اعتبر محمد بوزيدان الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية طنجة أصيلة، أن اختلالات وتجاوزات المجلس الجماعي لمدينة طنجة لا يمكن حصرها على كثرتها، مشيرا إلى أن الأغلبية المسيرة لشؤون المدينة ولدت ميتة.
وأضاف بوزيدان، في حوار مع موقع “لكم”، أن غياب الانسجام السياسي بين مكوناتها، ومقاطعة بعض أعضائها للقاءات المكتب ودورات المجلس، في طليعة هذه الاختلالات، كما أن تأخر الرئيس في منح التفويضات لنوابه كرّس حالة الارتباك التي عرفها تسيير عدد من الملفات بالجماعة نتيجة للخلافات الداخلية.
وسجل المتحدث، صعوبة انعقاد الدورات والتراشق بين أعضاء من الأغلبية، مثال ذلك مناقشة مراجعة المقرر الجبائي في دورة ماي 2022 حيث تم تبادل الاتهامات بين الرئيس وأحد نوابه، ملاحظا أن إدارة الجماعة تظل في غالبية الأحيان مهجورة، بحيث لا يجد المرتفقون مخاطبا منتخبا، مبرزا أن الأغلبية الحالية وقّعت على تفككها يوم خسارتها لمقعد العمدة الشاغر ولمنصب نائب رئيس مقاطعة السواني وفوز المعارضة بهما، حيث سُجل عدم حضور مستشارين من التحالف للتصويت على مرشحهم.
وفي ما يلي النص الكامل للحوار الذي جاء على هامش المنع الذي تعرض له فريق البيجيدي بالمجلس الجماعي، حيث كان من المقرر أن تحتضن القاعة الكبرى للجماعة لقاء إعلاميا حول حصيلة جماعة طنجة بعد مرور أزيد من 3 سنوات على تولي التحالف الرباعي بقيادة “البام” تدبير الشأن المحلي للمدينة.
أقدم رئيس جماعة طنجة على منع فريق حزبكم بالمجلس الجماعي لاستغلال قاعة ابن بطوطة بالقصر البلدي لتنظيم ندوة إعلامية حول حصيلة الجماعة لمنتصف الولاية، هل لك أن تضع الرأي العام في الصورة، خاصة وأن بيان صادر عن فريقكم يقول أنه تقدم بطلب مكتوب وضع بمكتب الضبط يوم 08 يناير 2025 و حظي بالموافقة؟ ولماذا لم تنشروا نص الموافقة حتى الآن؟ وهل الأمر يتعلق بموافقة مكتوبة أم فقط بطلب مختوم بكتابة الضبط ؟
يبدو أننا وصلنا للدرك الأسفل من مستوى النخب السياسية التي تشرف على تدبير الشأن العام المحلي والتي وصلت لمراكز القرار بالصدفة، ويفتقد أغلبها للتجربة السياسية اللازمة لتدبير مدن مليونية ذات تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية متعددة.
الواقعة التي نحن بصددها تشكل سابقة يلعب فيها الفاعل السياسي الفاشل والمتردد دور بطل من ورق، الذي عِوض أن يعرض حصيلته غير المشرفة، يسعى إلى صد كل من سيطرح اشتغاله على التقييم النزيه والشفاف، مخافة أن يرى تدبيره المشوه على مرآة الحقيقة.
حيث تقدمنا كفريق العدالة والتنمية بمجلس جماعة طنجة بطلب مسجل بمكتب الضبط إلى السيد رئيس المجلس الجماعي يوم 08 يناير 2025 نخبره بتنظيم ندوة لتقييم حصيلته، فحظي طلبنا بالموافقة، وبعد تسعة أيام من الطلب، وقبل يوم واحد من موعد النشاط، نُخبَر من طرف رئيس المجلس وإدارته بوجود مذكرة داخلية لا يعلم بها أحد، تم توقيعها نهاية شهر دجنبر الماضي تقضي بحرمان الفرق السياسية من استعمال قاعة ابن بطوطة بالمجلس!
