بات ملف دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة أحد أبرز القضايا المثيرة للجدل في الأوساط الاقتصادية والسياسية بالمغرب، حيث تواجه آلاف المقاولات تحديات مالية خانقة وضرائب متزايدة وندرة الفرص في التصدير.
وتوقعات بأن يصل عدد الشركات المفلسة إلى 40 ألفًا مع نهاية العام الحالي، تجعل من هذه القضية أولوية ملحة أمام الحكومة والفاعلين الاقتصاديين.
ورغم الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها هذه المقاولات في قطاعات واعدة كالنسيج، والصناعات الغذائية، والزراعة، إلا أنها لا تزال محاصرة بضعف التمويل وصعوبة الولوج إلى الأسواق الدولية.
في هذا السياق، تصاعدت أصوات المعارضة البرلمانية مطالبةً الحكومة بالإسراع في تفعيل مرسوم الدعم لإنقاذ هذه المقاولات من شبح الإفلاس الذي يهدد مستقبلها ومستقبل الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وتناول يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى، الموضوع خلال ندوة نظمت في تطوان بعنوان “سياسات التشغيل في المغرب: التحديات والفرص”، حيث أشار إلى أن الحكومة تعمل على تخصيص 12 مليار درهم لدعم هذه المقاولات.
وأوضح أن هذا الدعم يشكل جزءًا من الجهود الشاملة التي تتضمن برامج أخرى مثل “التدرج المهني” وإلغاء شرط الدبلوم، بهدف تخفيف الأعباء عن هذه الشركات وتوسيع دائرة المستفيدين من فرص التشغيل.
وأشار السكوري إلى أن المقاولات الصغيرة والمتوسطة تشغل حوالي 75% من الأجراء المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ورغم ذلك، تعاني هذه الفئة من صعوبات متعددة تتطلب تدخلًا عاجلًا.
وأكد الوزير أن قانون المالية 2025، الذي تمت المصادقة عليه مؤخرًا، شهد خطوة تاريخية من خلال إلغاء شرط الدبلوم للحصول على فرص عمل في المقاولات التي تتلقى دعماً حكوميًا.
هذا التعديل القانوني يسمح بتوفير فرص العمل لأشخاص من غير الحاصلين على شهادات، مع تخصيص مليار درهم لبرنامج خاص لدعم تشغيل هؤلاء الأفراد.
ولفت الوزير إلى أن البرنامج يشمل منح الشركات مبلغ 1500 درهم شهريًا عن كل عامل غير حاصل على دبلوم، لمدة تسعة أشهر، شرط استمرارية العمل لمدة لا تقل عن سنة، إلى جانب تقديم ميزانيات للتكوين المهني لهذه الفئة.
وأضاف الوزير أن البرنامج الجديد جاء بعد نجاح مبادرة “أوراش”، التي استفادت منها 132 شركة، حيث أتاحت فرص العمل والتكوين لمئات الأشخاص.
رغم الجهود الحكومية، لا تزال هناك تساؤلات حول فعالية هذه المبادرات في إنقاذ المقاولات الصغرى والمتوسطة من الأزمات التي تواجهها، خصوصًا في ظل الحاجة إلى آليات متابعة ومراقبة لضمان تنفيذ البرامج بالشكل المطلوب.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستتمكن هذه السياسات من تقليص معدل الإفلاس وتعزيز استدامة المقاولات الصغيرة والمتوسطة، أم أن التحديات الهيكلية ستظل عائقًا أمام تحقيق هذه الأهداف؟