الأراضي السلالية بجهة مراكش آسفي.. استغلال مستمر في غياب الرقابة والمساءلة
حكيم شيبوب
تعيش العديد من مناطق جهة مراكش آسفي، لا سيما بإقليم الرحامنة، وجماعة سعادة بعمالة مراكش، وإقليمي قلعة السراغنة وآسفي، على وقع تزايد عمليات الاستيلاء على الأراضي السلالية من قبل مستثمرين في غياب تدخل حاسم من السلطات المختصة. هذه الظاهرة تثير تساؤلات حول مدى احترام القوانين المنظمة للأراضي الجماعية، كما تضع الجهات المعنية أمام اختبار حقيقي لحماية حقوق ذوي الأرض الأصليين.
و رغم أن المغرب أقر قانون 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، إلى جانب قانون 63.17 الخاص بالتحديد الإداري لهذه الأراضي، فإن واقع الحال يكشف استمرار التجاوزات من قبل بعض المستثمرين. هذه القوانين شددت على أهمية تعيين نواب عن الجماعات السلالية وضبط عمليات التفويت والاستغلال، لكنها لم تنجح بعد في وقف عمليات السطو التي باتت تتخذ أشكالًا قانونية ظاهرية مثل عقود الشراكة أو الكراء.
و في إقليم الرحامنة، يتهم السكان بعض الجهات المحلية بالتواطؤ أو التقاعس في تطبيق القانون، وهو ما يتجلى في تمكين بعض المستثمرين من الاستحواذ على الأراضي السلالية بطرق مشبوهة، مثل استغلال غياب نواب الجماعات السلالية أو تردي وضعهم الصحي، كما هو الحال في جماعة أيت حمو. وفي جماعتي سعادة وأكفاي بمراكش، تتكرر نفس الممارسات، حيث يتم تحويل الأراضي السلالية إلى مزارع خاصة، دون أي سند قانوني واضح.
و في ظل الحراك السياسي الذي تشهده جهة مراكش آسفي، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، يبدو أن بعض الأطراف تحاول استغلال هذه القضية كورقة ضغط ضد المنافسين.
وقد سبق لوزارة الداخلية أن أعلنت في شتنبر الماضي عن حصر حوالي 133 ألف هكتار من الأراضي الجماعية المستغلة بشكل غير قانوني، كما رفعت دعاوى قضائية ضد 3000 مستغل. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات لم تردع المخالفين، خاصة في مناطق مثل قلعة السراغنة والحوز، حيث بات استغلال الأراضي السلالية أمراً واقعاً يكرسه غياب المتابعة الجدية.
و في ظل تصاعد الغضب الشعبي، يستعد سكان بعض المناطق، مثل دوار السمارة بجماعة أيت حمو، لتقديم شكاوى إلى الوكيل العام للملك بمراكش، مع المطالبة بتكليف فرقة من خارج الإقليم للتحقيق في التجاوزات. كما يعتزم المتضررون مراسلة وزارة الداخلية لإيفاد لجان تفتيش للتدقيق في سجلات تصحيح الإمضاءات التي يشتبه في استغلالها لتمرير عقود مشبوهة.
و يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الجهات المختصة من التدخل بحزم لوضع حد لهذه التجاوزات، أم أن ملف الأراضي السلالية سيظل رهينة الحسابات السياسية والمصالح الخاصة؟ الأيام القادمة ستكشف مدى جدية الدولة في فرض سيادة القانون وحماية الحقوق الجماعية من الاستنزاف.