الجمعة, مارس 21, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيإعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا ، المغرب في...

إعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا ، المغرب في قلب التحولات الاستراتيجية


تشهد منطقة شمال إفريقيا وجنوب أوروبا تحولات جيوسياسية عميقة تعيد رسم خارطة النفوذ العسكري والسياسي. سياق برزت فيه المملكة المغربية كلاعب محوري، مستفيدة من موقعها الإستراتيجي ورؤيتها التنموية الطموحة.
الولايات المتحدة اليوم والتي تتجه نحو إعادة توزيع انتشارها بما ينسجم مع المستجدات الإقليمية والدولية. لم تعتمد على تحالفاتها التقليدية بقدر ما أصبحت تبحث عن شراكات أكثر فاعلية وبراغماتية، وهو ما يفسر إهتمامها المتزايد بالمغرب كبديل إستراتيجي محتمل عن إسبانيا، التي تواجه تحديات داخلية وإقليمية تضعف موقعها الاستراتيجي.
في ذات السياق، برز الحديث عن إمكانية نقل قاعدة “روتا” العسكرية من إسبانيا إلى المغرب، وهو توجه أثار قلق مدريد التي تبذل جهودا دبلوماسية وإعلامية مضنية لإجهاض هذا المخطط والحفاظ على نفوذها العسكري ، مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية وقيعت عقد بقيمة 822.4 مليون يورو بين قواتها البحرية وشركة “نافانتيا” الإسبانية لصيانة سفنها العسكرية في قاعدة “روتا” حتى عام 2028، مما يؤكد استمرار التواجد الأمريكي في إسبانيا.
في المقابل، اختارت فرنسا نهجا أكثر براغماتية، إذ أدركت أن النفوذ الأمريكي في شمال إفريقيا لم يعد محصورا في الأبعاد الدبلوماسية والاقتصادية، بل بات يمتد إلى المجال العسكري. لذلك، بدلا من مقاومة هذا التحول، عمدت باريس إلى التكيف معه عبر تعزيز تعاونها العسكري مع المغرب، والذي تجسد من خلال الزيارة الأخيرة لرئيسها ماكرون بتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين، و توقيع عقود بقيمة 10 مليارات يورو، جسدت رغبة باريس في تعزيز حضورها في المنطقة، رغم التوترات المحتملة مع الجزائر بسبب الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على صحرائه ودعمها كدولة عضو بمجلس الأمن لمقترح الحكم الذاتي .
تعاون عسكري غير مسبوق جسدته فرنسا من خلال مشاركة قواتها العسكرية في تداريب ومناورات “الشركي” والتي أقيمت في المناطق الشرقية من المملكة المحادية للحدود الجزائرية.
المملكة المغربية ، والتي تبنت مقاربة استراتيجية متكاملة تجمع بين تعميق شراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة، وترسيخ رؤيتها التنموية الطموحة، مع إبقاء جنوب المملكة منطقة جذب اقتصادي عالمي بدلا من تحويله إلى بؤرة عسكرية خالصة. سياسة تعكس وعيا دقيقا للمغرب بالرهانات الجيوسياسية، إذ يدرك صانعو القرار أن التركيز على التنمية والإستقرار هو السبيل الأنجع لتعزيز مكانة المغرب كلاعب محوري في المنطقة.

ختاما وسط كل هذه التغيرات، تجد إسبانيا نفسها أمام مأزق جيوسياسي حرج، إذ تخشى فقدان دورها كحليف إستراتيجي للولايات المتحدة، بينما تسعى فرنسا إلى إعادة التموضع بطريقة تضمن لها إستمرار نفوذها دون الدخول في صدام مباشر مع واشنطن. أما الولايات المتحدة، فهي تمضي قدما في إعادة ترتيب أولوياتها الإستراتيجية وفق معايير جديدة، تضع في الاعتبار الإستقرار السياسي والرؤية التنموية للشركاء المحتملين، مما يجعل المغرب أحد أبرز المستفيدين من هذه التحولات الجيوسياسية الكبرى.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في قضية الصحراء المغربية
نائب رئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات