شهدت الأسواق المغربية في الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار اللحوم الحمراء، ما أثار استياء المواطنين وأدى إلى تصاعد الأعباء الاقتصادية على الأسر المغربية.
ورغم محاولات الحكومة المتكررة لاحتواء الأزمة، فإن جهودها لم تنجح في تخفيف وطأة هذا الغلاء الذي أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا لقدرة المواطن المغربي على مواجهة تكاليف المعيشة.
في مواجهة هذا الوضع الصعب، لجأت الحكومة إلى استيراد اللحوم من دول مثل إسبانيا والبرازيل، على أمل أن تساعد هذه الخطوة في كبح جماح الأسعار التي تزايدت بشكل غير معقول.
لكن هذه المحاولات لم تثمر عن النتائج المرجوة، حيث بقيت الأسعار مرتفعة كما هي، ما أثار العديد من التساؤلات حول فعالية تدخلات الحكومة في معالجة الأزمة.
وفي أسواق الجملة، تتراوح أسعار اللحوم الحمراء بين 80 و90 درهمًا للكيلوغرام الواحد، بينما تصل الأسعار بالتجزئة إلى ما يقارب 120 درهمًا في بعض المدن الكبرى، وهو ما يجعل اللحوم الحمراء سلعة نادرة وفاخرة بالنسبة للكثير من الأسر التي اضطرت إلى تقليص استهلاكها أو حتى التخلي عنها تمامًا.
المثير للدهشة أن اللحوم المستوردة، التي كان يُفترض أن تخفف من حدة الأزمة، تأتي بأسعار مشابهة لتلك المحلية، مما جعل المواطنين يعبرون عن استيائهم الشديد.
وقد ربط العديد من الخبراء هذا الارتفاع في الأسعار بعوامل متعددة، من أبرزها سنوات الجفاف المتتالية التي أثرت بشكل سلبي على الإنتاج المحلي، إلى جانب ارتفاع أسعار الأعلاف والمحروقات.
ومع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد عادة زيادة كبيرة في الطلب على اللحوم، تتزايد المخاوف من استمرار ارتفاع الأسعار، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على مائدة العديد من الأسر المغربية.
ويزيد من هذه المخاوف الحديث عن احتمالية ارتفاع أسعار الأضاحي مع اقتراب عيد الأضحى، ما يجعل الاحتفال بهذا العيد تحديًا حقيقيًا بالنسبة للكثير من العائلات.
في هذا السياق، أقرّ وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، بوجود ارتفاع في أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي في هذا الارتفاع هو “زيادة الطلب”، نافياً أن يكون هناك زيادة في أسعار الخضر الأساسية.
وفي رد على أسئلة النواب البرلمانيين حول أسباب ارتفاع أسعار اللحوم، قال البواري: “هذا الارتفاع أمر طبيعي في بعض الأحيان، ولكن الحكومة تعمل على تخفيفه من خلال دعم الإنتاج المحلي للمواد الأولية في قطاع اللحوم البيضاء، وكذلك من خلال مواصلة جهود الاستيراد لتقليص أسعار اللحوم الحمراء.”
وأوضح الوزير أن الحكومة تواجه تحديات في استيراد اللحوم من دول مجاورة، حيث تتعلق هذه التحديات بشروط رحلات النقل التي لا تتجاوز ثماني ساعات، وكذلك ضعف الإنتاجية في بعض الحالات.
وأكد الوزير أن الحكومة بصدد إجراء اتصالات مع دول أخرى لتخصيص موانئ خاصة لتسهيل عملية الاستيراد، مما سيسهم في تحسين الوضع.
وتطرق الوزير أيضًا إلى تحديات قطاع اللحوم البيضاء، الذي يعاني من ارتفاع الطلب بسبب استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، مما جعل المنتجين يواجهون مشاكل في توفير الإنتاج الكافي.
وفي هذا السياق، كشف البواري أن الحكومة تسعى إلى تعزيز الإنتاج المحلي، مشيرًا إلى أن المواد الإنتاجية لقطاع الدواجن بالمغرب تأتي بشكل أساسي من الخارج، وأنه توجد شكوك حول وجود احتكار من قبل بعض الشركات في هذا القطاع.
وأعلن وزير الفلاحة أن المغرب استورد 167 ألف رأس من الأبقار و906 آلاف رأس من الأغنام و1724 طنًا من اللحوم في إطار مساعي الحكومة لتخفيف الأزمة.
ورغم هذه الإجراءات، أشار الوزير إلى أن زيادة الإنتاج المحلي تحتاج إلى بعض الوقت لكي تظهر نتائجها بشكل ملموس في الأسواق.
وتبقى أزمة اللحوم الحمراء إحدى القضايا الساخنة التي تؤرق المواطن المغربي، في وقت تشهد فيه البلاد تحديات اقتصادية متعددة، تتطلب استجابة حكومية سريعة وفعالة لتخفيف الضغط عن الأسر وضمان استقرار الأسعار في الأسواق.