بعد أن تطرق موقع “أخبارنا” أمس الخميس، لخبر الاعتزال الفجائي للمخرج المصري الشهير “محمد سامي”، كان لنا عقب ذلك تواصل خاص مع مصدر إعلامي مصري رفض الكشف عن هويته، أكد لنا خلاله أن اعتزال “سامي” كان بمثابة قرار استباقي لمبادرة صارمة من أعلى هرم السلطة في البلاد، كانت ستبعده هو ومجموعة من المخرجين والمنتجين عن الشاشة، وذلك على خلفية موجة الغضب العارم التي عبر عنها الشعب، بسبب إساءة أعمالهم الرمضانية لصورة وسمعة مصر.
في سياق متصل، أشار المصدر ذاته إلى أن رئيس البلاد “عبد الفتاح السيسي”، تفاعل بشكل سريع مع انتقادات الشارع المصري للأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان 2025، احتجاجا على ما يقدمه صناع المسلسلات من مشاهد عنف وبلطجة وعري وخروج عن قيم وعادات المصريين، مؤكدا أن رئيس مصر طالب بضرورة تقديم أعمال إيجابية.
وكشفت تقارير إعلامية أخرى أن “السيسي”، وخلال إفطار جمعه برجال القوات المسلحة، عبر عن تأييده للانتقادات الموجهة لأعمال رمضان، حيث قال في هذا الصدد: “اوعوا ترعوا الغث فقط، والهزل فقط، والكلام اللي مش (لا) يبني أمة فقط”، ودعا بالمقابل إلى تقديم أعمال إيجابية، مؤكدا على ضرورة تنشئة الأجيال على القيم والأخلاق المصرية الأصيلة.
في ذات السياق، اعتبرت تقارير إعلامية مصرية أن تصريح “السيسي” سالف الذكر، اعترافا صريحا من أعلى هرم السلطة في البلاد بفشل “الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية”، القائمة على الإنتاج الصحفي والإعلامي والإذاعي والإعلاني والفني منذ العام 2016، والتي ترصد لها ميزانيات ضخمة، وتسيطر على قطاعي الدراما والسينما في مصر. من جانبها -تضيف نفس المصادر- استجابت الشركة “المتحدة” بسرعة لدعوة الرئيس المصري، حيث قررت تشكيل لجنة متخصصة للمحتوى، تتولى وضع خطط وبرامج للإنتاج الدرامي والإعلامي، إلى جانب متابعة ورصد الأعمال المنتَجة من الشركة، وذلك خلال اجتماع لمسؤولي الشركة مع “السيسي” ورئيس وزرائه.
وفي بيان لها، صدر أول أمس الأربعاء، أشارت الشركة “المتحدة” إلى أنها قامت بتشكيل لجنة طارئة، دورها خلق “التوازن اللازم بين الإبداع والمسؤولية الاجتماعية، وتطلعات الجمهور المصري من خلال تقديم أعمال تعكس القيم المجتمعية الإيجابية”.
ذات المصادر أوضحت أيضا أن حزب “الجبهة الوطنية”، قرر تكليف الكاتب “مدحت العدل”، ونقيب الممثلين “أشرف زكي”، والممثل “سامح الصريطي”، بدراسة “أزمة الدراما”، وما آلت إليه خاصة بعد تنبيه السيسي لخطورة ما يقدم على الشاشات وتأثيره على الأجيال. من جانبه، شدد رئيس حزب “الجبهة الوطنية”، الوزير السابق “عاصم الجزار”، على أن الدراما “لم تعد تعكس التطورات التي جرت في الدولة المصرية من القضاء على العشوائيات والمناطق الخطرة، وتوفير حياة كريمة لسكانها كأحد مكتسبات الجمهورية الجديدة”، مستنكرا أن تقتصر الأعمال التلفزيونية الجديدة على الجريمة أو البلطجة.
وعلى مدار سنوات حكم السيسي، قدمت الدراما المصرية مئات الأعمال الفنية خلال دراما رمضان وعبر شاشات السينما وصفها نقاد ومتابعون بأنها تمثيل لحالة الانحدار الفكري والثقافي والفني والمجتمعي الذي طال البلاد، مباشرة عقب تأسيس الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية سنة 2016، والتي تحولت بعد ذلك إلى إمبراطورية تسيطر بشكل كامل على الإنتاج السينمائي والدرامي في مصر.