لا ندري هل هذه المذكرة مسجلة بمكتب الضبط في التاريخ المذكور أم أنها أعدت خصيصا لمنع هذا النشاط؟ رغم أن النظام الداخلي للمجلس ينص على تمكين الفرق السياسية من وسائل العمل، ناهيك عن الشعارات الإنشائية التي يرفعها العمدة حول ضرورة تعاون الفرقاء السياسيين لتعزيز مكانتهم المجتمعية، لكنه ترك عمدة طنجة السابق وفريقه في ردهات المجلس، الحقيقة هي أن المنع هو موقف سياسي يتسم بالشطط في استعمال المرافق العمومية. ولو كانت هناك نية حسنة لدى عمدة المدينة لمكننا من تنظيم نشاطنا في قاعة أخرى من قاعات الجماعة غير مشمولة بالمذكرة السالفة الذكر. والغريب أنه سبق لنا أن نظمنا أنشطة باسم الحزب والفريق في قاعات أخرى بالمدينة ولم نجد أي مانع في ذلك، إلا من طرف عمدة المجلس الذي ننتمي إليه!
هذا المنع ليس هو الأول لعمدة طنجة مع العدالة والتنمية، فقد سبق وأن راسله حزبكم مرتين لتنظيم نشاط بالمركز الثقافي أحمد بوكماخ التابع لجماعة طنجة، لكن الرفض كان هو سيد الموقف، هل أصبح العمدة يرفض الرأي الآخر؟ أم أن لهذا المنع أسباب أخرى؟
هذه ليست أول مرة نحرم فيها من مرافق الجماعة، فقد تقدمنا باسم الكتابة الإقليمية للحزب في مناسبتين مختلفتين بطلبين لاستعمال قاعة المركز الثقافي أحمد بوكماخ التابع لجماعة طنجة، والذي افتُتح في الولاية الانتدابية السابقة 2015-2021 التي دبرها حزب العدالة والتنمية، وقد نظمت فيه جل الأحزاب أنشطتها بكامل الحرية، ومنها الحزب الذي ينتمي إليه العمدة حيث عقد فيه مؤتمره الجهوي الثالث بتاريخ 18 مارس 2017 تحت شعار: “مواصلة التغيير بنخب متجددة”، وحضر فيه أمينه العام إلياس العماري الذي انتقد حكومة العدالة والتنمية من على منصة المركز.
وبعد الطلب والاتصال المباشر كنا نواجه بالتسويف، تارة يقال لنا إن المركز في حالة إصلاح، وتارة أخرى إنهم بصدد التشاور؟ كيف لرئيس ـ كنا نحسن به الظن ـ لا يستطيع أن يقرر في اختصاص حصري تابع لممتلكات الجماعة بله أن يترافع عن مدينة طنجة مع مؤسسات أخرى في اختصاصات مشتركة؟ إن مدينة استراتيجية كطنجة لا يمكن تسييرها بالنظارات السوداء التي تخفي خلفها الهشاشة.
هل لك أن تبسط ومن زاوية المعارضة، أهم الاختلالات والتراجعات على مختلف المستويات، بعد مرور أزيد من ثلاث سنوات على تولي التحالف الرباعي بقيادة حزب الأصالة والمعاصرة تسيير شؤون جماعة طنجة؟
اختلالات وتجاوزات المجلس الحالي لا يمكن حصرها على كثرتها، لأن هذه الأغلبية ولدت ميتة. أولها غياب الانسجام السياسي بين مكوناتها، ومقاطعة بعض أعضائها للقاءات المكتب ودورات المجلس، كما أن تأخر الرئيس في منح التفويضات لنوابه كرّس حالة الارتباك التي عرفها تسيير عدد من الملفات بالجماعة نتيجة للخلافات الداخلية. كما نسجل صعوبة انعقاد الدورات والتراشق بين أعضاء من الأغلبية، مثال ذلك مناقشة مراجعة المقرر الجبائي في دورة ماي 2022 حيث تم تبادل الاتهامات بين الرئيس وأحد نوابه. نلاحظ كذلك أن إدارة الجماعة تظل في غالبية الأحيان مهجورة، بحيث لا يجد المرتفقون مخاطبا منتخبا. كما أن الأغلبية الحالية وقّعت على تفككها يوم خسارتها لمقعد العمدة الشاغر ولمنصب نائب رئيس مقاطعة السواني وفوز المعارضة بهما، حيث سُجل عدم حضور مستشارين من التحالف للتصويت على مرشحهم.
يلاحظ المواطن الطنجاوي غياب الجماعة الكلي عن أزمة السير والجولان خاصة بعد تنقيط الفيفا الذي منح مدينة طنجة نقطة متدنية فيه في أفق استحقاقات رياضية قارية ودولية، كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030. وتعطيل دور ندوة رؤساء الفرق السياسية بالمجلس لفترة طويلة تجاوزت السنة، وعدم الدراسة الكافية لنقط جدول الأعمال بسبب غياب المكلفين بالمكتب المسير عن اللجان وخصوصا تلك التي تحال عليه من طرف سلطة الرقابة مما يجعلها تمر في جو من الضبابية وعدم الوضوح، والضعف على مستوى البعد الاقتراحي للمكتب المسير وهيمنة منطق الانتظارية عوض المبادرة وهو ما تؤكده محدودية الدورات الاستثنائية التي عقدت لحد الساعة.
عجزت أغلبية “الكفاءات” عن إنجاز برنامج عمل الجماعة في أجله القانوني وفق المادة 78 من القانون التنظيمي 113.14 التي تنص على ضرورة إعداده في السنة الأولى على أبعد تقدير، حيث تم التصويت عليه في 07 فبراير 2023 مع تسجيل ارتباك كبير على مستوى الهيئة المشرفة والمنهجية التي اعتمدت في الإعداد والاشتغال وغياب تصور ورؤية واضحة عن المشروع الذي خلف عدة علامات استفهام. عدم صدقية أرقام مالية الجماعة بين المداخيل المتوقعة والمحصلة فعليا. وقد تم التبشير برفع المخصصات المالية للمقاطعات لكنها لازالت تشتكي من عدم التوصل بها. وافتضاح ما روج عن مهرجان الجاز من جلبه لنسبة عالية من المتابعة، وتكاثر عدد السياح بالمدينة، وفضيحة ادعاء رواج كراء السيارات من وكالات طنجة الأمر الذي نفته جمعياتها المهنية، بل اتهمت العمدة بالكذب وجلب سيارات الكراء من خارج المدينة.
في خطوة مثيرة، عقدت جماعة طنجة لقاء وصف بالمغلق لمناقشة ملف تدبير قطاع النظافة الذي يلتهم نسبة مهمة من ميزانية الجماعة، كيف قرأت طريقة عقد هذا اللقاء، وهل هي محاولة للتهرب من الأسئلة التي تحاصر هذا الملف ؟ وما هي المقاربة التي تراها مناسبة لتدبير هذا الملف الذي كان تحت إشراف حزبك خلال الولاية السابقة؟
مؤسف جدا أن تعقد جماعة طنجة يوما دراسيا على درجة كبيرة من الأهمية، في موضوع حساس خلف الأبواب المغلقة، بدون دعوة باقي منتخبي المجلس، والصحافة، والمجتمع المدني المنصوص عليه في دستور 2011، والذي كان نشيطا في تتبع هذا الملف في الولاية الانتدابية السابقة 2015-2021، وكأنها خائفة من الرأي العام. لو كان اجتماعا داخليا لاعتبرنا الأمر عاديا، لكن أن يسمى يوما دراسيا دون الإعلان المسبق عنه ودون إشراك باقي الفاعلين فهذا تهريب لقضايا الشأن العام المحلي في واضحة النهار، وهو أمر غير مستغرب على جماعة طنجة في الولاية الحالية لأنها قضت على جميع أشكال الديموقراطية التشاركية وجمدتها، وجعلت من بعض هيآتها ديكورا لتأثيث المشهد ودعوتها للقاءات لأخذ الصور فقط. فقطاع النظافة يعيش وضعا مأساويا، وتراكم الأزبال في الشوارع الرئيسية خير مثال على ذلك.
رغم أن عقد التدبير المفوض مع الشركتين عرف ارتفاعا ماليا مهما كان الأجدر أن ينعكس على الخدمات، كما هو منصوص عليه في دفتر التحملات خاصة في الموارد البشرية التي لا تحترم الشركتان عدد العمال المنصوص عليه في العقد، بل إن بعض المستخدمين تعرضوا للطرد التعسفي ليلة الاحتفال بعيد الشغل فاتح ماي 2024. في الولاية السابقة تميزت منظومة تدبير قطاع النظافة بتكامل أدوار مكوناتها، بحيث تتشكل من لجنة التتبع التي تنعقد برئاسة رئيس المجلس، ويتم تدبيرها بإسناد من المصلحة الدائمة لمراقبة التدبير المفوض، وتختص بمتابعة تنفيذ العقد وتقييم مدى الالتزام بالمقتضيات التعاقدية، كما تضم أيضا المصلحة الجماعية المكلفة بالنظافة، التي تختص بمتابعة الاستغلال من خلال لوحة قيادة تم اعتمادها لهذا الغرض، كما نجد أيضا لجان التتبع الميداني التي تشتغل على صعيد المقاطعات تحت مسؤولية نواب الرؤساء وبحضور ممثلين عن الشركتين وبإشراك لجمعيات الأحياء وفعاليات المجتمع المدني، وقد مكنت هذه المنظومة من تحسن ملحوظ في أداء شركتي التدبير المفوض، وفي تحسين أداء هذا المرفق الحيوي لمدينة طنجة، وأهم إنجاز تحقق في هذا المجال إغلاق مطرح مغوغة الذي عانت منه الساكنة أكثر من أربعة عقود.
أما الآن فقد تم التخلي عن هذه المنهجية دون إيجاد طريقة عمل أخرى تحقق نفس الهدف، بل إن نقطة الضعف الكبرى في هذا الملف هو المنتخبون الحاليون الذين يسيرون المدينة، الذين استقال بعضهم من مهامهم، فكم سمعنا في دورات مجلس المدينة والمقاطعات إعلان نواب الرؤساء التخلي عن ملفات حيوية تم تكليفهم بها مثل النظافة والإنارة العمومية، لذلك لا عجب أن يسقط هذا الملف في العشوائية وتعقد لقاءاته في سرية تامة لأن الحصيلة أصفار على الشمال.
يعرف تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل مستجدا مثيرا يتمثل في الإعلان عن رحيل شركة أمانديس التي لا تكاد تتوقف الاحتجاجات ضدها، وتعويضها بالشركة الجهوية متعددة الخدمات، فهل ستشكل هذه الشركة إضافة للمدينة والجهة عموما، خاصة في ما يتعلق بفاتورة الاستهلاك والاستثمار في البنية التحتية؟
عقِب إحداث مجموعة الجماعات الترابية “طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع” بقرار السيد وزير الداخلية رقم 39 الصادر بتاريخ 08 أكتوبر 2024، وانتداب 154 جماعة وعمالة وإقليم التابعة للجهة لمندوبيها بهذه المؤسسة المنتخبة الجديدة الذي سيصل عددهم إلى 171 عضوا، وتأسيس الشركات الجهوية متعددة الخدمات وفق قانون 21/83 التي سيعهد لها تدبير خدمات توزيع الماء الصالح للشرب والتطهير السائل والإنارة العمومية عند الاقتضاء حسب منطوق المادة الأولى من القانون المذكور، وذلك بواسطة عقد يجمع بين صاحب المرفق (مجموعة الجماعات..) والشركة الجهوية متعددة الخدمات. عقب هذا الإحداث تتبادر للذهن كما تفضلتم العديد من الأسئلة لعل أبرزها، هل ستتعزز الديموقراطية المحلية بهذا المولود الجديد أم هو شكل آخر من أشكال سحب الاختصاص من المجالس المنتخبة؟ هل ستعرف فاتورة الاستهلاك استقرارا أو ارتفاعا في عهد الشركات الجهوية؟
دخلت مدينة طنجة لهذا النمط الجديد من التدبير منذ مصادقة مجلسها الجماعي شهر يوليوز 2024 على الاتفاقية الخاصة بإحداث مجموعة الجماعات الترابية “طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع”، وانتدابه في دورة استثنائية لاحقة بتاريخ 30 أكتوبر 2024 ثلاثة من أعضائه ليمثلوه في هذه المؤسسة الجديدة. أتى هذا النمط من التدبير للتغلب على الصعوبات التي عرفها نمط التدبير المفوض، وقد أورد المجلس الأعلى للحسابات الملاحظة التالية في تقريره الصادر سنة 2014: “في مجال التوزيع، تقوم الشركات المفوض إليها بفوترة بعض الخدمات في غياب أي أســاس تعاقــدي أو قانوني، بل وأحيانا في غياب الإنجاز الفعلي للخدمات. ويتعلق الأمر على الخصوص، بالأتاوى المعمول بها بفضاءات الأداء، وبفوترة التطهير السائل على الرغم من عدم الربط بشبكة التطهير السائل، والفوترة مع الحد الأدنى (علما أن هذه الطريقة الأخيرة تم إلغاؤها في مارس 2011(، والواجبات المترتبة عن عمليات وضع وإزالة العدّادات، إضافة إلى مصاريف الإشعار ومصاريف قطع وإعادة التزويد، وكذا تضخيم فواتير الأشغال المنجزة لحساب أصحاب التجزئات”.
كل هذا تسبب في الزيادة في التسعيرة حيث تضاعفت الفواتير مقارنة بما سبق، واعتمدت على أسلوب التقدير للاستهلاك عوض مراقبة العدادات، مما أدى إلى نشوب احتجاجات خطيرة بمدينة طنجة هددت السلم والاستقرار الاجتماعيين.
إن هذا القطاع الاجتماعي الحيوي الذي كانت تدبره الجماعات الترابية، قد يُخوصص، فالفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من قانون 21/83 تنص على ما يلي: “يمكن للشركة فتح رأسمالها للقطاع الخاص على ألا تقل، في جميع الأحوال، مساهمة الدولة عن 10 بالمائة”. بمعنى أن 90 بالمائة من رأس مال الشركة سيَفتح أبوابه على مصراعيها للقطاع الخاص الوطني والأجنبي ليضع يده على هذه الشركات. وكلنا يعلم أن هدف القطاع الخاص هو مراكمة الأرباح بعيدا عن منطق الخدمة العمومية لتحقيق حاجيات الساكنة. إن خوصصة قطاع استراتيجي واجتماعي وتسليعه، وجعله خاضعا لقانون العرض والطلب، دون مراعاة للوضعية الاجتماعية للمواطنين، خاصة في الفترة الراهنة التي تعرف تضخما يُرى أَثره الواضح في السوق حيث الغلاء الفاحش في جميع المواد الاستهلاكية، وتفاقم ظاهرة البطالة التي تجاوزت 21 بالمئة حسب الإحصاء الأخير، وفَقدِ الاقتصاد الوطني ما مجموعه 82 ألف منصب شغل خلال الفصل الثاني من سنة 2024، وتراجع نسبة النمو، يعد مغامرة غير محسوبة العواقب، قد تتضاعف ارتداداتها ـ لا قدّر الله ـ خاصة بوجود فاعل سياسي ضعيف عاجز عن التواصل مع المواطنين. لذلك لا يمكن الجزم بكيفية انعكاس هذه الشركات على فاتورة الاستهلاك حتى تنزيلها وبداية اشتغالها.
أثار تنقيط فيفا المتدني لمدينة طنجة في سياق استعداد المغرب لاحتضان كأس العالم 2030، الكثير من الجدل وسط الساحة المحلية،
كيف تلقيت هذا التنقيط، خاصة وأن التقييم فعلا وقف على العديد من النقاط السلبية التي تعاني منها طنجة، خاصة على مستويات، الازدحام والنظافة والنقل؟
بعد خمس محاولات فاشلة سيحتضن المغرب نهائيات كأس العالم 2030 بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال، وهي النسخة التي ستنظمها ثلاث قارات (إفريقيا، أوروبا، أمريكا اللاتينية)، وهذا التنظيم المشترك سيقلص فاتورة الاحتضان، فكلفة المغرب ستبلغ ما بين 50 و60 مليار درهم كتقدير أولي. وهو حدث مهم نتمنى أن ينعكس على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل إيجابي، وأن يرتفع الناتج الداخلي الخام. وأن يشكل قاطرة لتقدم الرياضة المغربية التي تعرف صعودا ونزولا، ففي الوقت الذي يتم التركيز فيه على المنتخب الوطني، تعيش البطولة الوطنية الاحترافية أوضاعا لا تمت للاحتراف بصلة، خاصة في مجال البرمجة، وحرمان بعض الفرق من الاستقبال بميدانها. كما يتوجب محاسبة بعض الجامعات الرياضية التي بصمت على مشاركة هزيلة في الألعاب الأولمبية التي نظمت بباريس صيف 2024.
