الإثنين, مارس 10, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيارتفاع معدلات الطلاق وتراجع زواج القاصرات.. ماذا يحدث في المجتمع المغربي؟

ارتفاع معدلات الطلاق وتراجع زواج القاصرات.. ماذا يحدث في المجتمع المغربي؟


تشهد قضايا الأسرة في المغرب تحولات كبرى تعكس التغيرات المجتمعية والتوجهات القضائية الجديدة، حيث تكشف الأرقام عن ارتفاع ملحوظ في قضايا الطلاق والنفقة، مقابل تراجع طلبات زواج القاصرات بفعل تشديد الرقابة القانونية.

وتلعب النيابة العامة دورًا حاسمًا في ضبط النزاعات الأسرية، إذ قدمت آلاف الملتمسات لحماية الحقوق، بينما تواجه المحاكم تحديات معقدة في التوفيق بين مقتضيات الشريعة الإسلامية والتطورات الحقوقية الحديثة.

وفي هذا الصدد، أصدرت رئاسة النيابة العامة تقريرها السنوي السابع، الذي يستعرض أنشطة النيابة العامة في القضايا المتعلقة بالأسرة خلال عام 2023، ويبرز الجهود المبذولة في تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة والقوانين ذات الصلة، مع مراعاة خصوصيات المجتمع المغربي.

ويهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على دور النيابة العامة في حماية الحقوق الأسرية، وخاصة حقوق النساء والأطفال، وضمان استقرار العلاقات الأسرية عبر معالجة النزاعات وفقًا للإجراءات القانونية المعتمدة.

تشير المعطيات الواردة في التقرير إلى أن النيابة العامة اضطلعت بدور أساسي في تنفيذ أحكام مدونة الأسرة، حيث ساهمت في تقديم الملتمسات أمام المحاكم المختصة، ومارست طرق الطعن المتاحة، وتفاعلت مع مختلف النزاعات الأسرية بما يضمن تحقيق العدالة.

كما لم يقتصر دور النيابة العامة على الإجراءات القضائية فحسب، بل شمل أيضًا مراقبة تنفيذ الأحكام المتعلقة بحقوق الأطفال، والإشراف على الجوانب الإدارية للزواج داخل المغرب وخارجه، ومتابعة حالة الأطفال المهملين بالتنسيق مع الجهات المختصة.

في سياق الاهتمام المستمر بتطوير مدونة الأسرة، أكد التقرير أن الملك وجه إلى رئيس الحكومة لإعادة النظر في بعض مقتضيات المدونة.

وقد أكد التقرير أن هذا التوجيه جاء استجابة لحاجة المجتمع المغربي إلى تحديث القوانين المنظمة للأسرة بما يواكب التغيرات الاجتماعية، ويحفظ التوازن بين متطلبات الشريعة الإسلامية والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان.

وأبرز التقرير إحصائيات دقيقة حول نشاط النيابات العامة لدى محاكم المملكة، حيث بلغ إجمالي الملتمسات المقدمة خلال عام 2023 ما مجموعه 298,443 ملتمسًا، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 15% مقارنة بعدد الملتمسات المسجلة سنة 2022.

وقد شملت هذه الملتمسات مختلف القضايا الأسرية، وفقا لذات التقرير، حيث بلغ عدد الملتمسات المتعلقة بزواج الرشداء 49,543 ملتمسًا، بينما تم تقديم 4,481 ملتمسًا بخصوص تعدد الزوجات، و1,943 ملتمسًا لتثبيت الزوجية، فيما بلغ عدد الملتمسات الخاصة بزواج المصاب بإعاقة ذهنية 645 ملتمسًا.

فيما يتعلق بقضايا الطلاق والتطليق، فقد بلغ مجموع الملتمسات المقدمة بشأنها 125,071 ملتمسًا، ما يجعلها من أكثر القضايا الأسرية المطروحة أمام المحاكم.

أما قضايا النفقة، فقد تم تسجيل 48,651 ملتمسًا تتعلق بنفقة الزوجة ونفقة الأطفال، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذه القضايا في النزاعات الأسرية. كما سجل التقرير 2,294 ملتمسًا بخصوص إثبات النسب، و4,013 ملتمسًا للإقرار بالبنوة، و173 ملتمسًا حول الولادة.

أفرد التقرير حيزًا هامًا لموضوع زواج القاصر، باعتباره قضية تثير جدلًا قانونيًا واجتماعيًا مستمرًا، تنص مدونة الأسرة على أن السن القانوني للزواج هو 18 سنة، لكنها تتيح استثناءً مشروطًا بإذن القاضي، وفقًا لضوابط قانونية صارمة تضمن تحقق المصلحة الفضلى للقاصر.

وأوضح التقرير أن النيابة العامة تسهر على مراقبة هذا الاستثناء، وتسعى إلى تقليص عدد الحالات عبر مبادرات توعوية وبرامج قانونية متخصصة.

كما أشار التقرير إلى إعداد دراسة شاملة حول زواج القاصر في المغرب، تهدف إلى تقييم الوضع الحالي وتقديم توصيات تستند إلى معطيات دقيقة حول الظاهرة.

وفقًا للمعطيات الواردة في التقرير، بلغ عدد طلبات الإذن بزواج القاصر المسجلة خلال سنة 2023 ما مجموعه 15,319 طلبًا، مسجلًا انخفاضًا مقارنة بسنة 2022 التي شهدت تسجيل 19,848 طلبًا. هذا التراجع ينسجم مع السياسة التي تنهجها السلطات القضائية في تقليص الاستثناءات التي يسمح بها القانون، والتي تتيح تزويج القاصرات في حالات محدودة، مع اشتراط موافقة القاضي وتوفر المصلحة الفضلى للفتاة.

وأبرز التقرير أن معالجة هذه الطلبات خضعت لإجراءات دقيقة، حيث تم إخضاع 2,095 حالة للبحث الاجتماعي، و1,666 حالة لخبرة طبية أولية، بينما تم اللجوء إلى خبرة طبية ثانوية في 323 حالة.

كما شهدت 6,673 حالة الجمع بين البحث الاجتماعي والخبرة الطبية لضمان اتخاذ القرار المناسب بناءً على معطيات دقيقة حول وضعية الفتاة الصحية والاجتماعية.

أما بخصوص مآل هذه الطلبات، فقد سجل التقرير أن 6407 طلبات تم رفضها من قبل القضاء، وهو ما يمثل نسبة 56% من مجموع الطلبات المقدمة، في حين تم قبول 490 طلبًا فقط، مما يؤكد أن المحاكم باتت أكثر تشددًا في منح الإذن بزواج القاصرات.

كما أن 1,864 حالة تم تصنيفها ضمن خانة “تطبيق القانون”، وهو ما يشير إلى القرارات التي اتخذت بناءً على الإطار القانوني المنظم لهذه المسألة.

وفيما يتعلق بجهود النيابة العامة للحد من زواج القاصر، فقد أكدت رئاسة النيابة العامة أنها قدمت 15,075 ملتمسًا برفض منح الإذن بالزواج، أي ما يمثل نسبة 84% من مجموع الطلبات، وهو مؤشر قوي على توجه النيابة العامة نحو حماية حقوق القاصرات والتقليل من هذه الظاهرة.

كما تم تسجيل 125 حالة عدم اختصاص، وفقا لذات التقرير إلى جانب 195 طلبًا ما زالت قيد الإجراءات.

وسلط التقرير الضوء أيضًا على الإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة لتعزيز الحماية القانونية للأطفال القاصرين، حيث تم تنظيم برامج تكوينية لفائدة قضاة النيابة العامة حول زواج القاصر، مع إصدار دوريات وتوجيهات تسعى إلى الحد من منح الإذن بهذه الزيجات إلا في حالات استثنائية تستوفي جميع الشروط القانونية.

كما تم إعداد دراسات ميدانية تهدف إلى تسليط الضوء على الظاهرة وآثارها الاجتماعية والنفسية على الفتيات القاصرات.

إضافة إلى ذلك، قامت النيابة العامة بتكثيف حملاتها التوعوية والتواصلية بالتنسيق مع مختلف الفاعلين في المجال، من جمعيات المجتمع المدني ومؤسسات الحماية الاجتماعية، وذلك بهدف نشر الوعي حول المخاطر المرتبطة بزواج القاصر وأهمية الالتزام بالسن القانونية للزواج المحددة في 18 سنة.

المؤشرات التي حملها التقرير تعكس انخراطًا جديًا من طرف النيابة العامة في الحد من زواج القاصرات، وذلك من خلال تشديد إجراءات منح الإذن، وارتفاع نسبة الرفض، واعتماد مقاربة شمولية تجمع بين التطبيق الصارم للقانون والتوعية بمخاطر هذه الظاهرة.

ومع استمرار هذا النهج، يُتوقع أن تسجل السنوات المقبلة تراجعًا أكبر في عدد طلبات الإذن بزواج القاصرات، بما ينسجم مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الطفل، ويعزز حماية الفتيات من الآثار السلبية للزواج المبكر.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات