في خطوة تعتبر تاريخية بالنسبة للعلاقات المغربية-الفرنسية، أفادت تقارير صحفية بأن فرنسا تستعد لتسليم المغرب نحو 2.5 مليون وثيقة من الأرشيف المتعلق بفترة الاستعمار الفرنسي، بما يشمل الفترة من 1912 إلى 1956، وهي فترة الحماية، وكذلك وثائق سابقة تعود إلى التوسع الفرنسي نحو واحات الصحراء الشرقية المغربية ابتداء من 1881.
وقد ظلت هذه الوثائق التي تمثل جزءً كبيرا من الذاكرة الوطنية المغربية محفوظة في الأرشيف الوطني الفرنسي طوال عقود، مما جعل استرجاعها مطلبا طويل الأمد من قبل المغرب، الذي يرى فيها أداة لإعادة توثيق جزء مهم من تاريخه المعاصر.
ويرى محللون أن هذه الخطوة مهمة نحو تصحيح التاريخ وفتح صفحة جديدة بين البلدين. خصوصا أنها تأتي في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، والتي كانت محطة أساسية في مسار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
وحول تأثير هذا الموضوع على العلاقات الثنائية بين الجزائر والمغرب، أوضح الخبير في القانون الدولي وفي قضية الصحراء المغربية، أحمد نورالدين، أن تسليم فرنسا لحوالي 2.5 مليون وثيقة من الأرشيف لها علاقة بالمغرب سواء في فترة الحماية أي من 1912 إلى 1956، أو حتى قبل ذلك أي منذ دخول احتلال فرنسا للجزائر، وتوسعها التدريجي نحو واحات الصحراء الشرقية المغربية ابتداء من 1881، يعتبر خطوةً طبيعية وقانونية تجاه المغرب.
وأضاف نور الدين شارحا في حديثه لـ”العمق”: “طبيعية لأنها تعيد “ما لقيصر لقيصر” كما يقول المثل، فالأمر يتعلق بجزء من الذاكرة المغربية ومن التاريخ المغربي، ومكانه الطبيعي هو مؤسسة أرشيف المغرب. ومن جهة أخرى هي خطوة قانونية لأنّها تندرج ضمن الالتزامات الفرنسية الموقعة بين البلدين، وهذا جزء منها وستتلوه أجزاء أخرى”.
وأكد الخبير في الشأن الصحراوي، أن النظام العسكري الجزائري، “ليس بحاجة إلى حجة أو سبب من أجل الزيادة في منسوب العداء والحقد والكراهية ضد المغرب، لافتا إلى أن النظام الجزائري وصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب من جانب أحادي في غشت 2021، وقطع الأجواء على الطيران المغربي بما في ذلك الرحلات التي تنقل حجاج بيت الله الحرام المغاربة إلى مكة المكرمة”.
وتابع: ” وهي خطوة في العادة لا يتم اتخاذها إلا في حالات الحرب. أما التصريحات العدوانية والتي تتهجم على المغرب والصادرة عن رئيس الجمهورية الجزائرية وقادة الجيش الجزائري وغالبية كبار المسؤولين فهي أكثر من أن يتم حصرها في مجلدات وليس مجلد واحد”.
وقال: “يكفينا أن نذكر بأن الرئيس عبد المجيد تبون صرح أمام الصحافة الدولية أن العلاقات مع المغرب وصلت إلى “نقطة اللاعودة”، مما يعني الحرب، وأعلن في تصريحات أخرى انه يرفض وساطة رؤساء دول عربية وإفريقية وأوربية للمصالحة بين البلدين مما يعني أيضا أن الجزائر اختارت الحرب، وفي موقف ثالث رفضت الجزائر رسميا إدراج نقطة المصالحة مع المغرب ضمن جدول أعمال القمة العربية المنعقدة في الجزائر”.
وأشار الخبير المغربي، إلى أن هذا يغنينا عن باقي التصريحات التي تصف المغرب بالعدو الكلاسيكي والاستراتيجي، الصادرة عن قائد الجيش الجزائري، وغيره من المسؤولين السياسيين والعسكريين، موضحا أن “الإعلام الرسمي الجزائري فحدث ولا حرج عن الحرب القذرة التي يخوضها يومياً ضد المغرب دولة وشعبا ورموزا، وقد لاحظتم وسجلتم الشريط الإخباري الذي بثه التلفزيون الجزائري بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء، والذي وصف المغاربة بأشنع الأوصاف التي يندى لها الجبين”.
وخلص نورالدين إلى أن “العدوان الجزائري، مستمر ضد المغرب منذ نصف قرن على الأقل في قضية الصحراء، والأرشيف الذي سلمته فرنسا للمغرب، ليس هو من سيضيف شيئا لهذا العداء والعدوان، فقد بلغ منتهاه بما في ذلك الهجمات المسلحة على طول الحدود من السعيدية حيث قتل الجيش الجزائري ثلاثة شبان كانوا يلعبون بدراجات مائية، إلى واحة العرجا بفكيك حيث اقتحم الأراضي المغربية وطرد القلاحين منها، وصولا على الهجمات الإرهابية في المحبس منذ أيام قليلة وبقية العمليات في الصحراء المغربية”.