وفي إطار تقييم مدن المونديال، زارت لجنة خاصة تابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم المدن المغربية الستة التي ستستقبل مباريات كأس العالم، فجاءت نتيجة تنقيط طنجة مفاجئة للبعض خاصة أن التصنيف اعتبرها أضعف مدينة من المدن 17 التي ستحتضن المونديال. فقد حصلت طنجة على 2.6/5 في المواصلات والتنقل، وعلى 2.2/5 في الإقامة والسكن. الذي يعش في مدينة طنجة يعي جيدا الإشكالات المطروحة في مجال السير والجولان والاكتظاظ المهول التي تعيشه المدينة داخل السنة دون الحديث عن فصل الصيف والعطل. من الأسباب الرئيسية لذلك هو التزايد الديموغرافي الكبير، ففي الإحصاء الأخير حلت مدينة طنجة في المرتبة الثانية في عدد السكان بعد الدار البيضاء. حيث عرفت المدينة إنشاء مجموعة من المناطق الصناعية (كزناية، مغوغة، المجد)، والشركات الكبيرة مثل رونو، والمشاريع التنموية العملاقة مثل الميناء المتوسطي، التي تستقطب الآلاف من اليد العاملة المتدفقة على المدينة. لكن هذا التطور الديموغرافي لم يواكبه تقدم في البنية التحتية، رغم المجهودات المبذولة وعلى رأسها مشروع طنجة الكبرى. لكن المدينة تكبر بشكل عشوائي، ولازالت تعرف البناء غير المنظم. فالاختناق المروري، وغياب التشوير الطرقي، وهيمنة القطاع غير المهيكل خاصة في النقل، وعدم توفر المدينة على العدد الكافي من الفنادق الصغيرة والمتوسطة التي يقصدها جمهور الكرة، وضعف الطاقة الإيوائية فطنجة تحتوي على 19.000 سرير بينما مراكش تتجاوز 60.000 دون المقارنة مع المدن الإسبانية. كما أن محيط الملعب غير مهيأ، ومرائب السيارات غير كافية ولا تلبي إلا 20 بالمائة من احتياجات جمهور المونديال. كل هذا جعل تنقيطها متدنيا.
مع ذلك يمكن الرهان على الفاصل الزمني المتبقي لتنظيم المونديال، والميزانيات المرصودة، التي نتمنى ألا يهمين على صفقاتها تضارب المصالح الذي هو سائد مع حكومة الكفاءات الوهمية الحالية، واستفادة الشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة من مشاريع المونديال لتدارك النقص الحاصل الآن.
الملاحظ أن حضور حزبكم سواء داخل المجلس الجماعي أو على مستوى مجالس المقاطعات، لم يصل بعد للمستوى المطلوب، وللمعارضة التي سجلها قبل مشاركتكم في التدبير المحلي سنة 2016، ألم تتأقلموا مع وضعكم الجديد وما أفرزته نتائج انتخابات 2021، أم أن للأمر علاقة أخرى؟
لا يمكن قياس معارضة ما بعد 2021 مع معارضة ما قبل 2015، لأن الأولى جاءت بعد سقوط انتخابي غير طبيعي أثار سؤال الجدوى من العمل السياسي الذي تحكمه قوانين انتخابية يتم إعدادها في الدقيقة التسعين، وبالتالي انعكاس ذلك على نفسية مناضلي الحزب ومنتخبيه، الذين سجلوا أداء تاريخيا في تدبير الشأن المحلي، وبصموا على تجارب نوعية، خاصة في مدينة طنجة التي تأكد بالملموس بعد مرور أكثر من نصف ولاية المجالس الحالية أننا عدنا بالمدينة إلى الوراء، وأن ما تم تحقيقه في 2015-2021 يتم التراجع عنه بالجملة. فالمكاتب المسيرة الحالية هي في حالة انهيار غير معلن، لا تعقد اجتماعاتها إلا قُبيل الدورات ومنها من لا يعقدها أصلا لأن عددا من المنتخبين المحليين إما في حالة فرار، أو متابعة قضائية، أو استقالة عملية من المهام التدبيرية. أما الثانية فكانت إبّان الصعود السياسي لحزب العدالة والتنمية الذي لم يسبق له تدبير شؤون الجماعة والمقاطعات، والتي تميزت بالقوة كرد فعل على السطو على الأغلبيات التي شكلها حزبنا حينها (2009-2015) لتدبير المدن من طرف الوافد الجديد.
أما فريقنا الحالي بمجلس جماعة طنجة فهو الفريق الوحيد الذي صوت بالرفض على الرئيس الحالي، وهو صَوْت المعارضة الأول، لا من حيث انضباطه في الحضور، ولا من حيث عقد اجتماعاته المتوالية لمناقشة شؤون المدينة وجدول أعمال الجماعة، ولا من حيث تدخلاته القوية والوازنة أثناء انعقاد دورات مجلس طنجة، وخرجاته الإعلامية مع المنابر المحلية التي يبدو أنها أخافت عمدة المدينة.