دعا الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي إلى عقد لقاء عاجل، من أجل مناقشة واستيضاح الوضعية الحرجة المرتبطة بالحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان في مجال ضمان الأمن العام.
وجاء طلب الائتلاف بعقد اللقاء، بعد عدم تلقيه أي رد من المديرية العامة للأمن الوطني على المذكرة التي وجهها في 12 شتنبر الماضي، والتي طالب من خلالها بالتعامل الحقوقي في مجال ضمان الأمن العام، وطرح فيها تشخيصا للوضع، ودعا المديرية إلى تقديم الملاحظات والمقترحات في الموضوع، قصد إيجاد حلول للوضعية الراهنة.
وأكدت المذكرة على أهمية ضمان ممارسة المواطنين للحريات العامة في مناخ عام، يسوده الاستقرار والثقة والأمن، متوقفة على ما عرفه المغرب من صراعات ساد فيها قانون القوة كشفت عنها هيئة الإنصاف والمصالحة، التي سعت إلى معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وصفحات سنوات الرصاص.
وجاء في مذكرة الائتلاف للحموشي “إننا على يقين بأنكم من باب مهامكم، تعلمون محنة حرية التعبير والرأي والتجمع، والتي تبرز مظاهرها في الكثير من الممارسات، والتي نذكر البعض منها مثل محنة العديد من الجمعيات، في إيداع ملفاتها القانونية لدى السلطات، ومن حقها في وصل الإيداع المؤقت والنهائي، ومحنة منع العديد من الوقفات السلمية، ومحنة منع عقد العديد من الندوات بالمرافق العمومية، ومحنة محاصرة القوات العمومية لمحتجين عند ممارسة حقهم في الإضراب، أو الاحتجاج السلمي، وهي المظاهر السلبية التي تنتهي بالإفراط في استعمال القوة لفض التظاهرات السلمية”.
وأبرز الائتلاف في المذكرة وعيه بأن سلوك المواجهة الأمنية غير المتناسبة والضرورية، والعنيفة أحيانا مع حرية التعبير والاحتجاج المعترف بها دستوريا، وإن كان لا يمارس من كافة رجال الأمن، أو من فرق التدخل كلها، إلا أن حالات الاعتداء والمحاصرة والملاحقات قائمة، بل وتتسع في بعض المدن والمناسبات، معتبرا أنه من الأجدر أن يكون سبب تواجد قوات الأمن في هذه أماكن الاحتجاج يحمل دلالات قانونية أقوى، وهو حماية المتظاهرين.
وأكد الائتلاف الحقوقي أن المقاربات المبنية على الحوار، والتواصل والاقتراح والاستماع، ينبغي أن تُبنَى عليها علاقات المواطن بالإدارة وبالسلطة وبالقانون وبالسلوك، وهي تؤدي غالبا إلى تجاوز الأزمات، ووضع معايير التغلب على الصعاب، والمؤسسة الأمنية لا بد وان تكون العين البصيرة على سلامة وحقوق المواطنين المعبرين عن قناعاتهم، وعن آرائهم السلمية والعلنية والشفافة، ولا بد أن تنهض بحماية القيم الدستورية.
وأشارت المذكرة الموجهة إلى المدير العام للأمن الوطني أن الدستور يفرض على كل السلطات احترام القانون وحقوق الإنسان، ومنها السلطة الأمنية، ويلح على حق المواطن في السلامة البدنية ومنع التعذيب والمعاملة السيئة والمهينة، ويقر بحقه في المشاركة في تدبير الشأن العام، سواء بمؤسسات التمثيل أو برأيه وباقتراحاته، وبمطالباته في كل المجالات، وكل هذه الأشكال الدستورية من صور المشاركة المواطِنة، تفرض فتح كل الفرص أمامهم بل وتشجيعهم على إسماع أصواتهم لإبلاغ انتقاداتهم أو ملاحظاتهم، ومن شأن منعهم أو عرقلة ممارستهم تلك، أن يعتبر تقويضا لالتزامات المغرب الدولية في مجالي الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولما حمله دستور يوليوز 2011، في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية .
واعتبر الائتلاف أنه حان الوقت لدمج المقاربة والسياسة الأمنية ضمن مقاربة حقوقية شاملة، تستظل بروح ومضمون الدستور، وتتعامل ببعد حمائي، يضمن الممارسة الحقيقية للحريات العامة، ولحقوق المواطن في التعبير والرأي والتجمع والتظاهر السلمي، فلا يمكن للأجهزة الأمنية إلا أن تساهم في ترسيخ وبناء مجتمع التضامن والحريات.
وأكدت المذكرة على ضرورة تفعيل مبدأ المسؤولية والمحاسبة كما عبر عنه الدستور، والتي لا تستثني أحدا من المسؤولين أو من القطاعات، والرفع من إجراءات المراقبة والتحقيق في مجال الممارسات الأمنية عند التعاطي مع الجمهور ومع نشطاء حقوق الإنسان، وتفعيل المسؤولية التضامنية للفرق الأمنية في ذات الموضوع وغيره، والتوقف عند كل تجاوز أو انحراف في تنفيذ التعليمات وحفظ النظام، واتخاذ الإجراءات في حق من يستعمل الشطط أو الانتهاك في العمل الأمني، وتفعيل لجن التحقيق والتقصي، وتقديم الاعتذار للضحايا وللرأي العام.
كما دعا الائتلاف إلى تعميم المعلومة والنصوص التنظيمية على الرأي العام ليتعرف عن قرب كيف تتخذ القرارات الأمنية ومن يتخذها وكيف تنفذ اتجاه الجمهور، وبيان معاني الإخلال بالنظام العام و طبيعته وحدوده، ومراقبته وطرق التدخل لحفظه، ومن يأمر باستعمال القوة وكيف تستعمل.
وتوقف ذات المصدر على ما يجري في غزة، ودعا الحموشي إلى إصدار الأمر بالتعامل بكل إيجابية مع وثيرة التضامن، والابتعاد عن أية مضايقات بمناسبات تنظيم تظاهرات ووقفات مناصرة لغزة والغزاويين، تقديرا لمشاعر المغاربة، وأواصر التضامن القوي بين الشعب المغربي والشعب الفلسطيني، وان تتعامل القوات الأمنية بحياد وموضوعية بين كافة المواقف والتعابير المختلفة الرسمية والشعبية، اتجاه الحرب على غزة، والمواقف المعبر عنها اتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني.