.
السياسة بين المبادئ والمصالح
ما يجري داخل المشهد السياسي المغربي اليوم يعكس إشكالية أعمق تتعلق بمدى قدرة الأحزاب على الفصل بين الالتزام الحكومي والمصالح الانتخابية.
فبينما يحتاج الشارع إلى وضوح في الخطاب والقرارات، يبدو أن بعض الأحزاب تفضل اللعب على جميع الحبال، في انتظار ما ستسفر عنه صناديق الاقتراع في 2026.